فخامة رئيس مجلس الإدارة.. و«نوروز» أوجلان! / محمد خروب

 

 

محمد خروب ( الأردن ) الثلاثاء 24/3/2015 م …

 

ادلى رجب طيب اردوغان بدلوه في مناسبة الاحتفال بعيد النوروز, تماماً كما فعل باراك حسين اوباما.. كلاهما وجه رسالة الى «اعدائه».. والطريف هنا ان كليهما يفاوض هؤلاء الاعداء, لكنهما في الآن ذاته يُنكران عليهما حقوقهما أو ينازعانهما.. إياها.

ما علينا..

اردوغان, الذي بات يُوصف برئيس مجلس ادارة الشركة التركية العامة, بعد أن شبّه ادارة تركيا بادارة شركة عامة, هذا التشبيه الذي أثار عاصفة من الانتقادات اللاذعة.. لم تهدأ بعد, يواجه استحقاقين: أحدهما ماثل يأخذ صفة الاستعجال وإن كان مسربلاً بالغموض والحذر, وهو رصد ومراقبة ردود الفعل والتداعيات الكردية على الرسالة «التاريخية» لعبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني PKK المسجون في جزيرة ايمرالي ببحر مرمرة, وخصوصاً من القيادة العسكرية لحزبه المتمركز في جبال قنديل شمال العراق, والتي لا تُبدي حماسة أو ثقة بنيّات اردوغان وحكومته, التي يصفونها بأنها انتهازية, يريد من خلالها «تمرير» التعديل على الدستور, الذي يسمح له بتحويل النظام البرلماني الحالي الى نظام رئاسي, ثم بعدها – على ما يقولون – سيدير ظهره لكل الوعود والاتفاقات لأنها تتعارض ومشروعه العثماني الجديد, الذي يريد بعثه, هذا المشروع الذي لا يعترف بأي قومية أو عرق أو أثنية سوى «الطورانية».

يُدلّلون على ذلك ايضاً, بأحدث تصريحات اردوغان عندما طرح جُملة من الاسئلة الاستنكارية, في معرض محاولاته تخفيف قلق الشارع «القومي»…»عن أي قضية كردية يتحدثون؟ لا توجد قضية بهذا الاسم – مضيفاً – أي حقوق تلك التي يُحرم منها المواطن الكردي في تركيا؟ وأي حقوق يتمتع بها غيره.. زيادة عنه؟… إن القضية, هي قضية ديمقراطية وحرّية, وليس لها طابع قومي أو عرقي. ختم اردوغان.

بالطبع, لم ينجح الرئيس التركي في تبديد مخاوف «القوميين» بل زاد من قلقهم, ما دفعهم لطرح اسئلة بسيطة لكنها تضرب في عمق الأزمة وتكشف هشاشة خطاب ومنطق اردوغان, الذي استطاع, الى حد ما, أن يختزل الدولة التركية في شخصه, وأن يحوّل الحزب والدولة الى دولة وحزب الشخص الواحد, متخطياً كل الاعراف وتقاليد الدولة التركية, دع عنك ارث اتاتورك ونهجه العلماني, محتقراً القضاء وساعياً الى بسط هيمنة السلطة التنفيذية (وزير العدل) عليه، محاصراً وسائل الاعلام وباطشاً بالصحفيين فضلاً عن تنكيله باجهزة الأمن المولجة إنفاذ القانون وتدخله في عمل الحكومة عبر ترؤسه جلساتها دون حق دستوري، كون منصب رئيس الجمهورية-حتى الان-هو منصب بصلاحيات محدودة.

«.. إذا لم تكن هناك قضية كردية، فما هو سبب التفاوض الجاري مع اوجلان؟ تساءل حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كمال كيليتشدار اوغلو، داعياً الى مناقشة «الموضوع» في البرلمان وعبر القنوات السياسية وليس بالتفاوض السري مع ارهابي محكوم بالسجن المؤبد، على ما جاء في بيان الحزب, الذي يقود أيضاً حملة التعريض والغمز من قناة اردوغان وخطته الرامية الى تحويل النظام البرلماني الى رئاسي على الطريقة الاميركية, فضلاً عن استغلاله تصريحه ان ادارة تركيا تشبه ادارة شركة عامة قائلا: إردوغان لا يعتبر تركيا جمهورية ديمقراطية تستند الى مؤسسات، بل يتعامل معها على انها شركة (والده) يديرها كيفما شاء، ولذلك يطالب بنظام رئاسي ذي صلاحيات واسعة، لكي يحقق حُلمه».

هل قلنا نظام رئاسي؟

نعم.. حيث تكمن هنا اهمية الصوت الكردي (في البرلمان بالطبع) ويواجه الكرد (إذا ما صرفنا النظر عن رسالة اوجلان ودعوته «التاريخية» الثانية, اعضاء حزبه القاء السلاح والانخراط في النضال السياسي السلمي) معضلتين: الاولى تكمن أولاً في قدرتهم على تجاوز نسبة الحسم (10%) والتي لن يستطيعوا اجتيازها, إلاّ بدعم من احزاب حليفة لن يكون الحزب الجمهوري منها إذا ما مضى حزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي التركي لحزب العمال بزعامة اوجلان) في القاء السلاح والتصالح مع نظام اردوغان, علماً بأنه (الحزب الجمهوري) كان دعم زعيم الحزب صلاح الدين ديمرطاش في انتخابات الرئاسة وحصل على نسبة مرتفعة (نسبياً بالطبع) وصلت الى 5ر9% ما اثار التفاؤل بقدرة الحزب على تخطي نسبة الحسم.. اما المعضلة الثانية, فهي قبوله ما يستبطنه تشبيه اردوغان الخطير بان ادارة تركيا تُماثل ادارة شركة عامة, وهو أمر وقف منه ديمرطاش موقفاً حاداً عندما قال في غضب: «مهما حصل ومهما حاول اردوغان، فإن البرلمان والاكراد عموماً.. لن يسمحوا بتحويل النظام رئاسياً.. وفق هواه».

كلام جميل لكن يصعب ترجمته الى افعال, اذا ما انطلق قطار اوجلان وألقى المقاتلون الكرد سلاحهم ليناضلوا سياسياً (كما قال اوجلان في رسالته التي أُلقيت في ميدان مدينة ديار بكر.. الكبير).

هل يوافق أردوغان على تشكيل لجنة متابعة «حيادية» للسهر على تنفيذ أي اتفاق محتمل؟

وهل يتراجع متشددو الجناح العسكري في جبال قنديل عن رفضهم إلقاء السلاح؟

ثم.. هل يعانق اوجلان الحرية قبل البدء بتنفيذ الاتفاق أم بعد انتخابات الرئاسة؟

أسئلة كبيرة وخطيرة ستروي الايام الوشيكة اجوبتها.. سلباً او ايجاباً.

قد يعجبك ايضا