منظومة التحالف الامني الاقليمي ؛ تواطوء مكشوف / عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود

عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود* ( الأردن ) الإثنين 18/12/2017 م …
     بالرجوع الى نصوص معاهدة التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الموقعة في عام 1988،المنشوره ترجمتها في صحيفة الاتحاد الحيفاوية في حينه ؛ نجد انها تنص في احد بنودها على إنشاء “منظومة التحالف الامني الاقليمي” بقيادة واشراف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أستكمل بناء هذه المنظومة في العام 1996.



فالمنظومة تضم في عضويتها بالإضافة الى إسرائيل دولا عربية واسلاميه وممالك وإمارات ؛ منها ما هو تحت الحماية الأمنية المباشرة للإدارات الأمريكية ،واخرى أبرمت معها مذكرات تفاهم تعاون عسكري وثالثه أصبحت حليفة لها من خارج الناتو، بهدف تشكيل” محور التسوية” المناهض لمحور المقاومة العربي ،لاستكمال تنفيذ الخطة العدوانية ،التي أقرتها حكومة الارهابي إسحق رابين عام 1976؛الخطة الجيو- سياسيه “القطاع المزدوج” .
    وكانت زيارة الرئيس المصري انور السادات الى القدس المحتلة عام 1977 ؛الخطوة و المحطة الاولى ضمن رحلة الالف ميل في تنفيذ الخطة الجيو- سياسيه الإسرائيلية، حيث كان “مسار السادات ” الاستسلامي من ضمن اهدافها الرئيسية،حيث توقف قطار التسوية عن السير الى الامام بعض الوقت لأسباب كثيرة منها ؛معارضة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، وقيام الثورة الاسلامية الايرانية ،التي عطلت هذا النهج الاستسلامي لفترة اخرى من الوقت، وجاءت فكرة الحرب العراقية الإيرانية وفق سياق سياسة الاحتواء المزدوج” الأمريكية الهادفة الى تدمير قوتين كبيرتين وأساسيتين في الاقليم ،هما ؛العراق وايران لإخراجهما من معادلة الصراع العربي الصهيوني “المحور المقاوم “الى حين إعادة تصحيح مسار “الكامب” واستئناف واستكمال محطاته التالية بالحد من فاعليه هاتين الدولتين في تعطيل المسار. لكن نتائج الحرب واستولدت سلسلة حروب متواليه لضمان أمن إسرائيل وحماية مصالح الغرب المتصهين ،واستمرار تنامي  النفوذ الامريكي والاسرائيلي في المنطقة والاقليم.
 وعلى ضوء نتائج حروب إستولدتها الحرب العراقية الإيرانية، ومعطيات جديدة في  المنطقة والاقليم ،لاستئناف مسار” الكامب”، فقد جلب الرئيس الامريكي” بوش الاب ” في العام 1991،دول الجوار” العربي الى مدريد لمفاوضات غير متكافئة مع إسرائيل ، فكان وعد أوسلو 1993،ومعاهدة وادي عربه 1994،حيث لجاءت الادارة الأمريكية الى خيار الحروب الإقليمية والاحتلالية المباشرة وبالوكالة ،وإنشاء منظومة التحالف الامني الاقليمي عبر معاهدات واتفاقيات ومذكرات تفاهم تعاون عسكريه لحماية مصالحها وضمان أمن إسرائيل ونهب ثروات الشعوب، في زمن انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي والنظام الدولي احادي القطبية القائم والاستفراد بالدول الفاشلة فاقدة استقلال القرار السياسي والاقتصادي . فكان المخطط الامريكي المتصهين لا حداث الحادي عشر من سبتمبر 2001،للتمهيد لاحتلال افغانستان ، والعراق في العام 2003،والتخطيط لإشعال صراع مذهبي افتراضي  سني – شيعي في الشرق ،فاستولدت “الدواعش ” الارهاب التكفيري المسلح ” في العراق وسوريه ، فكانت الحرب الكونيةعلى سورية ومن سورية في العام 2011.، واعلان البغدادي دولة داعش المزعومة في الموصل في العام 2014.
وتمكنت إسرائيل بالتعاون مع الادارات الأمريكية المتعاقبة ،وبعد استكمال المرحلة الثانية من “مسار السادات “الاستسلامي من تجنيد الاذرع الاستخبارية الامنية والعسكرية  لمنظومة التحالف الامني الاقليمي بالانخراط بمؤامرة الحرب الكونية من سورية وعلى سورية وتدمير العراق ومصر واليمن وليبيا وتقسيم السودان ،بحيث أصبحت هذه الأجهزة ادواتها الرئيسية ومصدر تمويلها الرئيس بالوقود المالي وخزانها البشري على مدى( 7) سنوات لسفك الدم العربي السوري .
فتسوية الكامب وملحقاتها وفق المنظور الامريكي المتصهين أدت بالنتيجة النهائية في مرحلتها الاولى الى هدنة طويلة الامد مع الكيان الاسرائيلي إبان الحروب الإقليمية والاحتلالية المباشرة في المنطقة والاقليم، لكن النتائج الاولية للحرب الكونية من سوريه وعلى سورية عطلت ثقافة التسوية و”مسار السادات ” الاستسلامي، وساهمت في انهيار منظومة التحالف الامني الاقليمي ومشروعه الاستسلامي ،بحيث استعاد الصراع العربي الصهيوني مساره الطبيعي “دورات حروب ” الى حين ينتصر طرف على الاخر.
 لقد تمكنت جحافل الجيش العربي السوري وحلفائه بقيادته المجاهدة في مواجهة مؤامرة الحرب الكونية على سورية من تطهير الجغرافيا السورية من العصابات الإرهابية التكفيرية المسلحة، وتنظيف بلاد الشام من السلاح غير المشروع للشروع بالأعمار من مخلفات الاعمال التدميرية الإرهابية . فسورية المتجددة بعد أعوام من الحروب السرية والعلنية على مستقبلها السياسي .
بالصمود الاسطوري تنتصر دمشق بإرادة وتصميم وهامات وزنود بواسل الجيش العربي السوري وحلفائه الروس والايرانيين  ومن المجاهدين والمقاومين في المحور المقاوم  ومن الجنود المجهولين من المنظومة السياسية والأمنية والالتفاف الجماهيري الواسع حول قيادتها المجاهدة المظفرة.  فالمعطيات الجديدة في الميدان العسكري في بلاد الشام وأرض الرافدين بعد الخامس من اب 2016 في معارك حلب القلعة والموصل الحدباء ؛ تؤكد انهيار ادوات الحرب الكونية من سورية وعلى سوريه ، وسقوط “دولة داعش” في العراق التي اتخذت من مدينة الرقة عاصمة لها  / ادوات منظومة التحالف الامني الاقليمي / والانتقال الى زمن الانتصارات بعد ان ولى زمن الهزائم ،واستعادة الصراع العربي الصهيوني مسارة الطبيعي ” دورات حروب” بعد ان  تحقق التوازن الاستراتيجي الكاسر مع إسرائيل ،التي هي اهون من بيت العنكبوت ،مع ظهور اشتراطات زوالها الكبرى، واقتراب انتهاء عمرها الافتراضي في اللوح المحفوظ، والوظيفة الاقليمية لها في أطار النظام الدولي القائم.  
الخلاصة والاستنتاج؛
انكشاف الدور الاجرامي للأجهزة الاستخبارية لمنظومة التحالف الامني الاقليمي بقيادة وإشراف الادارة الأمريكية في تدمير الدولة الوطنية السورية وسفك الدم العربي السوري، وتجنيد العصابات الارهابية التكفيرية المسلحة، وتامين المال والسلاح والمخزون البشري لإدامة الحرب الكونية على سورية ومن سورية في وظيفة خيانية مكشوفة .
– فشل مؤامرة إسقاط الدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس المجاهد بشار حافظ الاسد ،الذي قاد الامة ومحورها المقاوم الى النصر العظيم في معركة “الحواسم “،وهزيمة المشروع الامريكي الاسرائيلي ” مشروع الشرق الاوسط  الكبير “،الذي نادي به الارهابي شمعون بيرس وتبنته الادارة الامريكية  الى غير رجعه والى الابد، وهزيمة العصابات الارهابية التكفيرية المسلحة في العراق وسوريه، وانبعاث عصر عربي جديد للمساهمة في الحضارة الإنسانية، ليكون للامه مكانا تحت الشمس في عالم متعدد الاقطاب والثقافات.
معركة الحواسم، التي قادها الرئيس المجاهد بشار حافظ  الاسد لصد ومواجهة مؤامرة الحرب الكونية من سورية وعلى سورية على مدى سبع سنوات ،هي ؛ ملحمة بطولية وسفر في التاريخ الانساني للحفاظ على بنيان الدولة الوطنية السورية لاستقلال القرار السياسي والاقتصادي العربي ،ولاحتضان قوى المقاومة لتحرير الارض والانسان العربي في زمن الانتصارات وولوج الامه عصر الدورة الثالثة في الحضارة الإنسانية.
إسقاط الكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب الفيتو الرئاسي ،الذي استخدمه الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما لعرقلة قانون يجيز مقاضاة “السعودية ” بشأن هجمات 11 سبتمبر 2001،وبذلك يصبح تشريع ” العدالة ضد رعاة الإرهاب” قانونا نافذا في الولايات المتحدة الأمريكية ؛ كان بداية النهاية لمنظومة التحالف الامني الاقليمي ودورها المتواطئ المكشوف في مصادرة المستقبل العربي التي تعتبر جامعة الدول العربية قناته الرئيسية .
– استراتيجية محور المقاومة لإسقاط قرار الرئيس الامريكي رونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بالبدء بالإجراءات التنفيذية  لنقل مقر السفارة الامريكية الى القدس المحتلة ؛ تشكل خطوة اولى لانهيار” منظومة التحالف الامني الاقليمي” ، وما اطلق علية بالسلام الاقليمي ، وانحسار النفوذ الامريكي والإسرائيلي في المنطقة والاقليم،بالعودة الى خيار المقاومة .
– انتصار العقيدة القتالية لمحور المقاومة العربي الاسلامي في حسم المعركة في الميدان العسكري وتعاظم قوى محور المقاومة العربي الاسلامي وترابطها الميداني ؛مقدمة لمعركة تحرير الارض والانسان العربي في فلسطين المحتلة.
– استكمال ترابط جبهات ” القوس المقاوم ” من طهران الى دمشق مرورا ببغداد مع الجبهة الجنوبية في غزة ،وقيام انتفاضة ثالثة في فلسطين المحتلة ،لأسقاط مسار” الكامب”  “ومحلقاته “اوسلو ووادي عربة ” وثقافة التسوية واستعادة الصراع العربي – الصهيوني لوضعه الطبيعي “دورات حروب ” انتصارا للمسجد الاقصى والقدس الشريف بإحياء الجبهة الشرقية من العقبة الى الناقورة بحشد ملايين المجاهدين والمقاومين لتحرير الانسان والاراضي العربية المحتلة من الاغتصاب الصهيوني .
– فشل الاستراتيجية الامنية الامريكية الاسرائيلية المشتركة في اشعال الحروب الاحتلالية المباشرة وبالوكالة عبر سياسة الاحتواء المزدوج لتدمير الدول العربية والاسلامية الحاكمة ،لتنفيذ مؤامرة الشرق الاوسط الكبير منذ توقيع معاهدة الكامب في العام 1979 ،لضمان المصالح الحيوية الامريكية  في الشرق وحماية امن إسرائيل ؛
استكمال المرحلة الثانية لسايكس بيكو، التي تهدف الى تفتيت الوطن العربي ” مؤامرة الشرق الاوسط الكبير” يتطلب تنفيذ وعد اوسلو – ترامب في المئوية الاولى لوعد بلفور ، بان “القدس الكبرى “عاصمة لإسرائيل وعاصمة ليهود العالم في زمن الحروب الاحتلالية وبالوكالة ،والنظام العربي الاقليمي متمسك بالمبادرة العربية ولا يمتلك السلاح الاستراتيجي الكاسر حتى لفرض المبادرة غلى الاخر .
– لقد جاء الوعد الثاني “؛وعد اوسلو – ترامب للاعتراف بيهودية الدولة وعاصمتها” القدس الكبرى” ” عاصمة يهود العالم كما اقرها قانون معدل في الكنيست في وقت سابق ولم تعترض علية جامعة الدول العربية وسلطة عباس في حينه، فالقدس الكبرى التي اعترف بها ترامب عاصمة لإسرائيل  تترابط حدودها الادارية مع جبهة المستعمرات العسكرية الممتدة من بيسان شمالا الى عين جدي جنوبا ،التي  اصبحت تضم مليون مستوطن يهودي و تمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة ، لأنها حصرت مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة بين قطاعين من المغتصبات الاسرائيلية لا تستطيع التنازل عن اراض محتلة لمقتضيات امنية و توسيع حدود القدس لتكون في وسط الكيان لا على هامشه كما هو الحال في حدود 1948 ، وهذا يؤكده تفسير القرار الاممي 242 من وجهة النظر الاسرائيلية ، والهروب من حل الدولتين.
– فلسطين التاريخية التي رسم حدودها وزير المستعمرات البريطاني تشرشل في العام 1923، ووضعت تحت الانتداب البريطاني بعد تعديل سايكس- بيكو بتفاهم فرنسي بريطاني قي العام 1919؛ غير قابلة للقسمة على اثنين .فالقبول بخيار حل الدولتين كما جاء في المبادرة العربية للتسوية غير قابل للتطبيق، و خيار محور المقاومة ، هو ؛ الحل لأنهاء المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة .
*صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا