استفتاء البرزاني … خطوة مماثلة لخطوة الجمًيل في لبنان / عبدالحفيظ ابو قاعود

عبدالحفيظ ابو قاعود ( الأردن ) الأحد 1/10/ 2017 م …




الايام المقبلة حبلى بالأحداث والمفاجأة على  الساحة الدولية والاقليمية بعدما ارتكب حكام اربيل خطأ استراتيجيا في تنفيذ عملية الاستفتاء في 25/09/2017 بدون غطاء دولي واقليمي ومحلي لإعلان انفصال اقليم كردستان عن العراق كدولة مستقلة في اقليم ملتهب . فالورقة الكردية لتقسيم العراق مازالت غير قابلة للصرف في الاسواق الدولية والاقليمية للاستثمار في تفتيت المفتوت مجددا في زمن الاستبدال القومي لقيادة الملة ،فإقامة وطن قومي للأكراد على المناطق التي تقطنها الاكثرية الكردية في الاقليم ؛ تحتاج الى توافق وتفاهم دولي واقليمي ،لإعادة رسم خرائط الاقليم والمنطقة ،ولنظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات يخلف النظام الدولي القائم يكون بديلا عن خرائط سايكس بيكو وفرساي. وليس الاعلان عن الاستقلال من طرف واحد . كما هو الحصل في كردستان العراق.

رسومات تشرشل التي اعتمدت في العام 1923 ،لحدود مستعمرات النفوذ البريطاني من مصر الى الهند لا يغيرها استفتاء اربيل ومخرجاته فحسب ؛بل رحيل الاستعمار الغربي المتصهين وعملاؤه من ديار الملة ليصار الى تفاهم بين قوميات الملة لحل الخلافات الحدودية بينها في اطار مشروع  التكوين السياسي والتشابك الاقتصادي في الاقليم .

حكام اربيل لم يقروا التاريخ والجغرافيا جيدا، ولم يأخذوا العبر و الدروس من اقدام الزعيم الماروني “بشير جميل “من التحالف مع إسرائيل للحفاظ على النفوذ الماروني في لبنان فانتخب رئيسا للبنان من على ظهر الدبابة الاسرائيلية . ماذا كان مصيره؟!!! ،وماذا حل بالموارنة بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال بيروت في العام1982، وماهي نتائجه و مآلاته على مستقبل الموارنة السياسي في المعادلة اللبنانية ؟!!!.

كما لم يتعظ مسعود البرزاني من  خطوة “صدام حسين ” من انتزاع عربستان من ايران بالقوة المسلحة والدعم العربي والغطاء الدولي ، وماذا حل بالعراق من جراء ذلك؟!!! ، لان الزمان ولا المكان كانا معه .

واليوم يكرر مسعود البرزاني ؛الخطأ التاريخي بالقوة الناعمة “الاستفتاء “وانعدام التوافق الاقليمي  و المحلي والغطاء الدولي ، لإقامة نواة الوطن القومي للأكراد في اقليم كردستان العراق ،الذي لا يتوافر فيه أية مقومات الدولة المستقلة، فصلاح الدين الايوبي وحد الملة لتحرير بيت المقدس من الصليبيين ،في حين البرزاني فرق الملة لحماية إسرائيل لاحتلال المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .

فالاستفتاء في “اربيل “وما حولها لا يبني دولة مستقلة في كردستان العراق لافتقارها لمقومات الدولة في الاساس ولا يمهد لوطن قومي للكرد في الاقليم، لان الجغرافيا والسياسة ليست مع قيام دولة مستقلة فحسب ،بل مع انهيار حلم الاكراد في وطن قومي الى الابد ،لان رسومات تشرشل اصبحت مقدسة في الزمن الاسرائيلي ،وغير قابلة للتغيير او التعديل الا في حال زوال اسرائيل من الوجود. فأصبحت  ورقة الوطن القومي الكردي في يد الولايات المتحدة الامريكية للتفاوض بها مع الدول التي يتواجد بها الاكراد على النفوذ لحماية مصالحها الاستراتيجية في الشرق ولضمان امن إسرائيل.

البرزاني اخذ بنصيحة حليفه الارهابي  نتنياهو في تنفيذ خطوات تقسيم العراق كما جاء في وعد بريمر بانفصال كردستان عن بغداد في الذكرى المئوية الاولى ل “وعد بلفور”  2017 ، لإقامة دولة ” اربيل وما حولها ،كمقدمة لإعلان كردستان الكبرى وطنا قوميا للأكراد ، كما فعل بن غوريون  بفرض الامر الواقع بإعلان دولة إسرائيل بالاغتصاب والاحتلال العسكري لفلسطين، حينما رفض العرب قرار التقسيم ،فذهب الاول الى الاستفتاء لتقرير المصير.

كما ان الاعلان يشابه في مقدماته ومخرجاته تحالف الزعيم الماروني بشير جميل مع الارهابي ارييل شارون لتعظيم النفوذ الماروني في لبنان، بهدف إجراء مصالحة مكشوفة مع إسرائيل . حيث لم يمض ايام على انتخاب الجميل رئيسا للجمهورية اللبنانية ، الا وانهار حلم الموارنة  في النفوذ والدور المتعاظم المأمول في لبنان الذي اقتطعه الاستعمار الفرنسي من بلاد الشام ككيان سياسي لمسيحي الشرق . لكن  هذا النفوذ لم يتحقق بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان تلبية لشروط إسرائيلية واملاءات امريكية . فاعلان الزعيم الكردي مسعود  البرزاني كردستان دولة مستقلة وعاصمتها اربيل عبر الاستفتاء التاريخي في 25/9/2017 ، يشابه في الوقت ذاته اعلان الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في الجزائر 1988 ؛ فلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف. فإين فلسطين المستقلة ؟!!!.

فانفصال الضفة الغربية المحتلة عن الاردن عبر قرار فك الارتباط الاداري والقانوني والذي مهد له قرار قمة الرباط 1974،لتحصل المنظمة في نهاية المطاف على ادارة  مدنية ذاتية مؤقتة على المنطقة “أ” من اراضي  الضفة الغربية إطلق عليها ” السلطة الفلسطينية ” ، هو ؛ ذات السناريو الذي انتجه البرزاني  في استفتاء اربيل لانفصال كردستان عن العراق 2017 ،ما اشبه اليوم بالأمس ، فتمخض الجمل فولد فأرا .للبحث صلة

*صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا