منطقتنا على صفيح ساخن … تهيئة ساحات الحرب للنزال / شاكر زلوم

شاكر زلوم ( الأردن ) الأحد 29/10/2017 م …




بالأمس صرح تيلرسون ان مصير عائلة الأسد الى زوال ولكنه لا يعلم كيف !, تصريحه لا يخرج عن دائرة أوهام التمنيات التي تكررت خلال الحرب الكونية على سوريا الممزوج بالخيبات , مدلول تصريح تيلرسون هو ان أمريكا تعيش مأزقها السياسي فلا تعرف كيف ستتخلص من عدوها الذي حاربته لسنوات في منطقتنا بعد أن كسرت مشاريعها في التفتيت لضمان بقاء إسرائيل وتأمين أمنها . هذه حقيقة , فهل ستسلم أمريكا للأمر ؟ من مراجعة سياساتها في العقد الأخير وجدنا أنها ما أن تُهزم في صراع حتى تغير خططها العملانية , لكنها لا تتخلى عن سياساتها فالعدوان على الشعوب هدفها للسيطرة على مواردهم وتمكين حثالات من خدامها للسيطرة عليهم , ورد في تقرير (اعادة المسار) الذي نشر بموقع نيويوركر في بداية عام 2007 ورد ذكر الحرب على سوريا ولبنان ولكن بِتَمَنٍ أن يكون محور المقاومة قد أرهق و أنهك وللإستئناس سأقتبس بعضاً مما جاء في التقرير المشار اليه : (إن نشات حرب بالمنطقه فيفضل أن تخوضها إسرائيل ,لا أمريكا لكن بعد أن نكون قد أنهكنا “محور الشر” ) المقصود بمحور الشر هو محور الخير فالشيطان لا يرى في الخير إلآ شراً , بمقاربة حال محور المقاومة بين عام 2011 واليوم نجد بجردة بسيطة أن من أنهك هي قوى الشر والعدوان ونجد أن محور المقاومة اضحى أكثر قوة عددا وعدة وخبرة بعد أن حقق المعجزات في تصديه لقوى الشر الحقيقية اي أمريكا واسرائيل ومن لف لفهما ودار في فلكهما من أعراب وتكفيريين و دول وظيفية افتراضية فالدولة الإفتراضية يعجبك شكلها في الرخاء لكنها ركيكة وهشة في المحن و الأزمات و الأمثلة على ذلك في الإقليم كثيرة .
في جردة لنتائج الحرب العسكرية نجد ان سوريا تنتصر وتقترب من النصر الكامل و كذلك حال العراق فهو ينتصر على يد قوة وليدة جديدة ( الحشد الشعبي المقدس) وعلى يد الجيش العراقي الذي ابتدأت عقيدة الوطنية تتشكل من جديد ,لقد تحولت وحدة العراق و أراضيه تتجذر في العقيدة القتالية للجيش العراقي بعد ان أرادوا له أن يَفنى و يَندثر وأن تُمرر مؤامرة تقسيم العراق في ظل وجود جيش هش وركيك , في الجردة أيضاً نجد أن حزب الله تضاعف قدراته وتحول لجيش من أهم الجيوش في المنطقة عدداً وعتادا وخبرة قتالية, لقد أكسبت الحرب حزب الله خبرات عسكرية هائلة تخيف الصهاينة و أسيادهم و أتباعهم وتقلق مضاجعهم , أليس مستغرباً أن تتم أكبر المناورات العسكرية في تاريخ الجيش الصهيوني للتدريب على محاربة حزب الله واين؟! جرت المناورات الأكبر في الجليل الفلسطيني للتدرب على كيفية مواجه احتلال الجليل الفلسطيني المُغتصب و تحريره من قبل حزب الله , أما ايران فلقد حققت انتصارات سياسية تمثلت في الإتفاق النووي وعسكرية على قوى التكفير ومن ورائهم سواءً في سوريا أو العراق وتضاعف قوتها العسكرية و تأثيرها السياسي في الإقليم بعد أن وصلت قوى الحرس الثوري الإيراني لحدود فلسطين الشمالية أي الى الجنوب السوري و بذات السياق ظهرت قوى مقاومة شعبية رديفة فعالة و وازنة أمدت محور المقاومة بالرجال وقدمت الشهداء الأبطال وساهمت بتحقيق الإنتصارات في سوريا , تلك القوى تستطيع رفد الجبهات بمئات آلآف المقاتلين الأبطال بزمن النزال .كل ما ورد جاء على حساب قوى محور الشر الحقيقية في الإقليم أي امريكا واسرائيل و أعرابهم و أتباعهم , بذات السياق أيضاً خرج اليمن من الحظيرة السعودية فهرب رموزها ومرتزقتها من عبد ربه منصور هادي لجماعة (الإصلاح) أي جماعة الإخوان اليمنية وتحول الحشد اليمني والجيش اليمني لقوة إحتاجت و تحتاج مواجهتهما لتكوين الأحلاف ولشراء مرتزقة من كل بلاد العالم , أمام هذه الوقائع نجد ان محور المقاومة تعززت قدراته بوقت تترنح به أمريكا وقوى الشر التابعة لها .أمام تنامي قوة محور المقاومة فما الخيار بالنسبة للصهاينة بتل أبيب وواشنطن ؟ هل تنتظر قوى الشر استكمال عقد قوى المقاومة ليتحول أكثر فتكاً ؟ لقد تحول خيار الحرب لخيار وحيد أمام اسرائيل و امريكا فقدر اسرائيل بالزوال المحتوم يقترب بتسارع ,ما لم تحاول هي ورعاتها للتحرك العاجل, أي أن تركت قوى محور المقاومة تكبر فسيحول زوال الكيان لأمر تحصيل حاصل بلحظة زمن مواتية يحددها محور المقاومة بإختيار لحظة زمن مواتية . أمام حالة الرعب التي تسيطر على الكيان وعربان الكيان ومشغلهم الأمريكي والتي يتم التعبير عنها بتصريحات متناغمة تقترب للصراخ أحياناً من قبل رموز محور الشر من كبيرهم (ترامب) لصغيرهم السبهان الذي طالب بإجتثاث حزب الله لخطره ! , خطره على من ؟ على الكيان الصهيوني و من يدور في فلكه , بتماهٍ تام بين كل قوى الشر المُرتعب من قوة محور المقاومة نجدهم تارة يتناولون السيد الرئيس بشار الأسد و أخرى إيران وحزب الله والحشد في العراق , فما تصريحات تامر السبهان عن ضرورة اجتثاث حزب الله ولجمه الآ تعبير عن حالة رعب تحولت لكابوس تسيطر عليه وعلى أسياده و على محوره من زوال حكمه بزوال احتلال اسرائيل لفلسطين, لقد أتى اعتبار نظم (الإعتدال) حزب الله حزباً ارهابياً بسياق جدلية علاقة الوجود بين تلك النظم و وجود وبقاء إحتلال الكيان لفلسطين وبقاء ما يسمى بدولة اسرائيل , ولأن ساعة الحقيقة تقترب نجد ان نظم الإعتدال (العربي) تستميت لتصفية قضية فلسطين و لو على حساب أحد النظم المعتدلة فوجودهم هو من (بركة) وجود اسرائيل و لا ضير من التضحية بقربان من أجل بقائهم و بقاء ولية نعمتهم وحافظة عروشهم اسرائيل, اذكر بما ورد على لسان ملك البحرين بكل وسائل الإعلام ” أن اسرائيل تستطيع حماية نظمنا ” !.
الحرب آتية والعمل على تهيئة ساحات الإشتباك جار على قدم وساق في كل الساحات : فلسطينياً : تمت المصالحة بين فتح و حماس لتحييد سلاح حماس و للإستفراد بقوى المقاومة الأخرى ولتمرير صفقة القرن الترامبية لتصفية القضية الفلسطينية ,فما بقيت قضية فلسطين قائمة فلن يهدأ للأشرار بال ولن تستقر عروشهم المهتزة وتسلطهم على موارد البلاد و رقاب العباد .
لبنانياً : استدعت السعودية عملاء اسرائيل القدم و الجدد تباعاً للرياض لحشدهم وتنظيم صفوفهم ضد حزب الله لمواجهته في الحرب القادمة , تمهيداً للحرب على لبنان أصدرت أمريكا اصل كل الشرور قوانين لزعزعة الأمن الإجتماعي والإقتصادي في لبنان .
عراقياً : تعمل أمريكا والسعودية لتعزيز موقع العبادي ليتمكن من تجديد ولايته , لذلك كانت مرنة بموضوع الإستفتاء في الشمال العراقي ولم تتخذ موقفاً متشنجاً باستعادة كركوك وبقية الأرض المغتصبة من عصابات البرزاني مما يعطي العبادي أوراقاً انتخابية ستجير له في صناديق الإقتراع في الإنتخابات البرلمانية القادمة , كما عملت و تعمل السعودية على استدعاء أوراقها الشيعية للرياض لترتيب أمرهم في مواجهة الحشد والقوى الممانعة والمقاومة الصاعدة فيه بهدف منع تمدد محور المقاومة وتواصله فيما بعد مع سوريا وصولاً للبنان .
اردنيا: يتم التضييق على الأردن سياسياً واقتصاديا لتزداد النقمة الشعبية على الحكم , بعض رموز الحكم تساهم في ذلك بإدراك أو بدونه . الهدف هو تجويع الناس تهيئة لقبول اي حلول يعتقدون أنها ستؤمن حياتهم و حياة أبنائهم فيما لو تحقق هدف الحرب وتم الوطن البديل وتهجير من تبقى من أهل فلسطين قسرياً اليه لا سمح الله , وبهذا السياق استضافت أحزاب صهيونية في تل أبيب التافه (مضر زهران) للترويج للوطن البديل .
عشائرياً : تعمل أمريكا على تجميع قواها العشائرية في البادية السورية وكما في الجزيرة السورية و في صحراء الغرب العراقي لتوظيفهم في الحرب القادمة بما يخدم أهدافها .

من المفيد الإشارة لخطورة لقاء قادة جيوش الدول (المعتدلة) في المنطقة مع قائد جيش العدوان الإسرائيلي في واشنطن فاللقاء يأتي في سياق الإعداد للحرب القادمة بعد استكمال الإعداد لها وتجييش كل ما هو ضار لتبريرها شعبياً بعد سقوط ورقة الفتنة المذهبية .
الصراع بين محوري الخير و الشر على اشده فكل محور يعمل لتعزيز تشابكاته وما استقبال حماس في ايران والترحيب بها الآ في إطار هذا السياق فمحور المقاومة يراهن على بعض قادة القسام لكي لا تُحَيَّدَ في الحرب القادمة ولكي لا يتم الإستفراد بالقوى الفلسطينية الممانعة , من المفيد التأكيد أن قوة أمريكا وبقاء وجود الكيان الى الآن لم يكن نتاج قوة قوة حقيقية بل نتيجة لنظم تسترت بالدفاع عن القضية والدين بينما كانت تفعل ولا تزال عكس ذلك , ستنتصر شعوبنا وسيسقط مشروع القرن الأمريكي وسينكسر قرن الشيطان الأمريكي فأمريكا ليست قدراً حتمياً و إرادة الحياة للشعوب أقوى .
شاكر زلوم
كاتب وباحث

قد يعجبك ايضا