بوارق صحوة عربية بعد اندحار الموجة التكفيرية الارهابية / فهد الريماوي

 




 فهد الريماوي* ( الأردن ) الإثنين 23/10/2017 م … 

* رئيس تحرير جريدة “المجد” الاردنية

تعانقنا عرائس الفرح، وتغمرنا نسائم البهجة، وتغشانا اسراب السعادة، وتتملكنا مشاعر الحبور والسرور، حين يؤذن فينا صوت جهور، وينهض من بيننا رجل شجاع، ويتحقق لنا نصر مفاجئ، ويسطع في دياجير ليلنا الراهن قنديل مبهر وموفور الضياء.

بين عشية وضحاها، بل بين صرخة حق وصداها، تحول مرزوق الغانم من برلماني كويتي مغمور الى اسم عربي شهير، وامتلك من النجومية السياسية والشعبية العروبية ما لم يخطر له على بال.

هذا الرجل الذي امتلك شجاعة الكلمة وصلابة الموقف، اثبت ان الامة العربية عامة ما زالت قادرة على انجاب الاشاوس، وان حوض الخليج العربي خاصة ما زال يحافظ – في اغلبه – على النبض القومي والانتماء للارومة القحطانية.

الاهم من ذلك، ان هذا البرلماني “الغانم” قد اثبت مجدداً ان فلسطين ما زالت قضية العرب الاولى، وان اسرائيل ما زالت عدو العرب الاول.. فلو اشتبك هذا الرجل مع اي وفد ما خلا الوفد الاسرائيلي، وحول اية قضية ما عدا القضية الفلسطينية، لما ظفر بكل هذا الالق السياسي السريع والشهرة العربية والعالمية الواسعة.

وعليه، فليت المتهافتين من حكام الخليج على اعتاب تل ابيب يثوبون الى رشدهم، ويعودون عن غيهم، ويدركون انهم سائرون على الطريق الخطأ وسادرون في ضلال مبين، ويستمعون جيداً لصوت الضمير الخليجي الذي نطق به هذا الغانم الواثق من ان العدو الغاصب لارض العرب في فلسطين، لن يكون حريصاً على ارض العرب في الخليج، ولن يكون مخلصاً لاحفاد من قطعوا دابره في خيبر.

ايضاً بين عشية وضحاها، وبين صولة عسكرية ومداها، تحول حيدر العبادي من رئيس وزراء عراقي عادي الى زعيم وطني ورمز قيادي، واكتسب من المكانة الاقليمية والاهمية العربية والوزن النوعي الدولي ما وضعه في مصاف الزعماء الكبار.

لقد شكل لنا هذا الرجل مفاجأة مدهشة، حين حزم امره وعقد عزمه على صون وحدة التراب العراقي، ووضع زمرة الانفصاليين الاكراد بقيادة مسعود البرزاني في حجمهم الحقيقي الذي تضاءل حد الصفر لدى مواجهة جيش العراق، وحشده الشعبي، ومؤسساته الامنية والشرطية.

في صولة واحدة، اثبت العبادي انه رجل دولة وصانع قرار، في حين اثبت البرزاني انه احمق لا يجيد الحساب الاستراتيجي، ومغامر القى بنفسه وكردستانه في مهاوي الهزيمة، واجج الخصومات والانقسامات البينية داخل البيت الكردي.

اللافت للانظار والجدير بالاهتمام في هذا المقام، ان قضية فلسطين قد حضرت حتى في احداث شمال العراق.. ذلك لان البرزاني الذي تنكر لتراث صلاح الدين الايوبي محرر القدس، كان قد استقوى باسرائيل وتحالف معها واعتمد عليها، ولكن سرعان ما خاب سعيه وانقصم ظهره وانهزم تحالفه القذر مع نتنياهو، وانهار تلازم المسارين بين الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والانفصال الكردستاني عن العراق.

نرفع القبعات تحية واجلالاً للغانم الذي اغتنم فلسفة اللحظة وفجرّ قنبلة اعلامية مدوية ارعبت وفد الكنيست الصهيوني واخذته على حين غرة، واجبرته على الهروب.. ثم نحني القامات والهامات تقديراً واحتراماً للعبادي الذي اذل غرور البرزاني، وهزم عصابات داعش والبيشمركة على حد سواء، وانعش الدورة الدموية في شرايين الامة العربية.

ربما تسبقنا آمالنا وطموحاتنا ونحن نتطلع بعين التفاؤل والاستبشار الى الغد القريب، ونراهن على ارهاصات صحوة قومية نهضوية لن يطول انتظارها.. فقد خمدت زوابع “الربيع الفظيع”، واندحرت موجة الدواعش والظلاميين، وانتصرت منظومة المقاومة على “ليكود” الاتراك والاكراد والصهاينة وامريكان العم ترامب.

 

قد يعجبك ايضا