أوسلو لم تمت بعد / ابراهيم ابو عتيلة

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 20/12/2017 م …

        منذ قرار الطاووس الأمريكي بشأن القدس والأصوات تعلو مطالبةً بإلغاء أوسلو ووقف التنسيق الأمني إلى سحب الإعتراف بدولة الكيان الصهيوني ، أصوات تتصاعد من كل مكان يتواجد فيه فلسطيني وعربي غيور ….. وفي المقابل تواجهنا السلطة بكلام لا معنى له  ، كلام لا يسمن ولا يغني من جوع ، كلام لا يعبر ولو بالحد الأدنى عن طموح الشعب الفلسطيني … حيث يخرج علينا رئيس السلطة متبجحاً قائلاً بأن اسرائيل تفتقد لمقومات الدولة من حيث عدم وجود حدود لها ، فهل هذا صحيح ؟




        بكل بساطة أقول … بأن هذا الأمر غير واقعي وما هو إلا كلام يستهدف المزايدة وركوب موج عقول البسطاء من الشعب العربي الفلسطيني وذلك من عدة زوايا :

·        اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية باسرائيل قبل توقيع اتفاقية أوسلو وذلك برسالة عرفات الموجهة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بتاريخ 9 أيلول / سبتمبر  1993 وفي هذه الرسالة اعترف عرفات بالكيان الصهيوني كما هو ( على 78% من أرض فلسطين التاريخية ) فيما اعترف رابين / الكيان بمنظمة التحرير ممثلاً للشعب الفلسطيني .

·        قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بقراري مجلس الأمن رقم 242 و 338 وفيهما كل معاني الاعتراف بإسرائيل .

·        من أعلاه يتبين أن إعتراف منظمة التحرير الفلسطينية قد تم قبل توقيع اتفاقية أوسلو في واشنطن بتاريخ 13 أيلول / سبتمبر 1993.

·        تستند سلطة أوسلو بتفاخرها بدولة فلسطين إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19/67 وهو القرار الذي اعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين على حدود 1967  وذلك في اجتماعها السابع والستين المنعقد في 29 تشرين الثاني / نوفمبر 2012 وبما يعني تثبيت حدود الكيان الصهيوني .

·        هذا بالإضافة إلى أن معاهدتي كامب ديفيد ووادي عربة تعترفان صراحة بإسرائيل وحدودها كما كانت في 4 حزيران / يونيو 1967 .

·        يدعو عباس والسلطة إلى تجديد “مباحثات السلام” مع اسرائيل برعاية وسيط جديد ولم يشر إلى تجديد أو عقد مباحثات مع لا شيء ومع لا دولة أو من نقطة الصفر بل يدعو إلى المضي فيما جاء باتفاقية أوسلو ومبادرة السلام العربية .

فمن أين أتى عباس بهذه النظرية التي يعوزها المنطق والإثبات وعلى من تنطلي نظريته تلك ..

لقد كان بإمكان منظمة التحرير الفلسطينية وعباس بصفته رئيساً لها قبل أن نسمع منه نظريته تلك ، أن يقوم بسحب خطاب الإعتراف باسرائيل، وإلغاء اتفاقية أوسلو وما نجم عنها من تنسيق أمني بغيض، وحل السلطة الفلسطينية لتعود منظمة التحرير الفلسطينية إلى ما كانت عليه كمنظمة تحرير وليست كسلطة حكم ذاتي وإدارة خدمات بالوكالة .

لقد سئمنا من الألفاظ الرنانة التي ينفيها الواقع ، ولقد تجلى ذلك بمشروع القرار الذي تم عرضه من قبل مصر وبموافقة فلسطينية على مجلس الأمن ، ذلك القرار الذي كان محكوماً عليه بالرفض والفشل من أسلوب صياغته الخجولة ، فلقد كان قراراً لم يجرؤ من قام بصياغته وعرضه ووافق عليه أن يذكر اسم ” أمريكا” في نص المشروع وبما يحول بينها وبين التصويت عليه عملاً بما ورد في نص المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة والمتعلقة بالتصويت على القرارات في مجلس الأمن كما يتبين من النص تالياً :-

المادة 27

1.    يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.

2.    تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه.

3.    تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت.

فمن عرض النص مهد للنتيجة التي كان يعرفها مسبقاً ومهد للفيتو الصهيوأمريكي قبل يومين .

وحول جلسة مجلس الأمن المشار إليها ، أقول بأنني قد توقفت طويلاً عند كلمتي مندوبي الأوروغواي وبوليفيا ” مندوبي أمريكا اللاتينية ” التي ارتقت فوق الموقف العربي وموقف سلطة أوسلو وموقف مصر التي تقدمت بالمشروع ، فلهما كل التقدير ، وعلى الرغم من عدم قبولي وموافقتي على تقسيم فلسطين إلا أن أشارة المندوبين لقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1947 وخصوصية القدس في ذلك القرار يبقى محط تقدير ويستوجب البناء عليه .

وخلاصة القول فإن اوسلو باقية ما بقيت السلطة التي انبثقت عنها ، ولن تسقط اوسلو إلا بحل تلك السلطة تمهيداً للعودة إلى الخيارات الأخرى المتاحة والمتمثلة بالعودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني ” قبل عبث عرفات به ” فهو الوحيد الذي يصلح للتوافق الفلسطيني عليه من حيث كونه منهجاً جامعاً ومتفقاً عليه من قبل الشعب الفلسطيني ، مع أهمية طرح بدائل أكثر منطقية لحل القضية الفلسطينية وعلى رأسها حل الدولة الواحدة على كل أرض فلسطين التاريخية ، الدولة الواحدة المدنية الديمقراطية التي ترتكز على المساواة في الحقوق والواجبات لكل من يعيش فيها دون محاصصة أوتمييز 

 

قد يعجبك ايضا