مغزى تهديد ترامب لكوريا الديمقراطية / العميد ناجي الزعبي





العميد ناجي الزعبي ( الأردن ) الأحد 24/9/2017 م …

اثمر تصعيد وتهديد ترامب لكوريا الديمقراطية اضافة لتوتير المنطقة والعالم  عن عقد صفقات أسلحة مع اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان بمليارات الدولارات

وهو يعلم بان كوريا الديمقراطية عمقاً استراتيجياً للصين وروسيا وكل القوى التي تنشد التحرر من الهيمنة الاميركية الاطلسية بالعالم

وفي مقدمتها اضافة للصين وروسيا ايران وسورية واليمن وفنزويلا وكوبا وفيتنام ولاوس وكمبوديا ودول منظمة شنغهاي والألبا وسيلاك – حوض الكاريبي – والدول المطلة على بحر قزوين الخ

ويعلم ان اليابان التي يوجد بها ٥٠ الف جندي اميركي وتايوان وكوريا الجنوبية التي يوجد بها ٣٠ الف جندي اميركي وغوام وجزيرة دييغو غارسيا واسطوله  في المحيط الهندي  اهدافاً دسمة مغرية للتحالف الكوري الصيني في حال نشوب الحرب ..

اما عن قرار مجلس الامن الاخير بحق كوريا وموافقة روسيا والصين عليه فهي دبلوماسية متقدمة ومقايضة الموافقة التي لن تغير بجوهر الوضع الكوري بملفات اخرى وان القرار لن يخنق كوريا على الرغم من انه عزز العقوبات وبان الصين  الرئة التي تتنفس منها كوريا الديمقراطية .

تتحول الاستراتيجية الأمريكية الراهنة تجاه جنوب شرق آسيا من سياسات دبلوماسية هادئة وهيمنة اقتصادية إلى سياسات فرض الهيمنة العسكرية  وتعزيز الوجود الاميركي العسكري عبر القواعد العسكرية في اليابان، وكوريا الجنوبية، وجزيرة غوام، وجزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي وتعمل على إرسال المزيد من القوات إلى المحيط الهادي

ونشر سفن حربية تابعة لسلاح البحرية في كوريا الجنوبية، وتسيير أسطول بحري، انطلاقاً من اليابان و توسيع التحالف العسكري الإقليمي ونشر القوعد الاميركية  الذي يجابه برفض شعبي للعديد من الدول الاسيوية  اضافة للرفض الشعبي  الفيتنامي بسبب العدوان الاميركي الهمجي في القرن الماضي على فيتنام , ورفض اندونيسي ورفض الفليبين  التي يمنع دستورها اي وجود اجنبي على اراضيها وسبق أن طالبت القوات الأمريكية بالرحيل عن قاعدة خليج سوبيك .

تعمل اميركا على  تطوير  الاختراق للمجال الحيوي الصيني لاحتواء المد الصيني بالمنطقة والعالم  بتوسيع نطاق التحالف الإقليمي وتشكيل تحالف جديد من كوريا الجنوبية واليابان والهند وتايوان وليشمل دولاً جديدة، بالإضافة للحلفاء التقليديين لواشنطن، مع زيادة تصدير الأسلحة لدول المنطقة، حيث شرعت واشنطن في توثيق التعاون العسكري مع فيتنام، التي كانت حتى الأمس القريب مناوئة للوجود الأمريكي في آسيا، لكن منذ ستة سنوات بدأت باستقبال السفن البحرية العسكرية الأمريكية بموانئها في بعثات تدريبية، والقيام بعمليات الصيانة لدعم قدرتها على مواجهة النفوذ الصيني في الجزر المتنازع عليها،

كما تسعى واشنطن لبناء العلاقات مع ميانمار, الحليف التقليدي للصين في جنوب شرق آسيا.

لقد اجرت اميركا مئات المناورات البحرية الكبرى العام الماضي في منغوليا ” في خان كوست  شمال الصين ، في سياق بناء القوة المناهضة للصين

شارك بها  ألمانيا، فرنسا، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، الهند، سنغافورة

كما عقدت صفقات تسليح لتايوان بقيمة “12 مليار دولارالامر الذي  أثار حفيظة  بكين ودفعها إلى تجميد العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة وإلى اتهام واشنطن بمحاولة تقويض وحدة أراضي الصين.

لقد عملت الادارة الاميركية السابقة  على تمتين علاقات التعاون الاقتصادي مع اليابان  لأهميتهما الاستراتيجية وعقدت اتفاقيات جديدة لتحرير التجارة، ومضاعفة الصادرات الاميركية لما يفوق ال  400 مليار دولار .

لكن السيناريوهات الاميركية تواجه عدة معوقات

اذ تعاني من مديونية ماليية مرعبة تناهز ال 85 ترليون دولار فرضت بالتالي تخفيضا بموازنة الجيش الاميركي التي فاقت ال 700 مليار دولار  بموجب توصيات الكونجرس هذا الخيار يضع الادارة الاميركية امام معضلة الكلف الباهضة للتمدد الاستراتيجي وخفض موازنة الجيش مما يضطر ترامب الى اللجؤ للاساليب المعتادة من بلطجة وصراخ وتهديد ليدفع حلفائه لعقد صفقات الاسلحة ورفد الاقتصاد الاميركي بعوائد هذه الصفقات  .

كما تجابه اميركا انعدام ثقة متعاظم بقدرة وارادة اميركا وحرصها على  امن الحلفاء القومي والتزام اميركا به لذا  تناهض دول الاقليم  تصعيد خطر المجابهة العسكرية بين اميركا والصين ليقينها بان شعوبها واقتصادها سيكونان وقودا لهذه الحرب التي لا تمثل لاميركا سوى مصالح اقتصادية وتجارية ” بزنس ” وبانها ستملئ خزائنها وتغادر تاركة جراح  نازفة وعداء اقليمي متبادل  بين دول الجوار  بدلاً عن تمتين واستثمار وتطوير علاقات الجوار  والتبادل الاقتصادي المتصاعد مستثمرين مناخ اتفاقية التجارة الحرة المعقودة التي حققت مستويات متقدمة بين دول اسيا معززين بذلك امنهم القومي  المشترك

اضافة للاعتماد الاقتصادي شبه الكلي من بعض الدول الآسيوية  على الصين  كمينيمار.

ان  الامن الاقليمي المشترك للدول الاسيوية  يشكل بالاضافة لباقي المعطيات عقبة امام المحاولات الاميركية لتشكيل تحالف مناهض للصين من دول المنطقة التي تضم ما يناهز ال 40 مليون مواطن من الجاليات الصينية الذين يعتبرون عنصر تلطيف الاجواء بين الصين وبين هذه البلدان التي تتطلع لدور صيني في ضبط تطلعات كوريا الديمقراطية لامتلاك القوة النووية المتصاعدة ككوريا الجنوبية واليابان وتايوان .

هذه السياسة الاميركية الجديدة نحو اسيا هي سباق مع الزمن لمحاصرة الصعود الاقتصادي والسياسي الصيني وتداعيات هذا التحول على النظام الاسيوي الاقليمي الذي يعتبر ان الاقتصاد الصيني قاطرة نموه الاقتصادي وامنه الاقليمي ,كما تهدف هذه السياسات  لمحاصرة التداعيات على النظام الدولي ولتكريس الهيمنة الاميركية بدعم وتحالف دول اسيا وتغيير مفهوم الامن الاقليمي .

ان إشعال البؤر وخلق التوترات وبسط السيطرة سياسات إمبريالية قديمة كانت تثمر في السابق اما الان فقد تغير العالم وتغيرت موازين القوى و ما عادت هذه السياسات البائدة منتهية مدة الصلاحية تساوي باعتقادي الجهد المبذول والحبر الذي تكتب به

حتى وان حققت مكاسب  مادية فهي تزيد من عري اميركا وفقدانها لهيبتها ومصداقيتها وانحسار دورها ومكانتها ولن تحول دون صعود الاقتصاد والنفوذ والتأثير الصيني على دول الإقليم والعالم

قد يعجبك ايضا