صور وذكريات / يوسف جمّال

نتيجة بحث الصور عن البارودة الانجليزية

يوسف جمّال( فلسطين ) الثلاثاء 30/1/2018 م …




قبل ان يَلقى عمي “أبو فايز” ربه بأيام.. جلسنا حوله، وحدَّثنا.. وكأنه أراد أن يترك لنا وصيَّة، لعل فيها فائدة لنا من بعده..
بدأ يحكي..
وهو يقلّب بحنان يديه، بارودته الإنجليزية، التي ورثها عن أبيه، ورافقت شبابه وشيخوخته.. هذه البارودة.. ما خرجت منها طلقة باتجاه ناسنا..
كان يحكي.. وهو يحاول ان يخترق فهمنا وإحساسنا..
صيد!؟ أه.. زفة عريس!؟ آه.. عدو!؟ آه..
مرة ” تسلّط ” على البلد حرامي.. كل يوم سرقة..حلال.. غلة.. ثمار..
فقررت.. ان أخلِّص الناس منه.!
“فربطت ” له وراء شجرة، في طريق البلد..
ولما سمعتُ هسفات رجليه..عيَّنت عليه “كحَّشتها” وقلت : “يا مسهِّل”.!
فلم تنطق..!
شدّيت عليها مرة أخرى..
خرسا.. طرشا.!!
أول مرة بتخوني..عمرها ما عملتها..!
ولما قبض عليه، أهل البلد، بعد أشهر.. تبيَّن ان وراءه عشرة أفواه بدها.. توكل وتشرب..
وما عنده “لا ورا ولا قدّام..”!
فقلت:  والله مبيِّن انتِ أفهم مني.!
مات أبو فايز، وترك بارودته معلَّقة بالمسمار، في البيت القديم..
دائمًا أتذكَّر بارودة أبي فايز، عندما تحمل لنا وسائل الإتصال،  أخبار البواريد، التي تطلق رصاص قتلها على ناسنا..
فتقتل ما تقتل..!
وتجرح ما تجرح..!
وترمِّل ما ترمًل..!
وتيتم ما تيتِّم..!
وتخوِّف..!
بارودة أبي فايز، موجودة في متحف للتراث، في متحف للتراث العسكري في إحدى المدن اليهودية.
بعد موته بسنوات هاجمت سيارتان عسكريتان بيته القديم.
وأنزلت البارودة  عن مسمارها، المعلقة فيه  على صدر بيته.
على اللافتة التي تعرّف الزائرين للمتحف، ببارودة عمّي أبي فايز كُتِب:
“هذه البارودة، استعملت لمهاجمة القوات اليهودية التي احتلت وادي عارة، ومن طلقاتها أصيب الكثير من مقاتلينا..”.
ولم يكتبوا أنه لم تطلق منها، ولو طلقة واحدة على العرب.!
والسؤال الذي “يطخ” عقولنا، في كلِّ يوم بل في كل دقيقة:
لمن موجه هذا السلاح، الذي يملأ بيوتنا وأيدينا..!؟
كلنا نعرف الجواب.!
رحم الله عمي أبا فايز..
لأنه لم يعش في عصر الجاهلية..
لقد كان هذا العصر  قبله.. ورجع بعده.!
(عرعرة)

 

قد يعجبك ايضا