اسمى مكتوب ؟ / احمد الحباسي

احمد الحباسي ( تونس ) السبت 31/12/2017 م …




هانت الامة العربية و سامها كل مفلس ، أقول هذا الكلام بمرارة و أنا أستحضر التصويت الذى حصل منذ أيام فى الجمعية العامة للامم المتحدة   حين صوتت بعض الدول الميكروسكوبية  لصالح قرار الادارة الامريكية اعتبار القدس عاصمة لدولة اسرائيل و نقل سفارتها اليها  فى أقرب الاجال  تنفيذا  لقرار سابق صادق عليه الكونغرس الامريكى سنة 1995 ، من بين الدول المصوتة لفائدة هذا القرار الجائر  و التعسفى دولة  هندوراس  و هى احدى جمهوريات الموز كما يقال ، الهندوراس بلد مفلس  يعيش تحت سقف الفقر بأمتار عديدة ، طبعا الهندوراس ليست فنزويلا  التى قدمت  مساندة مطلقة للقضايا العربية ووقفت مواقف مشرفة لم تقدر عليها كثير من الدول العربية بما فيها من تسمى نفسها بالدول ذات العلاقة الاستراتيجية مع الادارات الامريكية المتعاقبة ، فى “سان بيدرو ” عاصمة الهندوراس  الموت يجانبك فى كل لحظة و يمشى معك على قارعة الطريق ، الشرطة فى هذا البلد جزء من مافيا الجريمة المنظمة  و هى من تسرح أو تحاكم القتلة و المهربين و تجار السموم مما يجعل العارفين يؤكدون بان هذه المدينة  هى عاصمة فعلية  للجريمة و أخطر مدن العالم من حيث عدد الجريمة ، تجارة الكوكايين فى الهندوراس تجارة مربحة  و تجار السموم يعيشون وسط حالة من البذخ السوريالية فى حين يعيش الشعب  فى هذا البلد حالة من الفقر المدقع  فى غياب سلطة الدولة .

لم تخف الادارة الامريكية عند عملية التصويت  أنها ضغطت على كل الدول لمنعها من التصويت و أن لغة التهديد بقطع المعونات قد كانت بما فيه الكفاية  لتردع كل الدول المارقة أو التى تريد أن تقف الى جانب العدالة الدولية و الحقوق الشرعية الثابتة للشعب الفلسطينى ، لهذا انحنت الهندوراس و بعض الدول الاخرى  و باعت ضميرها  الانسانى لفائدة رغيف العيش  و لعل التاريخ سيذكر هذا البلد يوما بكونه  قد خرج عن الاجماع الذى عرفت به أغلب دول أمريكا اللاتينية و المساند للثورة الفلسطينية و للثورات العربية و الافريقية ، أمريكا اللاتينية التى وقفت دائما فى وجه الامبريالية الاميركية  و أعطت دروسا عدة للولايات المتحدة الامريكية و فيها دول  مثل كوبا و فنزويلا من دفع ثمن هذه المواقف التاريخية غاليا و تعرضت الى حصار اقتصادى و سياسى و اجتماعى خانق لعدة عقود من الزمن دون أن تنحنى أو تقدم ولاء الطاعة ، لكن يظهر ان الجوع كافر و أن بعض حكام دول أمريكا اللاتينية الفاسدين  قد فقدوا الشرف الى الابد و باتوا  مجرد بائعى ضمائر .

ربما كان للإدارة الامريكية اسلحتها  الفتاكة التى جعلتها  تحنى ظهر عدة دول لمنعها من التصويت لفائدة هذا القرار الامريكى البائس  و ربما  فعلت الضغوط ما فعلته حتى تمتنع عدة دول عن التصويت  و لكن الثابت أن بعض الدول العربية التى كان بإمكانها الضغط على امريكا  لثنيها عن اتخاذ القرار من البداية او  لمطالبتها بعدم رفع اصابع الفيتو ضد القرار  ، هذه الدول نأت بنفسها عن ذلك تجنبا  لغضب الامريكان  و بالذات بعض اللوبيات الصهيونية التى  تسهر على استمرار هذه العروش المريضة بالخيانة و العاجزة عن ضمان  استمرار عروشها فى الحكم  نتيجة ما تعانيه من كراهية شعوبها  و غضب دول المقاومة ، لذلك نجد أن كثيرا من الكتاب العرب قد  وجدوا العذر للهندوراس و التشاد و قواتيمالا و غيرها من الدول التى تنازلت تحت الضغوط الامريكية لان أهل القضية أنفسهم قد باعوها للشيطان ، بالطبع ، هناك من باع القضية بثمن التراب كما يقال  و عندما ننتبه الى القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تم تقديمه من ..تركيا و اليمن  فى غياب ما يسمى بكبار الدول العربية  المرتبطة بالأمريكان  نفهم  الى اى حد تهاون بعض القادة العرب فى موضوع مهم و تاريخى و له انعكاسات مصيرية على مستقبل القدس و مستقبل الحقوق و القضية الفلسطينية .

العرب اليوم فى أزمة ضمير و يحتاجون الى صحوة  فى هذا المجال و لكن الامر اصبح من المستحيل بعد أن شاركت بعض الدول الخليجية  فى مؤامرة تستهدف دولة عربية عضو فى الجامعة العربية و فى سابقة تاريخية زادت من حالة الارتباك  و التشكيك و الانقسام و عندما نشاهد القصف الوحشى السعودى الذى يؤدى الى قتل الابرياء اليمنيين  ندرك أن الرئيس الامريكى ما كان لتجرأ و يصفع وجوه القادة العرب بإمضائه هذه الوثيقة  القذرة لو  كان على يقين من رد فعل  يمكن أن يضر بالمصالح الامريكية ، فى هذا المجال لا يمكن أن نغفل عن تصريح منقول على  رئيسة الحكومة الصهيونية السابقة قولدا مايير  حين قالت أنها ليلة احتلالها للقدس لم تنم  و أنها كانت تتوقع هجوما عربيا كاسحا يستعيد المدينة المقدسة لكنها عرفت  بعد ذلك أن الحكام العرب متاع كلام بس ، من العار اليوم أن يكتب البعض أنه يشعر بالسخرية  و الاستغراب من موقف هذه الدول  التى اصغت لضغوط امريكا و الحال أن مواقف الدول العربية هى المثيرة للسخرية ، نحن اليوم  نعيش حالة انفصام فى الشخصية بعد أن تحولت كراهية اسرائيل  الى  مجرد وجهة نظر  و أن التصويب يجب أن يكون على ايران ، لهذا لم يعد معيبا بالنسبة لبعض الحكام العرب أن تعلن اسرائيل و اعلامها عن زياراتهم الخفية للكيان الغاصب  لان قائمة المنتظرين كبيرة و كلهم يريد أنه يكون اسمه مكتوب …

قد يعجبك ايضا