الصراع مع إسرائيل .. وجود لا حدود / عبدالحفيظ ابو قاعود

عبدالحفيظ  ابو قاعود* ( الأردن ) الأحد 29/10/2017 م …
فشل “مشروع الاميركي “للمفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية ،كشف عن السر الاهم في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، بان الخطة  الإسرائيلية الجيو- سياسية / القطاع المزدوج/؛ استهدفت الاحتفاظ بغور الأردن الغربي من بيسان شمالا مرورا بالحزام الاستيطاني حول القدس  المحتلة الى عين جدي جنوبا لضرورات أمنية وسياسيه معا ، فالجزء الشرقي من القطاع المزدوج الذي نفذ وينفذ بموجب الخطة الجيو- سياسية الاسرائيلية منذ عام 1976-2016،وعلى امتداد جيل لاستيعاب مليون مستوطن صهيوني في مستعمرات سكانية-عسكريه متعددة الاهداف لمواجهة احياء الجبهة الشرقية ،وجعل “القدس الكبرى” عاصمة ليهود العالم  .



عدم قدرة إسرائيل بالتخلي عن اراض محتلة في عام 1967 ، من ناحية ، وعدم قدرة سلطة رام الله التنازل عن حق العودة بالقبول بالتعويضات من ناحية ثانية ؛أضحت معادله جديده ،وشكلت عقدة جديدة مركبة ومعقدة غير قابلة للحل في تاريخ الصراع.فكانت حرب تدمير غزه الثالثه 2014.
نتائج حرب تدمير غزه الثالثة2014 النهائيه ؛شكلت في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي حادثا نوعيا مضافا في استعادة مساره الطبيعي العام /دورات حروب/ ،بعد ان تحقق لمحور المقاومة استكمال منظومة التوازن الاستراتيجي الكاسر مع إسرائيل في الجبهات الشرقية والشمالية والجنوبية .
الحرب العدوانية لتدمير غزه استهدفت  تحقيق هدفين رئيسيين ، بالإضافة الى اهداف فرعية اخرى ،هما ؛
الاول :- تأهيل “مصر السيسي ” بالاستمرار في مسار السادات الاستسلامي ، وعدم الغاء مذكرة التفاهم والتعاون العسكري مع الولايات المتحدة الامريكية لعام 1988،والبقاء عضوا في منظومة التحالف الامني الاقليمي لمواجهة محور المقاومة العربي الاسلامي عبر منح  البترودولار.
الثاني :- تدمير جبهة المقاومة الجنوبية للتمهيد لتسوية دائمة شاملة مذلة ومقبولة من طرف عربي بعينه ،هو حل يسعى إليه “النظام الاسرائيلي” في هذه المرحلة ،وليس مجرد التوصل الى اتفاقيات سلام مرحلية أو دائمة مع  العرب؛ وإنه يعمل على تهويد فلسطين المحتلة مقابل أمن “أنظمة المنطقة” ،وهو في ذات الوقت  يدعي انه لا يستطيع ان يتنازل عن أراض يعتبرها ضرورية لامنه ومستقبله السياسي.
النظام الاسرائيلي يدعي، أنه يتمكن من ان يمنح العرب” سلاما ” مقابل الامن الشامل ، لكنه في الوقت ذاته لا يستطيع ان يتنازل عن اراض إحتلها بالقوة العسكرية المسلحة، ويعتبرها ضرورية وحيوية لامنه ومستقبله السياسي ، ضاربا عرض الحائط بقرارات “الشرعية الدولية”، التي ولد الكيان الاسرائيلي من رحمها .
هل أصبح لزاما على” النظام الاسرائيلي” في فلسطين المحتلة ؛إذا رغب في التعايش السلمي مع العرب بعامة والفلسطينيين بخاصة، أن يحسم أمره بان يقرر إي ارض يستطيع ان يتخلى عنها في حال حسم مسألة الصراع الدائر بين التيارات والحركات والاحزاب الاسرائيلية حول هوية “النظام الاسرائيلي”، والتوافق الضمني حول مصير الاراضي العربية المحتلة1967 في إطار” تسوية الكامب”، وتحت إي شروط ؟!!!.وهل “الضفة الغربية” المحتلة ما زالت جزء من ارض “المملكة الاردنية الهاشمية”، بموجب الدستور الاردني 1952،والقانون الدولي العام الذي بموجبه تم قبول “المملكة الاردنية الهاشمية “المكونة من الضفة الشرقية والضفة الغربية عضوا في الامم المتحدة في العام 1955 ،إي بعد الارتباط الشعبي بين الضفتين بخمس سنوات، وإقرار دستور الوحدة النافذ حاليا ،الذي جسد العقد الاجتماعي في نظام الحكم ؟!!!.
هل العقلية اليهودية تؤمن بالتعايش مع العرب على ضوء هذه المعطيات ؟!!!، وهل استسلم العرب الى الامر الواقع ؟!!، وهل استبقت الخطة الجيو- سياسية الاسرائيلية محطات تسوية الكامب ؟!!، ام متزامنة معها ، ام مقدمة لها ؟!!!،هل  اعلان وتعليمات فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية لعام 1988، شكلا خطوة عملية للتنازل عنها والغاء الوحدة ،أم مقدمة لوعد اوسلو و وادي عربه؟!!!.
بالرجوع الى النصوص السرية  ل “وعد اوسلو- الكارثة الجديدة” التي حلت باهل فلسطين ، نجدها منسجمة مع اهداف الخطة  الاسرائيلية ومنطلقاتها، وجاءت متوافقة مع برامجها، حيث تعتبر هذه النصوص احدى سيناريوهات تصفية قضية فلسطين عبر المسار التفاوضي .
وهل يخطط محور المقاومة العربي الاسلامي  بالمقابل لأحياء الجبهة الشرقية وفق معطيات ومتطلبات جديدة في ادارة الصراع مع النظام العنصري في فلسطين المحتلة على ضوء نتائج حرب تموز 2006 ،وحروب تدمير غزة، ونتائج الحرب الكونية على سورية وإخفاقات مشاريع التسوية وعدم قبول النظام الاسرائيلي بالمبادرة العربية للتسوية ؟!!!. هل تهديدات إسرائيل ألمتكررة ل”الادارة الانتقالية الذاتية الفلسطينية المؤقتة “/ سلطة رام الله/،بان الضفة الغربية المحتلة مازالت تحت السيادة الاردنية بموجب الدستور الاردني والقانون الدولي العام، وإنها تحتاج الى شريك قادر ومقتدر على ابرام “اتفاق مذل” يقبل به الفلسطينيون، يلغي حق العودة والاستعاضة عنه بالتعويضات والاعتراف ب”يهودية الدولة” الصهيونية في فلسطين المحتلة؟!!!.
إعلان الاطراف العربية في منظومة التحالف الامني الاقليمي موافقتهم على إي خطوة لها علاقة بضم أراض عربية الى كيانه العنصري في المفاوضات الثنائية في ما يسمى الحل النهائي وتغطية” المفاوض الفلسطيني ” بأسقاط  حق العودة بالقبول بالتعويضات ،والقبول بالشروط الاسرائيلية المذلة، مقابل” أمن الانظمة “,وإدارة فلسطينية ذاتية دائمة على بؤر ومدن وقرى و كنتونات معزولة ،أصبحت غير مترابطة تقع وسط القطاع المزدوج، ولا مجال لإقامة دويلة عليها، تتحد مع الاردن كونفدراليا ، سلاح ذو حدين يلوح به “النظام الاسرائيلي “في وجه “سلطة رام الله ” لتقديم مزيد من التنازلات ويمهد الطريق  أمام عودة الضفة الغربية الى السيادة الاردنية بعد العدول عن إعلان وتعليمات فك الارتباط الاداري والقانوني في عام 1988،وقرارالرباط في عام 1974؛ خطوة اولى لتصفية قضية فلسطين .
هل تتضمن الخطة “الاميركي ” للتوصل الى اتفاق فلسطيني – إسرائيلي ؛ تطبيق المادة (8) من اتفاقية وادي عربة كحل مقبول لمعضلة حق العودة للاجئين الفلسطينيين من خلال منحهم تعويضات و حقوق سياسية في مناطق اللجوء ؟!!!.
خيار إحياء الجبهة الشرقية عبر امتداد نهر الاردن وفق استراتيجية قتالية جديدة من القيادة المركزية لمحور المقاومة العربي الاسلامي ، بعد ان أستعاد الصراع مساره الطبيعي، وذلك في اطار المعطيات الجديدة في إدارة الصراع مع النظام الاسرائيلي أفرزتها نتائج الحرب الكونية على سورية، وحرب تموز 2006 ،وحروب تدمير غزه ،وهو الخيار الاستراتيجي والحل لتحرير الأرض والانسان العربي لالغاء أهداف خطة القطاع المزدوج / الجيو- سياسية/ ،التي أقرتها، وشرعت في تنفيذها حكومة الإرهابي أسحق رابين في العام 1976،كرد عملي على حرب تشرين/اكتوبر1973،ومن اهدافها في المشروع السياسي ؛ إخراج مصر من معادلة الصراع العربي – الاسرائيلي في المرحلة الاولى .
وكانت الخطة الاسرائيلية/ الجيو- سياسية/ قد استهدفت بالأساس مواجهة قيام الجبهة الشرقية على امتداد نهر الاردن ،وذلك من خلال بناء حزام من المستعمرات العسكريه لمليون مهجر يهودي من بيسان شمالا إلى عين جدي جنوبا على مدى جيل /1976- 2016/، بحيث تكون مدن وقرى الضفة الغربية بين فكي القطاع المزدوج وفق الخطة الجيو- سياسية الاسرائيلية، ولامجال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة مترابطة الاطراف في الاراضي المحتلة في العام 1967.
طرح موضوع تبادل الاراضي بالتوسع في النقب وسيناء، وتفعيل المادة 8 من اتفاق وادي عربه، والتقاسم الوظيفي لرعاية المقدسات الاسلامية في القدس ، والشراكة الاستراتيجية مع مملك ومشيخات  الخليج في الاتفاق النهائي مع سلطة رام الله ؛ يكمن في الاحتفاظ بالشريط الاستيطاني  الممتد من بيسان شمالا الى عين جدي جنوبا .
الخلاصة والاستنتاج؛
إسرائيل تسعى في مفاوضات الحل النهائي الى اتفاق مذل مع سلطة رام الله تتخلى بموجبه عن حق العودة بالتعويضات دون ان تنازل إسرائيل عن اراضي محتلة، تعتبرها ضرورية لأمنها ومستقبلها السياسي ،وتجعل من” القدس الكبرى “ عاصمة لها وليهود العالم .
معطيات جديدة في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي تتمثل بانهيار  منظومة التحالف الامني الاقليمي / مسار السادات الاستسلامي /في مواجهة محور المقاومة العربي الاسلامي بالتوازن الاستراتيجي الكاسر مع إسرائيل بالصمود الاسطوري للدولة الوطنية السورية امام مؤامرة الحرب الكونية ،واحباط المشروع الارهابي التكفيري والشرق الاوسط الكبير لتوظيف الدين في تفتيت الشرق .
 احياء الجبهة الشرقية وفق الاستراتيجية الدفاعية القتالية لمحور المقاومة ، خطوة مهمة في اسقاط مسار السادات  الاستسلامي بالضربة القاضية ،وان الصراع مع إسرائيل صراع وجودي وليس صراعا حدوديا ،كما يصوره النظام الدولي القائم واطراف منظومة التحالف الامني الاقليمي، بحيث يحسم  للصالح العربي بالتوازن الاستراتيجي الكاسر ،الذي بدأ يتبلور على ارض الواقع بانهيار حلفاء الولايات المتحدة الامريكية الاقليميين ،وفشلهم الذريع في تحقيق  اهداف المؤامرة الكونية على سورية ،التي اعدت فصول سيناريوهاتها في واشنطن وتل ابيب ،لتفتيت الجغرافيا السورية الى ست كنتونات طائفية ومذهبية وعرقية ، وتقسيم العراق الى ثلاث كيانات فيدرالية.
 مسار التسوية السياسية / مسار كامب ديفيد /غير قادر على فك لغز المعادلة الجديدة لمتغيرات الصراع بعد استعادة مساره الطبيعي /دورات حروب / ،وان اعادة النظر في جدوى التسوية السياسية ، من حيث التعايش السلمي وعدم قدرته على انهاء حالة العداء التاريخي المتجددة بين طرفي الصراع ؛تؤكد سراب نظرية الحلول السلمية للصراع .
   توازنات القوى الدولية والاقليمية الصاعدة ، وما رافقها من تحالفات اقليمية ودولية جديده لإيجاد نظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات ساهمت لدرجة كبيره في تحقيق التوازن الاستراتيجي الكاسر مع إسرائيل.وجهوزية محور المقاومة العربي الاسلامي في المواجهة المقبلة مع إسرائيل ، بعد استكمال ترابط جبهاته بالتحام وتشابك قوات الجيش العربي السوري والعراقي لتمتد من طهران الى دمشق .  
* صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا