النرجسية الجماعية / هاشم نايل المجالي

هاشم نايل المجالي ( الأردن ) السبت 30/9/2017 م …




النرجسية سمة تكمن ومتعلقة بشخصية الانسان فهو يحب نفسه بدرجة تزداد فيها انانيته الشخصية ويصيبه اضطراب نفسي وغرور وتعالي ويشعر انه المهم والاهم عن غيره من الناس وهذه الكلمة تنسب الى اسطورة يونانية ورد فيها ان نركسوس كان جميلاً جداً لدرجة انه عشق نفسه حتى الموت عندما كان يرى وجهه في الماء والشخص الذي يتصف بهذه الصفة يبيح لنفسه كل شيء يرى انه يتميز عن الناس حتى استغلالهم ويخنقه النقد ولا يريد ان يسمع الا المديح به والاعجاب باعماله وانجازاته مهما كانت صغيرة او فاشلة وهذه اصيب فيها كثير من قادة الدول الكبرى وادت بهم الى كوارث ودمار .

ومن جانب آخر فأن النرجسية الجماعية اصعب كثيراً من النرجسية الفردية فهناك من يعتبر نفسه وعائلته اكثر رقياً ونظافة وشرفاً عن غيرهم من العائلات وعندها فان الناس سيعتبرونه شخص غير موزون وفيه خلل نفسي ، اما ذا قام احد المتعصبين او المتشددين مستبدلاً انا وعائلتي بكلمات جماعية تعبر عن مدى ولاء وانتماء الشعب لوطنه فانه سيتم مدحه والثناء عليه بالاعجاب واصبحنا نجد ان كثيراً من الجماعات سواء كانت حزبية او اهلية او تنظيمات وغيرها يعتبرون انفسهم متفوقين كمجموعات وتنظيمات عن غيرهم  ودونية الآخرين وتخلفهم فهناك من الجماعات الدينية مثلاً يعتبرون انفسهم الوحيدين الذين يؤمنون بالله عن حق وحقيقه والآخرين مضللين كذلك التنظيمات المتطرفة الاخرى التي تعتبر نفسها اعلى مستوى فكرياً وفهماً ودراية عن غيرها ولقد كان هذا طريق التعصب الالماني حيث اسبغ على الأمة دوراً انها ( الامة المختارة ) المتفوقة على الآخرين جميعاً لتبرر هجومها واعتداءها على كل من لا يعترف بذلك فهي تؤدي الى الانتقام وان الحاجة لشفاء الجرح هو اهلاك المسيء وهذا عنصر من عناصر الامراض النرجسية التي تتبع سلوك اخضاع الاخرين حيث المجموعة النرجسية تعتمد قائداً يقودها ليقتنع بعظمته فيخضع الجميع له ولتكون دور افعاله على كل من يسيء او يعانده غاضبة فيرتكب الاخطاء تلو الاخطاء التي ستؤدي حتماً لتدمير المجموعة او الدولة وهناك مقياس للنرجسية الجماعية يستخدم في الابحاث العلمية فحبنا لوطننا مدلول ايجابي والعمل من اجل رفعة مكانته وشأنه ايضاً مدلول ايجابي اما التزمت انه افضل من الاوطان الاخرى فهو تزمت لا داعي له وهذا ما لاحظناه في الاستفتاء لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي فهناك من السياسين من يلعب على وتر النرجسية الجماعية من اجل السيادة والاستقلالية في استفزاز للروح الوطنية لاقناع الشعب فالنرجسية الجماعية تغذي ميزان الكراهية والعداء كذلك فان كثيراً من المواطنين الاتراك وكمجموعات اظهرت الدراسات انهم اكثر اتصافاً بالنرجسية الجماعية حيث اعتبروا ان عدم السماح لبلادهم بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي اذلالاً لوطنهم ونقصاً ومنهم من كان فرحاً للصعوبات الاقتصادية التي تواجه الاتحاد الاوروبي او لأي حدث عدائي يحدث فيها كذلك فان كثيراً من المجموعات الشعبية والطلابية الامريكية اظهروا مؤشرات النرجسية الجماعية حيث كانوا متشددين لقيام بلادهم بشن عمل عسكري على كثير من الدول وهذه النرجسية تتصف بكونها مفعمة بنهم لا يرتوي للحصول والاعتراف بالقوة والقدرة والعظمة عن غيرهم وهذا ما نجده في بعض رؤساء الدول العظمى بتفوقه وتفوقها عن غيرها من الدول عسكرياً فأرغموا دولاً أخرى على دفع الجزية المالية وفرض الامر الواقع عليها بالعصا في فوضى عارمة تجتاح البلاد وتعج بها الحياة الواقعية والمستقبل سيحمل لنا المزيد مما يمكن ان نستمع اليه بشأن نمط هذه المجموعات النرجسية على اختلافها وانواعها واتجاهاتها والتي لا يكمن خلفها الا الدمار والبغض والكراهية كما هو الحال عند بعض التنظيمات الارهابية المتطرفة فهي تشكل حالة مرضية انحرافية تبحث عن سلطة مطلقة لا نهائية كما وكيفاً لا تكاد تستوعب حتى خضوعها لمنطق الوجود الطبيعي للآخرين بل في قلوبهم قسوة فهم كالحجارة يقتلون كل من يخالفهم او من دين آخر ويريدون ان يستولوا على كل شيء لوحدهم انها لعنة حب الذات التي تنتهي بتدمير نفسها بعد ان تكون اقتاتت على تدمير الآخرين وهو ايضاً ما شاهدناه في تلك المجموعات من الى الاشباع ومنها اشباع الرغبات الجنسية لديها قائد عظيم يقودها ويوجهها ويبيح لها كل شيء حتى تجارة الاعضاء البشرية يعمل على رفع هذه المجموعة او هذا التنظيم في بورصة النرجسيات من خلال تعظيم القدرات والامكانيات الخارقة من خلال الافلام والحركات التدريبية واساليب القتل والدمار خاصة اذا وجدت من يتأثر بها او من يغذيها .

وعلى شبابنا الوعي والادراك لمثل هذه التنظيمات والمجموعات النرجسية لانها انحراف فكري ومرض نفسي مدمر للذات وللوطن خاصة عندما تتشكل مجموعة نرجسية داخل الوطن تتفق على تأجيج الشارع وتأجيج المواطنين من اجل القيام باعمال تخل بالامن والاستقرار وفوضى شعبية بدل من فتح قنوات الحوارات الشعبية الخلاقة فتبادل الاراء ومناقشتها باسلوب حضاري وعلمي يعتبر ثقافة مجتمع متحضر وهنا الكل يتفق على ذلك لنصل الى الحلول الفكرية المنتجة والتي تصب في مصلحة الوطن والمواطن دون الاخلال بأمن واستقرار الوطن .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]

قد يعجبك ايضا