الأزمة القطرية السعودية : مرحلة جديدة في مشروع الفوضى الخلاقة

 

 

“المبادرة الوطنية الأردنية” / جورج حدادين …

الأزمة القطرية السعودية : مرحلة جديدة في مشروع الفوضى الخلاقة …

مطلوب نظرة موضوعية على ما يجري على صعيد دول مجلس التعاون العربي، في خضم دخان قاتم، يهدف إلى حجب حقيقية ما يجري، ولمصلحة من يجري.

مطلوب نظرة شاملة على ما يجري في المنطقة والعالم، وما هو معد مسبقاً للمنطقة عامة، والمنظومة العربية خاصة، ليتضح هدف هذا السعار في منطقة الخليج.

المشروع المطروح والمعلن من قبل المركز الرأسمالي العالمي، عبر أدواته العربية وتركيا والكيان الصهيوني، هو مشروع ” الفوضى الخلاقة” من أجل بناء شرق أوسط جديد/ كبير.

الفوضى الخلاقة: هي الإستراتيجية المعتمدة من قبل المركز الرأسمالي العالمي – أداته الإدارة الأمريكية- بغض النظر عن الأحزاب والأسماء في موقع الإدارة.

تهدف قيادة المركز الرأسمالي العالمي، عبر مشروع الفوضى الخلاقة، إلى إعادة تشكيل العالم العربي، من خلال تفكيك الدول وتفتيت المجتمعات، على قاعدة دول المجاميع الطائفية والمذهبية والإثنية والقبائلية، غير القابلة للحياة، إلا من خلال حبل سري يجمعها مع المركز، وغير قادرة على حماية ثرواتها الطبيعية الهائلة ومقدراتها الوطنية لمدى مستقبلي غير معلوم.

لماذا حدث هذا الانفجار المفاجئ في دول مجلس التعاون الآن؟.

هل جاء هذا الانفجار بشكلٍ مفاجئ؟ أم يمكن العودة بجذوره إلى صيرورة تشكل مشروع “الفوضى الخلاقة” الذي انطلق عملياً وفعلياً، وعلى أرض الواقع، بداية ثمانينات القرن الماضي، تحت عنوان الاحتواء المزدوج، حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، بدعم متعدد الأوجه من قبل دول الخليج، ومحطته الثانية، حرب الخليج الثانية التي كان مبررها ” غزو الكويت” أحد دول مجلس التعاون، بسبب استفزازها المدفوع من قبل المركز للعراق، ثم المحطة الثالثة، حرب الخليج العدوانية الثالثة – غزو العراق – من قبل قوات تحالف المركز الرأسمالي انطلاقاً من قواعد عسكرية في دول الخليج، وأتباعه في المنطقة.

المحطة الرابعة في مشروع الفوضى الخلاقة، حمل أسم “الربيع العربي” حيث اعتمدت “إدارة أوباما ” تسليم مقاليد الحكم في المنطقة ل”الإسلام المعتدل” بعدما كانت قد تم بناء “حزب العدالة والتنمية” في تركيا نموذجاً اعتقدت بأنه سيكون جاذباً للمجتمعات العربية.

•       كانت سوريا بؤرة الاستهداف الفعلي من مخطط ” الربيع العربي” كونها ركن أساس من حلف الممانعة لمشاريع المركز الرأسمالي في المنطقة، وقاعدة ارتكاز لقوى المقاومة: الفلسطينية واللبنانية ضد الكيان الصهيوني، والمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي، فكانت الحرب على وفي سوريا، حيث تحالف قوى التبعية في الداخل السوري: تحالف قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف المعارضة، مع قوى الهيمنة الخارجية، وتم توظيف تركيا ودول مجلس التعاون، وخاصة قطر والسعودية لدعم قوى الإرهاب التابعة في حربها ضد الدولة والمجتمع السوري، بشكلٍ مستتر قبل “الربيع العربي” وبشكلٍ فاضحٍ بعده.

هل يمكن ربط انفجار أزمة دول مجلس التعاون، اليوم بفشل المشروع الذي استهدف سوريا واليمن؟ حيث أدوات العدوان – قوى الإرهاب المسلحة – في طريقها إلى هزيمة عسكرية محققة، وكذلك قوى التبعية اللبرالية والعلمانية ” السلمية” – في الخارج وليس في الداخل – في طريقها إلى الانحلال.

•       نظرة إلى قوى الصراع في مجلس التعاون: السعودية وقطر والإمارات دول تابعة للمركز الرأسمالي العالمي، وهي أدوات تنفيذ مشروعاته ومخططاته ، منذ تأسيسها كدول ومشيخات وإمارات، وما زالت، حيث تدلنا كل الأحداث التي مرت بالمنطقة العربية، على مواقفها الفعلية ضد حركة التحرر الوطني العربي، وضد الدول الوطنية العربية، في الداخل وفي الخارج سابقاً، ولاحقاً حروبها على ليبيا وعلى سوريا وعلى العراق، وعلى اليمن الذي فشل أيضاً، فشكل أزمة للدول المعتدية، فهل يستطيع أحدا إنكار ذلك؟.

رؤوس أموال هذه الدول، هي تحت تصرف المركز الرأسمالي العالمي، ولا تستطيع هذه الدول التصرف بها، أليس صحيحاً؟.

لا تمتلك هذه الدول قوى مسلحة وطنية قادرة على حماية حدودها، ولا نقول حماية سيادتها، لأنها دول تابعة لا تمتلك السيادة، فالقواعد العسكرية التابعة للمركز الرأسمالي وأتباعه تموج بها أراضي هذه الدول.

•       هل سيحسم المركز الرأسمالي العالمي الصراع لصالح أحد الطرفين بشكلٍ سريعٍ؟

بالتأكيد كلا وذلك:

بسبب الفهم الموضوعي والواقعي لأهداف مشروع الفوضى الخلاقة، تفكيك الدول وتفتيت المجتمعات، حيث يظهر بوضوح عدم تحقق كامل الأهداف بعد، لا بل تعاني من فشل وخاصة على الصعيد السوري، وجزئيا على الصعيد العراقي، حيث تتصاعد قوة وتأثير قوى المقاومة والحشد الشعبي، ويتصاعد دورها الوازن في تحديد مصير المعركة على الأرض، على العكس من ما توقعت.

السبب الآخر، لعدم الحسم السريع، هو عدم حسم الصراع الدائر داخل الولايات المتحدة ذاتها، بين كتلتين عملاقتين: المحافظين الجدد والانكفاء ين، حيث يدعم المحافظون الجدد الإسلام المعتدل- الإخوان المسلمين- عبر الأداة قطر، بينما يعتبر، لا بل يعلنون، الانكفاء ين الإخوان تنظيم إرهابي.

في الحرب العالمية الأولى أنقسم معسكر قوى وأحزاب الاشتراكية، إلى فريقين، فريق دعم “رأسمالياته القومية” في هذه الحرب، الإصلاحيون، ثم أصبح هذا الفريق أحد أهم أدوات المركز في استغلال الطبقة العاملة ومجتمعات دول المستعمرات، والفريق الثاني بنى المعسكر الاشتراكي، وساهم في بناء حركات التحرر الوطني في العالم، الثوريون، واليوم نحن أمام السؤال ذاته؟

جوابنا يجب أن يكون: بناء حركة التحرر الوطني العربي ومن ضمنها حركة التحرر الوطني في الجزيرة العربية، يجب أن يكون الرد الوحيد على هذه الهجمة على منطقتنا العربية ومجتمعاتنا.

لا للمواقف المتشفية، ولا للمواقف البدائية الثأرية، أنها حرب علينا جميعاً، بأدوات محلية.

لا للسقوط في فخ المؤامرات، ولا للوقوع في فخ الإعلام الموجه، الذي يهدف إلى تزييف وعينا الجمعي.

يجب فضح هذا المخطط العدواني وتداعياته على الأمة العربية والمنطقة.

” كلكم للوطن والوطن لكم”

قد يعجبك ايضا