أعيش منشطرا بين الموروث والواقع.. الدّمُ فلسطينيّ وجوازُ السفر إسرائيليّ / شفيق حبيب

 

شفيق حبيب ( فلسطين ) السبت 6/1/2018 م …




**مبعث للإبداع
المكانُ الفلسطينيُّ مكانٌ ثرٌّ إبداعيّاً بسبب التداعيات والإسقاطات على الساحة الفلسطينية، فعندما يسقط ستة ُ شهداءَ في يوم الأرض، فكيف لا يكون المكانُ مُلهـِما إبداعيا من قلب الألم؟.. شأنُ ذلك شأنُ شهداءِ الانتفاضة بآلافهم المؤلفة في الضفة والقطاع، فكيف لا يكون المكانُ هناك أيضا مَبعثا للإبداع؟، وقِسْ على ذلك النزيفَ اليوميّ… فعندما يُحرق المسجدُ الأقصى وتـُسرق كنيسة القيامة وتـُدنّس الأمكنة المقدسة فكيف لا يكون لهذه الأمكنة صرخاتٌ مُدوِّية ٌ في شعري؟.

رأيت ُ النور في “دير- حنا الجليليّة” في 8.12.1941 م الموافق 20.11.1360هـ أنهيتُ دراسَتي الإبتدائيَّة في قريتي والثانوية في ” المدرسة الثانوية البلدية ” بالناصرة… دَرَست ُ بعد ذلك موضوع َ المحاسبة مدة ثلاث سنوات في كلية “بيت هبكيد” ( دار الموظف ) بحيفا – حصلتُ أيضًا على دبلوم الصحافة والعلاقاتِ العامَّة ِ وتحرير الأخبار من “المعاهد البريطانية ” بالقدس، عملت ُ في سلكِ التعليم لفترةٍ قصيرةٍ وأعفيت ُ أو بالأحرى فصِلت ُ من وظيفةِ التدريس ِ من قِبل ِالحاكم ِ العسكري سنة 1961 بسبب مواقِفي السياسيَّة ِ المُلتزمةِ وقصائدي الوطنيَّةِ الحماسيَّة ِ وعدم تأليف قصيدة ابتهاجا بيوم الاستقلال كما طـُلبَ مني آنذاك، عملت ُ بعد ذلك موظفا في البنكِ العربي الإسرائيلي لفترة ٍ قصيرة ٍأيضًا- في مدينة ِ شفاعمرو- ولقيتُ هناك نفسَ المصير ِ حيث فصِلت ُ من وظيفتِي بطلب ٍ من الحاكم ِ العسكري نفسه الذي كان مكتبهُ في شفاعمرو وعملتُ بعد ذلك في مكتبِ حساباتٍ خاص بحيفا واشتغلت ُ في عدَّةِ مكاتبِ محاسَبةٍ مستقلة ٍ (غير حكومية) -حتى استقرَّ بي المقامُ في “شركة ِ الناصرةِ للسياحة ِ المحدودة” – منذ عام 1964… حتى 2016.
لقد بدأتُ مشواري مع الشعر في مرحلة الدراسة الابتدائية، إذ كان يستهويني درسُ المحفوظات بصورة خاصّة، فأحاول تقليدَ تلك القصائد دون أن أدري بأن الشعرَ فنٌّ له قوانينه الصارمة وعالمُـه السحريّ.
واستمرّت محاولاتي أثناءَ الدراسة الثانوية بالنـــاصرة، فتحسّن أدائي كتابة ً ومضمونا وأصبحت ُ أقدِّم درسَ الإنشاء شعرا ً مما حدا بأستاذ العربية آنذاك المرحوم حبيب حزان أن كتب لي ملاحظة في ذيل إحدى القصائد: “سيكون ُ لك مستقبلٌ في دنيا الشعر يا شفيق!!” وما زلت أحتفظ بهذه القصائد والملاحظات منذ أكثر من تسعةٍ وخمسين عاما.
أنـا شاعرٌ خرجَ من صفوفِ الشعبِ حيث التزمَ بقضايا شعبهِ الجماهيريَّة والسياسية والاجتماعية، واعتلى من أجل ِ ذلك عشرات المنابر من جنوب ِ البلاد حتى شمالها مدافعًا عن حقوق ِ الفلسطينيّ في هذه البلاد… تناوَلت ُ في قصائِدي تاريخَ الشعبِ الفلسطينيّ – محليًّا وخارجيًّا – في جميع ِ دواويني، ولو عُدنا إلى دواويني الستة عشر (16) لتجلـّى لنا تاريخ ُ بطولات ومعاناةِ هذا الشعب:كمقارعة الحكم العسكري الجائر ويوم الأرض ومجزرة كفر قاسم وأحداث بيروت الداميةِ في الثمانينيات- وأحداث الانتفاضة وهدم البيوت والنكبة العراقية ومصادرات الأراضي وأزمة السكن – وقد صُودِرَ ديواني “العودة إلى الآتي” وحُوكِمت ُ وسُجِنت ُ جرَّاءَ كتاباتي.
أصدرت ُحتى اليوم ستة َ عشرَ ديوانا شعريا وكتابا نثريّا واحدا تحت عنوان:
“في قفص الاتهام” وهو (وقائع قضائية في معركة حرية التعبير)، تناولتُ فيه القوانين التي اعتقلتني السلطة الإسرائيلية بموجبها، ومحاكمتي على مدى أكثر من ثلاث سنوات بتهمة التحريض ضد الجيش الإسرائيلي ومؤازرة وتأييد الانتفاضة والحثِّ على مؤازرتها، فصودرَتْ مؤلفاتي من بيتي ومن المطبعة والمكتبات وأحرقت بأمر من المحكمــة.
لقد تناولت بهذا الكتاب: أمر مكافحة الإرهاب رقم 22 لعام 1948 وقانون العقوبات لعام 1977.
لقد كنتُ في طليعةِ المدافعين عن الأرض، وشاركتُ في عشرات الاحتجاجات المسيرية والمهرجانات الخطابيّة طولَ البلاد وعرضَها ولم أترك منبراً للدفاع عن قضيتي إلا واعتليتـُهُ مع توفيق زيّاد وإميل حبيبي وتوفيق طوبي وسالم جبران ونشطاء شعبيين وسياسيين وشعراءَ آخرين من الصف الوطني، مما حدا بالشرطة الإسرائيليّة بأن تستدعيني عقبَ كلّ اجتماع جماهيري أو مظاهرة احتجاجية، إلى مركزَي الشرطة في مسغاف- سخنين وعكــــا للتحقيق والتوقيف عدّة ساعات مع أخذ بصمات أصابعي العشرة كمجرم ضالع في جريمته، لكن، لم يحدُث أن اعتـُقِلت أو حوكمت حتى كانت قضيتي زمن الانتفاضة الأولى بتهمة مساندة منظمة إرهابية، فسُجنتُ وغـُرِّمتُ وحوكمت منذ عام 1990 حتى عام 1993 ابتداءً من محكمة الصُّلح بعكــّـا ومروراً بالمحكمة المركزيَّةِ بحيفــــا حتى محكمة العدل العليا بالـقــــدس.
لقد كنتُ أكثر الشعراء الفلسطينيين الذين تناولوا المعارك الشعبية ضدّ المصادرات ودواويني الشعرية تضمُّ دفاتـُها عشرات القصائد عن يوم الأرض الخالد وشهدائه الأبرار والتصدّي والتحدّي الشعبيَّيْن، فلقد نذرتُ قلمي مدى عمري لقضيتي الفلسطينية الشاملة، حتى جاءت الانتفاضة فأخذتُ أعتلي المنابر وأشارك أبناء شعبي بشحنهم بالكلمة الرافضة النابضة الغاضبة، بعدها، قمتُ بجمع هذه القصائد والمواد الأخرى وأصدرتـُها ضمن ديوان يحمل عنوان “العَوْدة ُ إلى الآتي ” عام 1990.
لقد عثرتْ الشرطة على نسخ من هذا الديوان الذي لم يُقدَّم للمراقبة مُسْبَقا ً عند أحد الحواجزعلى أبواب رام الله في الضفة الغربيّة، فأصدرتْ محكمة عكـــا فورا ً أمرَها للشرطة بمصادرة الديوان؛ فدهمتْ بيتي ومطبعة الحكيم بالناصرة والمكتبات، حيث صادرت كميّاتٍ كبيرةً من دواويني السابقة واللاحقة، وأحرقت وأبيدت بأمر صادر عن المحكمة.
سُجنتُ عام 1990 في سجن الجلمة (كيشـــون) السيئ الصّيت مع تجار المُخدّرات وفـُرضت عليّ الإقامة الجبرية في بيتي وصودرَ جواز سفري، حيث مُنعتُ من مُغادرة البلاد. تـُذكـِّرُني هذه الجريمة النكراء، جريمة إحراق مؤلفاتي، بما قام به هولاكو التــَّتري حين أحرق مكتبات بغداد الرشيد.
إنّ قصة سَجني ووقائع المحاكمات وثـّقتـُها في كتاب يحملُ عنوان: “في قفص الإتـِّهام” صدر عام 1993 وأهديته للمحامي اللامع أفيغدور فلدمـــان الذي وقف إلى جانبي قضائيا ً فاستمات في الدفاع عن شعري ومواقفي وقضيتي طوال أكثر من ثلاثة أعـــوام، وحملت ُ وحدي على كاهلي جميع المصاريف الباهظة إذ أخلف دعاة المنابر في الداخل والخارج بوعودهم العرقوبية.. وبقيتُ وحيدا في الميدان.
لم تترك حادثة محاكمتي على مدى ثلاث سنوات سوى التحدّي والتصدّي ومواصلةِ المسيرة، فقد أصدرتُ بعد تلك الحادثة المأساوية سبعَ مجموعاتٍ شعريةٍ وكتابا ً نثريا ً واحدا هو: “في قفص الإتـِّهام”؛ بعد محاكمتي قال عنه باسم المرعبي في مجلة الناقد: “مثل هذا الكتاب يصلحُ لأنْ يكونَ وثيقة ً تـُسعفنا في التعرُّف إلى حرية التعبير وحدودِها فيما تـُسمى بـواحة الديمقراطية، هذه الواحة التي تتطلب أن يحملَ الشاعرُ فيها رخصة شعر، كما جاء في واحدة من جلسات المحكمة ليحقَّ له الكتابة ُ والتنقـُّل.”
عندما انتهت محاكماتي لم تفـُتَّ الممارسات السلطوية في عضدي بل ازددتُ صلابة وعنادا ً.. وواصلت نهجي الوطني الصادق حيث أصدرتُ بعد عملية القمع هذه ثمانية دواوين شعريّة كما ذكرت ُ أعلاه هي: “ليكونَ لكم فيَّ سلام”، “آهِ يا أسوارَ عكــا!!”، “تعاويذُ من خزف”، “لمــــاذا”، “صارخ ٌ في البرِّيـَّة”،”أنا الجاني”، “شآبيب” و “ما أّمرَّ العِنَب”. لقد أضافت لي هُويتي الفلسطينية القلقَ الدائمَ والترقبَ الحذر مما يخبِّئه لي الغد، خاصة وأن السفينة الفلسطينية ما زالت تبحث لها عن مرفأ آمن، علما ً أنني من فلسطينيّي 1948؛ ولكننا كلــّنا في الهمّ شرقُ، فالجرحُ الفلسطينيّ واحد وآلامُ وآمالُ هذا الشعب لا تتشعّب ولا تتجزأ. أما بالنسبة للجنسية، فإنني أعيش منشطرا بين الموروث والواقع..الدّمُ فلسطينيّ وجوازُ السفر إسرائيليّ…
المكانُ الفلسطينيُّ مكانٌ ثرٌّ إبداعيّاً بسبب التداعيات والإسقاطات على الساحة الفلسطينية، فعندما يسقط ستة ُ شهداءَ في يوم الأرض، فكيف لا يكون المكانُ مُلهـِما إبداعيا من قلب الألم؟.. شأنُ ذلك شأنُ شهداءِ الانتفاضة بآلافهم المؤلفة في الضفة والقطاع، فكيف لا يكون المكانُ هناك أيضا مَبعثا للإبداع؟، وقِسْ على ذلك النزيفَ اليوميّ… فعندما يُحرق المسجدُ الأقصى وتـُسرق كنيسة القيامة وتـُدنّس الأمكنة المقدسة فكيف لا يكون لهذه الأمكنة صرخاتٌ مُدوِّية ٌ في شعري؟. وعلى مستوى المكان العربيّ العام، ربما كنتُ أكثر شاعر محلي كتب عن العراق ومحنة ومآسي العراق، وما زلت أذكر كيف أجهشت النساءُ في إحدى قاعات يــافــــا عندما أخذت ألقي قصيدتي: “ليلى العامريّة في بغداد”، عقب مجزرة الأطفال التي ارتكبتها القوات الإمريكية الغازية في ملجأ العامريّة… لم أترك حدثا ً فلسطينيّا ًإلا وطرقت أبوابه، كذلك تناولت بعض الأحداث العربية العامّة الطّامّة.
الظروف التي نحياها نحن عرب 1948 اليوم هي غيرُ الظروف التي كابدها جيلـُنا في الخمسينيّات والستينيّات من القرن الماضي، إذ كانت حريّة ُ التنقل ممنوعة بدون تصريح من قِبَل الحاكم العسكري، وكان الانتماءُ السياسىُّ محارَبا ً من قِبَل السُّلطة، وكانت كتاباتنا مراقبة ً ومحاسَبة ًمن قِبَل أذرع السلطة المخابراتية، حيث كانت هناك وحدة لمراقبة المطبوعات تعمل بلؤم عنصري بغيض، وأظن أنها ما زالت بأساليب مخفيّة.. تعمل في الخفاء، تمدّ مخالبَها بين الحين والآخر كما حدث لي عام 1990عندما صودر ديواني
“العَودة إلى الآتي” حيث اعتبرته الرقابة تشجيعا ً وتحريضا ً ضد جيش الإحتلال. إن العيشَ على حد السيف عاملٌ مُحَفـّـِز أدبيّا ًوإبداعيّا ً، فعليك أن تنام وعيناك تحدِّقان في المجهول وقلبُك ينبض ألفَ نبضةٍ في الدقيقة..
حاليّا ً الشعرُ المحلي عندنا على أدنى سُلـّم ِ الأدب… فالجيلُ اللاحق لا يصلُ برأيي إلى خاصرةِ السابق ِ… وعندما أقرأ ما ُينشـَرُ أسبوعيّا ً على صفحاتِ الصحف المحلية لا أجدُ ما يشدُّني ويبهرني ويُحَلـِّق بي إلى عوالم أخرى كما كنا في سنوات الستينيات والسبعينيات فكانت القصيدة ُ آنذاك محط َّ انظار ِ وانتظارَ الجميع… وهذا الأمرُ غيرُ موجود ٍ حاليًّا بسببِ هذا الاسهال الكلامي الذي تسمحُ به ِ الصحفُ ووسائلُ الإعلام دون رقيبٍ ودون َ ضوابط أو حدود ٍ… فكلُّ مَنْ يخط ُّ بعضَ الكلماتِ أصبح شاعرا ً أو قاصّا ً في حين أنه لا يجيدُ اللغة َ العربية – صرفـَها ونحوَها – ولا يُمَيّزُ بين التاء ِ المربوطة ِ والتاءِ المفتوحةِ والألف الممدودة وأختها المقصورة. فالأدبُ المحلي مصَابٌ “بالإيـــدز”… فأينَ زمنُ “محمود درويش وراشد حسين وسميح القاسم وشكيب جهشان وتوفيق زياد وحنا أبو حنا وفوزي عبد الله وشكيب جهشان وشفيق حبيب وجمال قعوار وعطا الله جبر وإدمون شحادة وعصام العباسي وفاروق مواسي وحسين مهنا ومحمود الدسوقي واحمد طاهر يونس وسميح صباغ…. إلخ.
بعد أوسلو ظن بعض الشعراء أن القضية الفلسطينية حُـلـّت وفـُتحت أبواب السماء، فصمتوا صمتَ أهل الكهف واختلط الحابل بالنابل…
بعد أوسلو عرفت السلطة الإسرائيلية من أين تؤكل الكتف،.. فافتتحت مراكز لها ومكاتب ومؤسسات تـُعنى بالعرب (!!) واشترت بعض أصحاب الأقلام من الشعراء والأدباء ورجال الصحافة الصفراء فصمتوا صمت أهل الكهف عن سياسات القتل والكبت وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وعدم المساواة في دولة الديمقراطية الزائفة… فصمتَ الصّوتُ الشعريُّ المناهض بسبب امتلاء الجيوب وتورُّم الحناجر المسبِّحة بنعمة السلطة.
تضمّن ديواني “مأساة ُ القرن ِ الضـِّلـّيل” الصادر عام 1976 قصيدة تحت عنوان: “الحرفُ والمأساة” أهديتـُها إلى الشاعر شهيد الكلمة والموقف: “الحسين بن منصور الحلاج في كلّ زمان ٍ ومكان” قلتُ فيها ملخـِّصا ً نمطي الشعري ودوري الحياتي وعقيدتي الراسخة:

لن أكتـُبَ بعدَ اليوم قصيـــــدَه…
إن لم أغمسْ بدمي قلمي..
فمخاضُ الكِلـْمةِ بالألم ِ
يهَبُ المولودَ خـُلـــــودَه…
فالحرفُ عقيــــــده..
إن لم أحفظـْها بضلوعي،
إن لم أغسلـْها بدمـوعي،
أضحت مَـــــــوْؤودَه
فالحرفُ عقيــــده…
إنْ لم يُخصِبْ أصبحَ نعلا ً
ملفوفا ً في طيـّـــات ِ جريـــــدَه
ألقت السلطة الإسرائيلية القبضَ عليّ عدّة مرات بسبب نشاطي السّياسي التنويري للجماهير العربية ضد ممارسات هذه السلطة؛ وطـُردتُ من عملي كمعلم وكموظـّف بنك ومُنعتُ من السفر للعمل ولكني لم أنكسر… وواصلت.
الشعر الفلسطيني، إذا جاز لنا تسميته هكذا، خارجٌ عن السرب العربيّ، فرض نفسه كشعر قضية مرَّ عليها أكثر من تسعةِ وستين عاما وما زالت تراوح مكانها برأيي، بالرغم من هذا الغبار الذي يثيره المُطبِّعون، لقد أدى الشعر الفلسطيني وما زال دوره بمواكبة الحدث بآلامــه وآمــالـــه.. فأجــاد وجلـّى…
يقف العرب من هذا الشعر مواقفَ عِدّة، فبعضهم يعتبر أن شعر الرفض المناهض سينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية ويكون قد أدى دوره، متناسين أن القضية الفلسطينية ليست غزة والضفة الغربية فحسـب ؛ بل تصل جذورها إلى شواطىء عكا وحيفا ويافا وطبريا وصفد وعسقلان والقرى المـُهجَّرة في الداخل، ممتدةً في عمق تاريخ الوطن، أما البعض الآخر فيربط مسيرة الشعر الفلسطيني بمسيرة الشعر العربي عامّة، بالرغم من خصوصياته وهذه نظرة شمولية أخرى.
فيما يتعلق بالعالمية، إذا استثنينا محمود درويش وبعضا ً أقلَّ من أصابع اليد الواحدة فإن الأدباء العالميين لا يعرفون عنا سوى أدب البندقية.
النقدُ المحلي لدينا هو نقدٌ ذوقيٌّ أكثر من كونهِ نقدًا أكاديميّـاً وعلميـّا ً، عندنا نقادٌ أكاديميون ذوو كفاءة، أقرأ لهم وأستمعُ إليهم كما كان في كليَّة ِ القاسمي بباقة الغربية وعلى منابر أخرى… ولكن ليس لهذا النقدِ أي تقييم ٍ محلي سوى بين النقادِ أنفسهم.
النقد الأكاديمي موجود عندنا بصورة منتقاة… أما النقدُ الذوقي ففرسانهُ كثيرون، بعضُهم يُجلـّي أحيانا والبعض الآخر يسقط ُ على قارعة ِ دروب ِ النقد. النقاد المحليُّون الذين تناولوُا شعري هم كثرٌ أذكرُ منهم: الدكتور “بطرس دلـّة” والدكتور “منير توما” والدكتور “فاروق مواسي” والشاعر “محمود مرعي” والناقد “نور عام” والناقد “شاكر فريد حسن” والناقد الصحفي “نبيل عودة” والناقدة “دالية بشــارة” والناقد “محمد علوش” والشاعر “حاتم جوعية”. وفي الخارج كانت هنالك دراساتٌ لجميع دواويني الشعريَّةِ قامَ بها “الدكتور يحيى زكريا الآغا “– الملحق الثقافي سابقا في سفارةِ فلسطين بقطر وكتبَ عني أيضًا الناقدُ السوري الراحل الاستاذ “طلعت سقيرق”… وغيرهم.. نحن على الدرب…

 

قد يعجبك ايضا