القيادي الإخواني زكي بني ارشيد وبسام حدادين … والعلمانية في الأردن !!

الأحد 1/10/2017 م …




الأردن العربي – حوار غير مباشر ما بين الرّجلين حول العلمانية في الأردن وحول علاقة العلمانيين بالدين والمتديّنين ، ننشره في ” الأردن العربي ” ، مع تحفظاتنا الكثيرة على ما أورده كلا المتجاورين حول مفهوم العلمانيّة وعلاقتها بالدين .

ونحن إذ ننشر هذا الحوار ، إنما نقصد فتح باب الحوار حول هذا الموضوع الشائك للوصول إلى ما نصبو إليه جميعا من إنتاج مجتمع مدني ( إقرأ علماني ) من جهة ، ثم ، وقبل ذلك تشجيع الآخرين على الدخول على خط هذا الحوار الهام .

**************************************************************************

** ما كتبه زكي بني ارشيد …

نحو حوار وطني شامل

لمصلحة من افتعال الصدام مع الدين والإيمان بالله والمقدسات التي تشكل هُويّة الشعب ومكنوناته الوجدانية؟.

الإسلام مكون رئيس في الثقافة والسلوك والاتجاهات السياسية والإنسانية، وطبيعة الإسلام تتميز في نظرته للكون والحياة وحرية الرأي والاعتقاد والتعبير.

ما يعني أنّ الصيغة الحضارية المطلوبة مستقبلاً هي النظام الديمقراطي في الحكم (تداول السلطة، التعددية، حق المعارضة، تمكين الأمة والانتخابات الحرة الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ….) ، لأن هذه الصيغة تعبر عن مقاصد الشريعة الإسلامية.

اذا كان المطلوب من الإسلاميين ان يحددوا موقفهم تجاه منظومة المعاني الديمقراطية وقد فعلوا، فإن المطلوب من العلمانيين ان يراجعوا مواقفهم ويعلنوا إنهاء حالة الصراع والقطيعة مع الحركات الإسلامية المعتدلة أيضا.

ليس لدى الطرفين من سبيل غير الحوار الجاد الشامل لبناء الحالة الوطنية بدلاً من التراشق والتصارع، وعندما ينتقل غُلاة العلمانيين والمتطرفين لاستهداف الدين نفسه ويستهزئون بالمعاني الإيمانية والرموز المقدسة (القرآن والرسل والمناهج والحجاب واللحية والاذان والمآذن والمساجد والكنائس…..) ويُسفّهون اركان الإيمان التي صاغت سلوك الناس وقامت عليها حياتهم، عندما يسلك هؤلاء المتطرفون هذا المنهج فإنهم يُشكّلون حالة داعشية علمانية متطرفة مقابل الحالة الداعشية الأخرى

إن المس بالمقدسات أياً كان مصدره من شأنه أن يفخخ المجتمع ويحيله إلى حقل ألغام قابلة للانفجار باي لحظة وبشكل مفاجئ.

إن اشتعال الصراع بين دواعش العلمانيين مع دواعش التطرف الديني إنما يقود إلى صراع مجتمعي عنيف يفضي إلى إنهاك المجتمعات وفساد الحياة ويؤدي إلى وقوع الشعوب والدول أسرى في قبضة المتطرفين.

اختراع الصدام مع الدين خدمة متميزة يقدمها غلاة العلمانيين للعدو الصهيوني المتربص بنا، وانظروا ان شئتم مكانة المتدينين عندهم.

نداء إلى العقلاء والحكماء ليتحملوا مسؤوليتهم التاريخية ويقولوا كلمة في إنهاء حالة الاحتراب والاغتراب فهل هم فاعلون ؟

** ما ردّ به عليه بسام حدادين …

وجه السيد زكي بني ارشيد القيادي في جماعة الاخوان المسلمين المحظورة ، دعوة الى العلمانيين لإنهاء حالة ‘ الاحتراب والاغتراب ‘ مع ” الإسلاميين ” من اجل حوار وطني شامل.

دعوة مباركة جزاه الله خيراً.

لكن بعد مطالعة دعوته السمحة ، وجدنا السيد بني ارشيد ، يكيل التهم جزافاً للعلمانيين بتعميم مبطن، ويغمز من قناتهم ، فهو يبدأ دعوته للمصالحة مع العلمانيين -التي ظهرت بأنها غير سمحة – ومن السطر الاول بالقول ‘ لمصلحة من افتعال الصدام مع الدين والإيمان بالله والمقدسات ‘ ثم ينبري للدفاع عن الدين ومركزيته في الحياة ، موحياً ان الخلاف مع العلمانيين يقوم على أساس موقفهم من الدين والتدين . وهذا طبعاً تزوير فاضح واتهام باطل .

بعد التساؤل الاتهامي للعلمانيين واتهامهم بالعداء للدين، يعدل السيد بني ارشيد الطربوش ويصب نقده على ‘ غلاة العلمانيين ‘ بالاسم .

حسناً شريكي في الوطن ، أودّ كعلماني وافتخر ، ان أشاركك النقد والتحفظ على من يدعي العلمانية ويفتعل الصدام مع الدين والإيمان بالله والمقدسات وهم حقاً من ‘ الغلاة ‘ . وهذا ليس تدليساً أو مناورة . لأن العلمانية في جوهرها ‘ومقاصدها’، تقوم على الحياد الإيجابي من الدين وتحترم عقائد كل البشر وتحمي حقهم بالإيمان وأكثر من ذلك فهي تحمي الدين من السياسيين المتطفلين عليه ويستخدمونه كأداة سياسية للوصول الى السلطة ، حماية للدين والمقدس من تلاوين السياسة وفجورها .

ثم ، وهذا هو الأهم أين هم هؤلاء ‘ الغلاة ‘ في ساحتنا السياسية والحزبية الاردنية ؟ . اتحداك يا ابن جلدتي ان تسمي لي سياسيا علمانيا واحدا أو حزبا علمانيا واحدا’ يفتعل الصدام مع الدين والإيمان بالله والمقدسات ‘ . اما اذا كنت تعني ان نقد جماعة الاخوان المسلمين وسلوكهم السياسي والوطني والتنظيمي والقانوني بانة خصومة مع الاسلام ، فهذه بضاعة فاسدة سياسياً ، ولَم يعد هناك من يقبلها سوى اهل الكهف من سياسيي ‘ الفرقة الناجية ‘ .

وعليه ، تمد يدك للمصالحة مع من ؟. !!!

انها دعوة ملتبسة ، يعوزها الوضوح ، والتخلي عن الاستعلاء الفكري ، والتواضع في محراب الوطن ، فالدين لله والوطن لجميع مواطنيه بمساواة كاملة غير منقوصة في الحقوق والواجبات رجالاً ونساء .

يتابع السيد بني ارشيد دعوته للمصالحة ويقول ‘ اذا كان المطلوب من الإسلاميين ( الاخوان ) ان يحددوا موقفهم تجاه منظومة المعاني الديمقراطية ( لاحظ كلمة المعاني وكأن الديمقراطية مقاصد ومعاني وليست قيماً بحد ذاتها ) وقد فعلوا ، فإن المطلوب من العلمانيين ان يراجعوا مواقفهم ويعلنوا إنهاء حالة الصراع والقطيعة مع الحركات الاسلامية المعتدلة أيضاً. ويشرح السيد بني ارشيد فهمه للديمقراطية باعتبارها ‘ تداول السلطة والتعددية وتمكين الأمة (!!) والانتخابات وحرية الرأي والتعبير ‘ ويختم ويقول : هذه مقاصد الشريعة الاسلامية .

اولا هذا مفهوم ناقص للديمقراطية ، هذا ركن واحد من أركان الديمقراطية وهو ركن الديمقراطية السياسية وهو الركن الوحيد المحبب للإسلام السياسي لأنه يمهد للوصول الى السلطة وبعدين الله بفرجها . ماذا عن أركان الديمقراطية الاخرى !!! وتحديدا قائمة حقوق الانسان الفرد ومنها حقوق النساء. هل تقبل جماعة السيد بني ارشيد مثلاً لمرأة مسلمة سافرة الرأس ان تدرس في مدارسها، مظنيش !!

ما علينا ..

لا اريد من اخوان الاردن ان يصبحوا حزباً علمانيا ، اريدهم ان يقبلوا النظام العلماني والديمقراطية العلمانية تماما مثل حزب الغنوشي وحزب اردوغان حبيب القلب.

كي تكون دعوتك يا اخي واقعية ويمكن اخذها على محمل الجد ، لتكن البداية : اولا اعلان الفصل الكامل والقطعي بين ما هو دعوي وما هو سياسي ، فالديمقراطية لا تسمح بخلط المقدس الديني مع احابيل السياسة. وثانيا لا بد من العمل تحت مظلة القانون والتخلي عن لعبة الحزب الواجهة ، فللحزب واجهة واحدة هي الوطن. وكبادرة حسن نية يتوجب عليكم ادانة الارهاب ادانة واضحة وتجريم داعش واعتبارهم خوارج عن الملة ، وأخيرا وقف شيطنة العلمانيين وتكفيرهم والتحريض عليهم ( جريدة السبيل وحادثة الشهيد ناهض حتر مثالا ).

وأخيراً لا بد من الإشادة بمحاولات الاستاذ زكي بني ارشيد لتجديد الخطاب السياسي للجماعة ، ولكنه تجديد خجول من وجهة نظري ومع ذلك يبدو كمن يغرد خارج سرب الاخوان ( سؤال مناكف : هل همام سعيد لا يكفر العلمانيين ).

نفرح نحن العلمانيون عندما يأخذ اَي فصيل سياسي خطوة مهما كانت صغيرة ، نحو الخطاب المدني ، لأننا نطمح بأن تنقى الساحة السياسية والحزبية من التعصب الأيديولوجي مهما كان مصدره ومسماه. والدين عندما يوظف سياسيا يصبح ايدولوجيا .

قد يعجبك ايضا