الرجوع عن الخطأ فضيلة أم… ! / د. يحيى محمد ركاج

 

د.يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الأربعاء 29/4/2015 م …

 *باحث في السياسة والاقتصاد.

ساعات قليلة فقط حملت في ثناياها ما حملت من تبدلات وتحركات دولية بدت للوهلة الأولى كأنها سيناريو جديد أو مخطط جديد يُحضره الغرب المتصهين ومعه الولايات الصهيوأمريكية المخربة للمنطقة العربية ومنطقة شرق المتوسط بعد أن فشلت أو أفشلت سورية بصمودها سيناريوهاتهم السابقة، وبالتأمل البسيط لما جرى من وقائع مضت انطلاقا من الخليج العربي والعدوان على اليمن ومن ثمَّ تحديد مسؤولية البدء به وإيقافه، إلى السعار الذي بات يحاول قضم مناطق محاذية للحدود التركية من سورية خاصة تلك المناطق الوعرة كإدلب وجسر الشغور، والمترافق مع إشعال النار وإذكاء التوتر في الممرات المائية التي أصبحت السيطرة عليها مقسومة بين أكثر من حلف وتيار في العالم, وصولاً إلى مجموعة الحوادث التي تبدو للوهلة الأولى عرضية وليست ذات أهمية، فإننا نجد أن الشيطان الأمريكي قد بدأ بتنفيذ المراحل الأخرى من تقرير حدود الدم الذي سُرب في فترة سابقة عمداً، والذي أشرت إليه في فترات سابقة بما يتضمنه من تفتيت دول المنطقة العربية وبعض الدول المجاورة لها وأخص بالذكر هنا سورية والعراق عموماً وشبه جزيرة العرب ومنها المملكة العربية السعودية على وجه الأهمية والخصوص.

لقد دفعت الولايات المتحدة الأمريكية دول العربان عموماً ودول منطقة الخليج العربي إلى واجهت الأحداث التي تساعدها في تنفيذ مخططاتها حتى في بلدانهم، فاستجاب معظم قادة هذه الدول لمخططاتها، وأصبحوا عن جهل وغباء أصحاب المخطط أكثر من واضعيه، فعملوا وأكثروا حتى وصلوا إلى ذروة التوترات التي لا عودة عنها دون خسائر كبيرة أو انهيار وتفتت.

 وقد تجلت بعض هذه الخسارات في أحداث اليمن وما آلت إليه من تفكك وتشرذم عربي نتج عنه مهاجمة الدول وقادتها وإهانة شعوب وأمم أيضاً لمجرد اتخاذهم مواقف مغايرة لمواقف الخليج، مما أضعف النفوذ العربي في المنطقة لصالح تيارات كثيرة مهادنة ومؤيدة للكيان الصهيوني، وتجلت أخطرها في ما آلت إليه جلسة مجلس الأمن من سجال عربي بعيداً عن موضوع الجلسة المخصصة للكيان الصهيوني والتي اختتمها المندوب السوري في مجلس الأمن بحديث مخفف عم اعتدنا سماعه منه في حال دفاعه عن بلاده سورية. آملاً في أن ينتبه الأشقاء للنار التي أوقدوها وبدأت تلسع بلهيبها الخليج عموماً والمملكة على وجه الخصوص، وأيضاً تجلت في تصريح للبعض بأن المسلمين مستعدون لمساندة الكيان الصهيوني في وجه النووي الإيراني بدلاً من حثهم على العمل على امتلاك القوة الرادعة للجميع عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم أن المسلم القوي خير وأحب إلى الله من المسلم الضعيف.

ويعتقد بعض الخبراء من كتاباتهم أن حادثة مجلس الأمن ومن قبلها أحداث اليمن قد كشفت إدراك بعض الدول الخليجية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية للموقف الذي أوصلتهم إليه الولايات المتحدة الأمريكية، وباتوا يخشون أنهم في نقطة لا يمكنهم التراجع عنها رغم معرفتهم أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، الأمر الذي سوف يقودهم دائماً للهروب نحو الأمام وإلى مزيدٍ من التوتر درءاً لما قد تحمله الأوضاع الداخلية والدولية والإقليمية لهم من تطورات ومفاجآت.

وفي الوقت نفسه فإن ما يتمناه معظم المثقفين العرب والمسلمين بعيداً عن عواطف الشعوب واندفاعها الذي بات متأثراً بالتشنجات التي عمل البعض على غرسها في الشارع المتابع له من تيارات دينية وعلمانية وغيرها من باقي التيارات المستترة بعباءة الوطنية والإخلاص، أن تكون المملكة ومن خلفها باقي دول الخليج قد أدركوا ما يخطط لهم، وأن الأحداث الأخيرة باتت تستهدف استقرارهم وأمنهم وتفتيت دولهم أكثر من أي وقت مضى، وأنهم من قاموا بتنفيذ خطواتها الأولى. خاصة أن الفوضى باتت تهدد المملكة.

فهل بين العربان من يريد الفضيلة قبل فوات الأوان، أم ما زال العربان يعتبرون  الرجوع عن الخطأ رذيلة، فسورية كانت ولا زالت مفتاح النجاة لهم من كل المخططات الأمريكية، وهي اليوم بصمودها تفرض على الولايات المتحدة والغرب استخدام أوراقٍ لم يكن مقررا استخدامها في هذه الفترة المبكرة من سيناريوهات تطبيق تقرير حدود الدم، ولا ينخدع البعض بما نشهده في الأيام القليلة من سعار الكلاب الضالة نحو إدلب وجسر الشغور وباقي المناطق الحدودية الأخرى لأنها ليست إلا عملية تصفية تقوم بها الولايات المتحدة وحلفائها لفئة ليست بالقليلة من الرجال المستعدين للشهادة في سبيل الله دفاعاً عن أرض الحرمين في حال تقسيمها وتفتيتها وفق تقرير حدود الدم نفسه.

عاشت سورية حاضنة العرب والعروبة وأملهم في الثبات والنجاة بإذن الله أرضاً بارك رب العزة حولها في القرآن الكريم

قد يعجبك ايضا