نحن مع العراق ، بإمارة إيه ؟ / احمد الحباسي

احمد الحباسي ( تونس ) الأحد 14/1/2018 م …




صدقونى  ، للأسف ، لا أحد يقف مع العراق  سوى الشعوب العربية  التى لا حول لها و لا قوة خاصة بعد أن وزعت السعودية الارهابيين على كل دولة عربية بالتقسيط و بالجملة ، كل هؤلاء الزعماء و السياسيون العرب  الذين  نسمع نعيقهم يوميا فى وسائل الاعلام  يؤكدون و يعيدون التأكيد و يصرون و يعيدون الاصرار  بأنهم مع وحدة العراق و مع  تعافيه و رجوعه الى ” حضن ” الامة العربية ، كأن الامة العربية لا زال لديها حضن من الاساس ، كاذبون منافقون دجالون ، لمن يصر على العكس أقول هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين  ، من يقف مع العراق ؟  لا أحد … بالبنط العريض ، فقط هناك شعارات  مناسبات و هناك مشاعر كاذبة تطلق و هناك أمنيات خبيثة تقال لكن الحقيقة مرة  و الحقيقة الماثلة أمامنا منذ احتلال بغداد سنة 2003  تقول أن العرب مسحوا ايديهم من العراق و من مشاكل احتلال العراق و من مصير العراق و شعب العراق ،  طبعا لكل قاعدة استثناء  و الاستثناء الوحيد أتى من الفكر السعودى الوهابى الذى وجه مساعدات ارهابية  و مول وصولها الى كل بيت عراقى و سلحها التسليح المناسب حتى تدافع عن المصالح الامريكية ظنا منه أنها نفس مصالح شعب العراق او هكذا يقول .

بطبيعة الحال  كتب الجميع عن تدخلات الدول العربية المجاورة سلبيا فى الشأن العراقى من باب تأجيج الاوضاع و دفع الناس للحرب الاهلية  و بمجرد مطالعة ما يكتب و ينشر فى وسائل الاعلام نتفهم وجود  صراع اقليمى فى العراق اضافة الى الصراع الدولى الذى تمثله بعض القوى الاجنبية و من بينها و أولها أمريكا و اسرائيل ، هذا التدخل الاجنبى يغذى الصراعات بل يجعلها لا تقف أبدا  رغم بعض بريق الامل الذى يراه العراقيون فى بعض الاوقات القليلة  خاصة بعد أن تمكن الجيش العراقى من دحر فلول الارهاب  و لو بالحد الادنى المطلوب  لان الجميع على قناعة ان الارهاب السعودى كالطابور الخامس و كالعملاء النائمين  لا يزال متخفيا فى عدة صور و أماكن فى العراق فى انتظار  ظروف أفضل ، الذين كتبوا و حللوا  وصلوا الى قناعة راسخة بأن السعودية  تعمل على مزيد إنهاك الوضع العراقى الهش و على كل حال فهى لا تساعد أبدا رغم الشعارات البائسة التى يطلقها النظام  على أن يعود العراق الى قوته باعتباره من الدول القليلة فى المنطقة الذى يملك الارضية العلمية العالية و الثروات الطبيعية القادرة على تغطية احتياجات الشعب العراقى دون الحاجة الى أحد ، هناك رغبة  بأن يسقط العراق بمن فيه و على من فيه و هناك  موافقة ضمنية سعودية على استقلال الاكراد  من باب تفتيت وحدة التراب العراقى .

لا ايران و لا السعودية  قادرتان على مساعدة العراق دون خلفيات ماكرة  و لا سوريا التى تعانى من تبعات التدخل السعودى الصهيونى الارهابى  و لا الاردن الغارقة فى الاوحال المعيشية اليومية و فى رغبة النظام انقاذ نفسه من توابع العواصف الاقليمية المختلفة و لا لبنان السابح فى تناقضاته الطائفية و السياسية  و لا تركيا الباحثة مجددا على  احياء دولة الخلافة و لإنشاء  حلف الاخوان الذى تلاشى فى مصر و فى تونس  قادرون على مساعدة العراق  أو على الاقل تجنيبه ارتدادات و ارهاصات  تدخلاتهم المسيئة فى العراق ، لنسأل السؤال  : أين المساعدة العربية و أين شعارات المساندة ؟ … حتى الجامعة العربية على بؤسها الشديد لم  تعد قادرة على مجرد اصدار بيان يساند الشعب العراقى و يدعو الى عدم التدخل فى شؤونه ، بطبيعة الحال  النظام السعودى يزعم أنه يتدخل لحماية العراق و أرض العراق من التدخل الايرانى  و ايران بالمقابل تنفى التدخل و تهاجم التدخل السعودى فى العراق  ،فأى النيات سليمة و من نصدق و الى متى ستستمر لعبة القط و الفأر فى العراق الشقيق .

ليست هناك دولة فى العالم ليست فيها تدخلات خارجية تحت كل العناوين ، هذا مؤكد ، لكن هل ان الذين يتدخلون فى الشأن العراقى بإرسال الارهابيين  أو “بإرسال ” الفكر الوهابى مثلا  يعينون الشعب العراقى على الخروج من أزمته الخانقة على كل الاصعدة ، هل أن رفض السعودية لحد الان الاستثمار  المادى فى المشاريع العراقية بدل ارسال الارهابيين هو  الحل الامثل لمشاكل العراق  ، هل أن الوقوف مع جزء من الشعب العراقى على حساب أجزاء مهمة أخرى من هذا الشعب هو موقف سليم  ، لماذا لا تبحث السعودية على أن تكون القاطرة التى تجر بقية الدول العربية لمساعدة العراق على تجاوز محنه المختلفة  و صداع التقسيم و آفات الطائفية البغيضة ، لماذا تترك السعودية العراق فى هذه الظروف و لماذا كل هذا الاصرار على استعمال الجماعات و الفكر الارهابى فى العراق بدل استعمال لغة المصالح و لغة الاستراتيجية الاقتصادية و العلمية و الثقافية ،  الى متى ستستمر السعودية فى اذكاء نار الفتن داخل العراق و غيره من البلدان العربية ، من سيقف مع السعودية عندما تحين لحظة السقوط القادمة لا محالة ، متى يستعيد النظام السعودى بوصلته القومية العربية  و متى سيستفيق سلمان ..ان استفاق .

قد يعجبك ايضا