كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب بمناسبة الذكرى ال 35 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية والذكرى ال93 لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني في المهرجان التكريمي للقادة الراحلين والشهداء في بعلبك – الهرمل – بلدة الجمالية 15 تشرين الأول – 2017

الأربعاء 18/10/2017 م …




الأردن العربي –

نلتقي اليوم في مهرجان تكريمي للقادة الراحلين وشهداء الحزب في  محافظة بعلبك – الهرمل، واللقاء في بلدة الجمالية يعطي المناسبة ما يليق بها وتستحقه، فهي البلدة التي انتصرت باللحم الحي على العدو الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006، وهي التي احتلت بدماء شهدائها، مكانتها ورمزيتها الخاصة في وجدان شعبنا وحزبنا ومقاومته،

 والتكريم والتحية للقادة الراحلين والشهداء، تكريم وتحية لبلدة الجمالية ولمحافظة بعلبك – الهرمل، فهي التي أعطت وضاعفت من عطائها، رغم كل الحرمان الذي أصابها ويصيبها.

انه تكريم للانجازات المحققة بتضحيات الشهداء من الرفاق الذين مشوا  هذا التاريخ الطويل من المقاومة، عمره 93 عاما منذ ان تأسس هذا الحزب، حزبا مقاوما، أضاءت منها شموع ” جمول ” شموع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، 35 عاما على طريق التحرير والتغيير الديمقراطي:  من مقاومة الانتداب ومعركة الاستقلال، مرورا بشهداء القرى الجنوبية الامامية والحرس الشعبي وقوات الأنصار وشهداء النضال النقابي والاجتماعي من مزارعي التبغ وعمال معمل غندور والحركة الطلابية وشركة الريجي، وصولا الى أولئك الذين سقطوا في الحرب الأهلية ضد مشاريع التقسيم.

 وهو تكريم الى  قوافل شهداء الحزب أينما سقطوا وفي أي موقع كان، ولشهداء الأحزاب المقاومة وشهداء جيشنا وآلاف الشهداء من  شعبنا الذين حرروا بيروت والجبل والجنوب والبقاع، من العدو الإسرائيلي ومن المجموعات الإرهابية، انهم شهداء  الوطن الذي بهم نعتز ونفتخر. فتحية الى ارواحهم الطاهرة

 واذا كان احياء هذه الذكرى واجب بكل المعايير الوطنية والسياسية، الا ان  الواجب أيضا يدعونا ان لا نكتفي بتمجيد التاريخ والتغني به فحسب، بل هو يطالبنا بالمحافظة عليه والتطلع نحو المستقبل، والارتقاء الى مستوى التضحيات، وذلك يكون بمتابعة الطريق حتى تحقيق الأهداف التي من اجلها سقط الشهداء .

ولا تتحقق هذه الأهداف الا بالانتقال من تحرير الأرض الى تحرير الانسان الذي حرر هذه الأرض من الطائفية والمذهبية، وتحريره أيضا من الفقر وآليات الاستتباع للزعامات المذهبية وحيتان المال، التي جعلت من حقوق الفقراء، منة وحسنة، تلك هي المهمة الراهنة للمقاومة التي لا تتقدم عليها اية مهمة، وهي ربط عملية التحرير بعملية التغيير الديمقراطي باعتبارهما مهمة واحدة لا تتجزأ. هكذا نفهم المقاومة وهكذا يكون عهد الوفاء لتضحيات الشهداء،

فهم استشهدوا من اجل وطن يليق بتضحياتهم، وطن يعيش فيه ابناؤهم بالعزة والكرامة ورفاه الحياة . استشهدوا من اجل بناء دولة مدنية ديمقراطية، لا البقاء في دولة المزارع الطائفية. استشهدوا من اجل تغيير هذه السلطة الفاسدة التي تعتاش من ألاعيب خلافات أطرافها واتفاقاتها حول الحصص، التي دفعنا ولا زلنا ندفع الثمن في الحالتين معا. ولأنها سلطة تابعة لأوصيائها في الخارج، فهي تريد أتباعا لها في الداخل، والتخلص منهاواجب وطني يتطلب وقف هذا المسار المأزوم والسير باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي.

والإنقاذ ينطلق من فكرة واحدة مفادها أن رزمة المشاكل التي عانى ويعاني منها اللبنانيون، من الطائفية الى الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والسكن والتقاعد والنقل والاتصالات والبنى التحتيّةلن تجد حلاً لها الا باقامة دولة جديدة قادرة على تأمين هذه الحقوق، دولة مدنية ديمقراطية، دولة غير هذه الدولة الفاشلة وسلطتها الفاسدة، التي رفضت ولا تزال ترفض معالجتها، وأنّ الانتخابات النيابية تُشكل فرصتهم لتغييرها ومحاسبتها، وليس لإعادة انتخابها من جديد، والذي يعني إبقاء الأزمة وإبقاء حقوقهم ومطالبهم المحقة معلقة وبدون تحقيق. انظروا اليهم الآن كيف يتم استدعاؤهم الواحد تلو الآخر الى العواصم لتلقي الأوامر والتعليمات ربطا بالانتخابات النيابية ولتنفيذ الأجندات والإملاءات الخارجية،

     على ما تقدم، واستكمالا للمعارك والحراكات الشعبية والنقابية والبلدية التي حصلت في الشارع على مدى السنوات الست الماضية، والتي أظهرت وجود حالة اعتراض ديمقراطية واسعة لدى شعبنا، وكان الحزب في قيادتها شريكا، سيتابع معركته وسيخوض الانتخابات النيابية كجزء من حالة الاعتراض هذه، من موقع المعارضة المستقلة، ضد القانون الانتخابي وضد السلطة التي أقرته وافرغت النسبية من مضمونها الأصلاحي السياسي والانتخابي، وذلك تمسكا بالنسبية خارج القيد الطائفي والدائرة الوحدة، وباعتبارها فرصة لخوض معركة سياسية على الصعيد الوطني العام، هدفها تجميع الصفوف وحشد القوى وتشكيل ائتلاف سياسي لهذه الانتخابات وما بعدها،دعما وترشيحا للوائح المعارضة الديمقراطية ، تحت شعار واحدوبرنامج واحد.فكما توحدت قوى السلطة، على قوى الاعتراض أن تتوحد بمواجهتها.

        انطلاقاً من منطق المواجهة نفسه، نقارب موقفنا من سياسات الحكومة في الملفين الاقتصادي والاجتماعي، ونعتبر أنّ إقرار سلسلة الرتب والرواتب، أمنت بعضاً من الحقوق لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين، وكذلك لأساتذة التعليم الرسمي والخاص.

وفي هذه الذكرى نجدد عهد الحزب بتطوير النضال الوطني والسياسي والاجتماعي ضد النظام السياسي الطائفي الذي تمعن  طبقته السياسية في افقار الشعب اللبناني . هذا النضال الذي أثبت جدواه في معركة إقرار السلسلة وفي فرض التراجع على حيتان المال بفرض ضرائب على ارباحهم المصرفية والعقارية ولو بشكل جزئي فلم يفلحوا بالتهرب من دفعها، وجاء إقرار السلسلة تحت الضغط النقابي، ورغم ثغراتها وفجواتها، ثمرة نضالية تحققت بفضلنضال حزبناونضالات القطاعات النقابية والفئات الشعبية، فلم يأتي إقرارها بفضل هذا الزعيم أو ذاك، ولا بفضل اتباعهم في الاتحادات والنقابات والروابط، الذين وقفوا ضد السلسلة طيلة السنوات الست الماضية.  فكشفت التحاق قيادة الاتحاد العمالي العام بالسلطة، بعد ان نال العمال والاجراء في القطاع الخاص على يده نسبة زيادة 15%، بينما نهجنا النقابي المستقل عن السلطة فرض إقرار زيادة لموظفي القطاع العام  ما معدلها ال 100%، وتلك فضيحة ما بعدها فضيحة، فماذا تفعل هذه القيادة ولماذا لا تتحرك دفاعا عن حقوق العمال.

وكما تحرك الحزب ضد ربط قانون السلسلة بقانون الضرائب، وضد فرض الضرائب غير المباشرة التي أقرت على الفقراء سيتابع تحركه ضدها، ومن اجل زيادة الضرائب على أرباح الأثرياء والريوع المصرفية والعقارية ومن اجل استرجاع الأملاك البحرية ووقف الهدر والفساد في المال العام،  فقانون الضرائب الذي أقر يكشف عريهم ، لقد استخدموا السلسلة شماعة لفرض الضرائب على الفقراء ولزيادة الأقساط ورفع الأسعار، فهو يؤمن إيرادات للخزينة 1750 مليون $ اي ضعفي كلفة السلسلة 850 مليون $، وان الزيادات التي طرأت على الأقساط وأرباح المدارس، تبلغ 400%  مقابل زيادة معدلها 85%  على رواتب المعلمين. وما يحكى عن زيادات في الأقساط انما يهدف الى زيادة ارباح أصحاب المدارس الخاصة لا غير.

وعلى أبواب الجلسات المخصصة لبحث مشروع الموازنة المقترح بعد 12 عاما من تغييبها، فهذا المشروع لا يحمل أي رؤية إصلاحية لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي يعاني منها اللبنانيون، ولا استراتيجية تغيير حقيقية للسياسات المالية والنقدية والضريبية .

  يكفي ان نقول ان الاعتمادات المخصّصة للإنفاق الاستثماري، تشكل 8،7% من إجمالي قيمة النفقات العامة فقط، بينما نسبة خدمة الدين العام 35% الى 40% ، وهو يفضح ادعاءات الحكومة بأنها عازمة على معالجة الأوضاع البائسة للمرافق العامة والبنى التحتية الأساسية، من شبكات كهرباء وماء ونقل عام وصرف صحي وجمع نفايات، فضلاً عن شبكات الحماية الاجتماعية التي تتطلب المزيد من الاستثمارات، في مجالات الصحة والتعليم والسكن والتنمية المحلية. إن استمرار هذا الواقع يعني ببساطة إبقاء المواطن اللبناني ملزماً بتأمين وتمويل معظم احتياجاته الملحّة من جيبه الخاص. بينما المطلوب اعتماد الضريبة التصاعدية على أرباح القطاعات الريعية المصرفية والعقارية، وإلغاء الضرائب غير المباشرة على العمال والفقراء وذوي الدخل المحدود، والى إقرار الموازنة على هذا الأساس ومعها إقرار قطع الحساب عن اثنتي عشر سنة عوضا عن تأجيله، لتغطية التسويات والصفقات السياسية على حساب المال العام المهدور.

  من هنا نطلق نداءنا الى أصحاب المطالب وأصحاب الحقوق ان يتحدوا،  ليس من أجل إلغاء الضرائب غير المباشرة على الفقراء فحسب، بل من أجل طرح القضية الاقتصادية – الاجتماعية  برمتها في الشارع، من اجل رفع الحد الأدنى للأجور وتصحيحها في القطاع الخاص أسوة بالقطاع العام وتطبيق السلم المتحرك للأجور، من اجل التغطية الصحية الشاملة من اجل تأمين الكهرباء والمياه والتعليم والنقل والاتصالات والبنى التحتيّة…من اجل تصعيد المشاركة في الإضرابات والاعتصامات، فلن ننتظر جلسات المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي لا يحمل اية صلاحيات تقريرية وقد تشكل بأغلبيته من أتباع السلطة، فمن سيحاور من؟

ظنوا ان باصطفافاتهم السلطوية وهيمنتهم على النقابات يضربون الحقوق والمطالب  ويلغون العمل النقابي من ذاكرة اللبنانيين، لكنهم لم يدركوا، ان الحقوق والمطالب هي ملك أصحابها  قبل ان تكون ملكا لهم ولأتباعهم.

    اننا مدعوون بعد إنجازالحزب لبرنامجه الانتخابي للاسهام الجدي في انتاج البرنامج المشترك لأوسع ائتلاف من اجل التغيير الذي يُفترض أن تلتقي حوله كل تلك القوى في المعركة الانتخابية القادمة. ولتنظيم لقاءات شعبية لشرح البرنامج وتعميمه كمادة وأداة للعمل، ومن اجل تكوين أطر شعبية ديمقراطية من كل القوى والشخصيات العلمانية والوطنية بهدف تأسيس بديل شعبي وسياسي – في العاصمة والمناطق – وفي كل بلدة ومدينة ودائرة.

كما نعتبر أن الذكرى الثالثة والتسعين لتأسيس الحزب، والذكرى المئوية لثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى، التي كانت منارة لكل الثوريين في العالم، يجب أن يشكّلا مناسبتين  لتصعيد النضال الأممي من اجل انتصار مثل الاشتراكية في العالم ، مستفيدين من أزمة النظام الرأسمالي العالمي ، للانتقال نحو نظام جديد متعدد الأقطاب، حيث ترزح  الولايات المتحدة الاميركية تحت ضغط انقساماتها الداخلية فتحاول معالجتها من خلال تراجعها عن عدد من الاتفاقات الدولية الأساسية (البيئة، المناخ، الحدّ من التحرير الاقتصادي، التنصّل الضمني من التزامات الدفاع المشترك عن حلفائها، محاولة التراجع عن الاتفاق النووي مع إيران، الانسحاب من اليونسكو…)، ومن خلال توسيع نطاق العقوبات والتدخلات والتهديدات العسكرية ضد روسيا والصين وإيران وكوريا وفنزويلا وحزب الله… وعبر تشكيل تحالف سياسي – عسكري من (34 دولة عربية وإسلامية)  بقيادة السعودية ومصر، لمواجهة ايران وحلفائها في المنطقة، ولتصفية القضية الفلسطينية وتفتيت المنطقة.

      أيها الشيوعيون: فكما لبيتم نداء حزبكم وحملتهم السلاح دفاعا عن لبنان في وجه الاحتلال والارهاب، وكما كُنتُم  طليعة  المقاومة والحراك المدني والنقابي والبلدي، وخضتم المعارك المشرّفة، وحققتم نتائج كبيرة، كونوا اليوم ايضا في الطليعة، انتصاراً للقضايا الوطنية والقومية لفلسطين قضيتنا المركزية وبوصلة الصراع، ولنبني على تجربة المقاومة الوطنية اللبنانية مقاومة عربية شاملة ضد المشروع الأميركي الصهيوني الرجعي العربي وضد أنظمة الاستبداد والخيانة والاستغلال الطبقي، ولبناء أنظمة ودول وطنية ديمقراطية مقاومة

 فالى المساهمة النشطة والفعّالة في برنامج الاحتفالات المركزية والمناطقية بمناسبة عيد تأسيس الحزب في الورشة الفكرية يومي 27 و28 تشرين الأول، وفي المشاركة في احتفال “التجديد والعودة وتكريم قدامى الشيوعيين”، في الاحتفال المركزي في 29 منه وصولا الى التظاهرة الشعبية بعده،

الوفاء والعهد لقادتنا وشهدائنا الأبرار، ولكل من سار على هذه الطريق وغادرنا، ان تبقى راية حزبنا الشيوعي مرفوعة عاليا، راية التحرير والتغيير، راية شهداء المقاومة الوطنية اللبنانية،

عاش الحزب الشيوعي اللبناني

 وعاش لبنان

قد يعجبك ايضا