الارهاب ومكافحته / فؤاد دبور

فؤاد دبور* ( الأردن ) الإثنين 27/11/2017 م …




* أمين عام حزب البعث العربي التقدمي …

أضحى الإرهاب في المرحلة الراهنة ظاهرة لا يمكن القفز فوقها أو تجاهلها ولا التعامل مع الأحداث والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والتنموية دون أن تكون قضية الإرهاب في صلب هذا التعامل. سيما وان الإرهاب مسألة سياسية وأمنية لا بد من البحث عن جذوره وأسبابه حتى يتم مكافحته والقضاء عليه عبر أساليب وصيغ جادة خاصة وان هذه الظاهرة القديمة المتجددة بشكل عنيف وواسع قد الحق أضرارا بالعديد بالدول والمجتمعات مما اوجد قناعات للعمل على مقاومته والدفع باتجاه الوصول إلى تعريف دولي لها والاتفاق على معالجتها وليس الاكتفاء بمعالجة نتائجها بعد وقوع الأعمال الإرهابية.

الإرهاب حلقة مغلقة يدور فيها الظالم ولا سبيل للعالم إلى الخروج منها إلا بإزالة أسباب القهر والظلم الذي تمارسه قوى الجبروت العالمية، وليس بمنع المظلومين والمقهورين والمحتلة أرضهم من الاحتجاج والمقاومة حتى الموت.

ولسنا بحاجة للتدليل على الإرهاب الصهيوني، الذي كان وما يزال، احد المقومات الفكرية الأساسية للحركة الصهيونية والأسلوب الذي اتبعته الحركة الصهيونية وكيانها الغاصب لتثبت احتلالها واغتصابها لأرض فلسطين وأراض عربية أخرى في سورية ولبنان.

ولما كان الإرهاب وسيلة الحركة الصهيونية لتنفيذ مخططاتها في طرد الشعب العربي الفلسطيني وممارسة أبشع أنواع القتل ضده، كان من الطبيعي أن يطور هذا الإرهاب الصهيوني نفسه ويبتدع ما يتناسب مع المتغيرات الدولية والإقليمية ومع متطلبات كل مرحلة من المراحل مثل القتل، والحصار، والاغتيال، والعقوبات الجماعية، والتجويع، وإقامة الجدران العازلة… الخ. من أساليب البطش والإرهاب. وهكذا فعلت، وتفعل الولايات المتحدة الأمريكية بإداراتها المتعاقبة بعامة وإدارة الرئيس جورج بوش سيما بعد أحداث أيلول بخاصة حيث خططت هذه الإدارات ونفذت حصارات، وأصدرت قوانين محاسبة، ومارست ضغوطات، وقامت بفرض إدخال تعديلات على الأنظمة التربوية العربية، وطبعا فقد شنت الحروب بحجة مكافحة الإرهاب، وكان اخرها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الذي لا يستهدف ارهابا بقدر ما يستهدف البنية التحتية لسورية والعراق. وقامت فعلا بتطوير التعاون الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني وتقديم كافة انواع الدعم والمساندة المادية والعسكرية والاقتصادية والسياسية لهذا الكيان لإعطائه القدرة الكبرى على ممارسة القتل والتدمير والبطش والإرهاب ضد الشعب العربي الفلسطيني وتهديد أقطار الأمة العربية والإسلامية دون استثناء، حتى تلك الأقطار التي وقعت معاهدات أو أقامت، وما تزال تقيم، علاقات سياسية أو تجارية مع هذا الكيان.

وهكذا واستنادا إلى مفهوم الإدارة الأمريكية للإرهاب، وهو نفس مفهوم الحركة الصهيونية، فقد اعتبرت هذه الإدارة حركات التحرر الوطني الفلسطينية والمقاومة اللبنانية وكل من يقاوم الاحتلال الصهيوني أو يدعم هذه المقاومة “إرهابيا” وعلى هذا الأساس جاء الضغط الأمريكي على سورية ولبنان، كما رسمت الإدارة الأمريكية سياساتها حيال الإسلام والمسلمين والحضارة الإسلامية استنادا إلى هذا الفهم .

ان مجال مكافحة الإرهاب هو مجال جغرافي غير محدود فالعالم كله ساحة لمكافحة الإرهاب والزمن مفتوح أيضا لكن الإدارات الأمريكية توظف الإرهاب وتأثيراته على الأمن لتحقيق أهدافها السياسية والمالية والاقتصادية ويتجسد هذا الأمر بالضغوطات الأمريكية على أنظمة عربية لابتزازها سياسيا وماليا بدعوى مكافحة الإرهاب ومن خلال هذه المكافحة الشكلية والهادفة إلى تدمير مؤسسات في الدول التي تواجه الإرهاب كما يحدث في سورية والعراق وكذلك مصر، التي تعرضت لأبشع واقذر انواع الارهاب في تاريخها الحديث من الاعتداء والقتل في الكنائس والمساجد. ونفهم التصدي للإرهاب بأنه عمل ينطلق من اجل ضرب الإرهابيين والقضاء عليهم وتجفيف تمويلهم ومنعهم من الدخول إلى الأقطار التي تواجه الإرهاب عكس ما هو حاصل عبر تسريب ألاف الإرهابيين الى سورية والعراق عبر الأراضي التركية وغيرها من الدول الأخرى كما نفهمه على انه عمل ينطلق من مبدأ احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها وعندما تخلص النوايا لمكافحة الإرهاب فيجب ان يكون الدور الأساسي هو للدولة التي تواجه الإرهاب وتعاني من جرائمه . ولا تكون مكافحة الإرهاب، مثلما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية غطاء من اجل احكام هيمنتها على المنطقة العربية وخدمة لمصالح الكيان الصهيوني وأمنه.

وإذا ما دققنا النظر بعمق فيما تواجهه سورية منذ الخامس عشر من آذار عام 2011م حيث يترافق الضخ الإعلامي الشرير مع العمليات الإرهابية التي تستهدف سورية والتي تمثلت في السيارات المفخخة أو المتفجرات أم استخدام المواد  الكيميائية المحرمة واستهداف المؤسسات التعليمية والصحية والبنية التحتية من جسور ومحطات توليد الكهرباء والغاز والعديد من المؤسسات المدنية نرى ان هذه العمليات إنما تتم بتخطيط ودعم وتوجيه وإشراف الولايات المتحدة الأمريكية ومعها تركيا اردوغان وفرنسا وبريطانيا وأنظمة عربية تابعة.

ولكن سورية العربية ومعها الاصدقاء والحلفاء واجهت العصابات الارهابية بقوة واقتدار وحنكة القيادة وشجاعتها، والحقت الهزيمة تلو الاخرى بالعصابات الارهابية، مثلما لحقت الهزيمة ايضا بعصابة “داعش” الارهابية في العراق، وعلى الحدود اللبنانية السورية انتقلت الى مصر العربية لارتكاب المجازر التي مارستها في سورية والعراق ولبنان والاردن وتونس وغيرها، ولإثبات حضورها الاجرامي الدموي.

قد يعجبك ايضا