عدوان الخامس من حزيران عام 1967 م

 

 

فؤاد دبور* ( الأردن ) الخميس 8/6/2017 م …

عدوان الخامس من حزيران عام 1967 م …

* أمين عام حزب البعث العربي التقدمي …

شكل عدوان الخامس من حزيران لعام 1967 ونتائجه مرحلة جديدة وحدا فاصلا في المنطقة بعامة وللكيان الصهيوني بشكل خاص حيث استكمل هذا الكيان احتلال كامل ارض فلسطين العربية وأراض أخرى في جمهورية مصر العربية، شبه جزيرة سيناء، وفي الجمهورية العربية السورية، هضبة الجولان، التي ما زالت تحت الاحتلال الصهيوني.

ولم يأت كسب هذه الحرب العدوانية بالقوى الذاتية للصهاينة بل بمساعدة ودعم ومساندة من الولايات المتحدة الأمريكية التي خططت وأشرفت على الخداع والتضليل السياسي وقدمت الدعم العسكري الذي أتاح لقادة الكيان كسب العدوان. وقد تجسد الدعم الأمريكي باتخاذ إدارة الرئيس جونسون عام 1965 بالتنسيق والتخطيط مع القيادة الصهيونية قرارا مشتركا يقضي بالتخلص من القائد الكبير المرحوم جمال عبد الناصر العدو الأكبر لهما في المنطقة من جهة ولإطلاق حرية العمل لقادة الكيان الصهيوني من جهة أخرى وبقي هذا القرار سريا ومحصورا ضمن الدوائر العليا للشريكين، واخذ الطرف الأمريكي على عاتقه العمل على تنفيذ القرار عبر إتباع سياسة الخداع والتضليل التي بلغت أوجها في الأشهر الأخيرة التي سبقت العدوان وخاصة في شهر أيار، حيث قامت وزارة الخارجية الأمريكية بالعديد من التحركات نعرض لأهمها والمتمثل في استدعاء سفير مصر في واشنطن وإبلاغه عن معلومات تتعلق بخطة عسكرية هجومية مصرية – سورية ضد الكيان الصهيوني وقامت الإدارة الأمريكية في الوقت نفسه بالاتصال مع رئيس الوزراء السوفياتي “كوسجين” لإبلاغه بالمعلومات نفسها ضمن خطة الخداع والتضليل، وقدمت الخارجية الأمريكية مذكرة توضح فيها موقفها وذلك لمزيد من الخداع حيث تضمنت هذه المذكرة:

1)   الطلب من مصر عدم البدء بالهجوم

2)   التعهد بمنع قادة الكيان الصهيوني بالبدء بالهجوم

3)   التعهد ببذل الجهد من اجل الوصول إلى حل سلمي لقضايا المنطقة وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

4)   وجوب فتح مضائق تيران امام الملاحة الإسرائيلية.

5)   عدم التدخل السوفياتي في أحداث المنطقة.

هذا إضافة إلى تحركات مكثفة قامت بها الإدارة الأمريكية هدفت إلى التضليل وفتح الطريق امام الحرب العدوانية الصهيونية في اليوم المحدد في الخطة الصهيونية الأمريكية المشتركة (الخامس من حزيران عام 1967) تلك الحرب التي أسفرت عن احتلال الأرض الفلسطينية كاملة وأراض عربية أخرى في مصر وسورية على طريقق تحقيق الهدف الاستراتيجي في المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي الاحلالي، وقد نقل هذا العدوان العلاقات الأمريكية الصهيونية إلى مرحلة متطورة من الشراكة الإستراتيجية في التخطيط والتنفيذ في المنطقة بأسرها، كما حلت الولايات المتحدة الأمريكية مكان فرنسا في إمداد الكيان الصهيوني بالسلاح المتطور وكذلك بالتكنولوجيا وخاصة تلك اللازمة للمفاعل النووي الصهيوني. مثلما زادت من نفوذ الحركات والمنظمات الصهيونية واليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة منظمة “الايباك” التي استطاعت اختراق المؤسسات الأمريكية وبخاصة الحزب الجمهوري حيث شكلت لها قاعدة يمينية متطرفة داخله ثم البناء عليها وصولا لما يسمى بالمحافظين الجدد الذين شكلوا القاعدة الأساسية وبخاصة في إدارة الرئيس جورج بوش الابن وكانوا وراء شن الحرب العدوانية على العراق، (آذار عام 2003) وكذلك الحرب العدوانية على لبنان ومقاومته في الثاني عشر من تموز عام 2006م وكذلك كان العدوان الصهيوني الدموي على قطاع غزة أواخر عام 2008م. وتأتي ذكرى عدوان الخامس من حزيران هذا العام والأمة العربية تواجه أشرس واعتى عدوان على العديد من أقطارها فلسطين، سورية، العراق، اليمن، مصر، ليبيا وغيرها . لكن رغم ذلك فإن الجماهير الشعبية العربية في هذه الأقطار بعامة تواجه العدوان عبر تقديمها رسائل مكتوبة بدماء الشهداء والجرحى وامعاء الاسرى الابطال الخاوية إلى الصهاينة والشركاء في الإدارة الأمريكية والى العرب والعالم اجمع تؤكد عبرها بأن الشعب العربي الفلسطيني ومعه أحرار لبنان وسورية أكثر إصرارا على تحرير الأرض واستعادة الحقوق وفي مقدمتها حقه في العودة إلى وطنه ومدنه وقراه التي تم طرد الآباء والأجداد منها بالقوة مثلما وجهت هذه الجماهير رسالة إلى من يعينهم الأمر من القيادات الفلسطينية تتضمن تمسكها بالوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة مقاومة العدو الصهيوني وتحرير الأرض وإفشال المخططات الأمريكية الصهيونية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى بالمفاوضات ومشاريع التصفية.

مثلما يؤكد التحرك الجماهيري في الخامس عشر من أيار والخامس من حزيران كل عام على امتلاك الجماهير إرادة المواجهة والتحرير رغم مرور الزمن وعشرات السنين وان الشعب العربي الفلسطيني مدعوما من القوى العربية المقاومة في سورية التي تواجه عدوانا ارهابيا صهيونيا امبرياليا لأنها تقف في مواجهة المخططات التي تستهدف تصفية قضية فلسطين القضية المركزية للامة العربية، ولبنان والشعب العربي في كل أقطار الوطن العربي مصمم على النضال من اجل استرداد الحقوق وتحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الحقيقية مثلما تؤكد هذه التحركات الجماهيرية قدرتها على التصدي للهجمة الصهيونية – الأمريكية الشرسة التي تستهدف القضاء على الهوية والثقافة العربية وتشديد الضغط على الشعب العربي الفلسطيني والقوى المساندة له المقاومة للمخططات والمشاريع الأمريكية الصهيونية التي تستهدف الأمة العربية في سيادتها واستقلالها والمتمثلة أساسا بالقطر العربي السوري شعبا وجيشا وقيادة والذي يتعرض هذه الأيام لأشرس مؤامرة امبريالية واستعمارية حيث جندت هذه القوى المعادية عصابات ضالة باعت نفسها بالدولار تعمل ضد وطنها وشعبها، وقنوات فضائية ارتضت لنفسها، أن تكون أداة بيد أعداء الأمة، حيث تشن حملة إعلامية ظالمة وتقوم بتزوير الوقائع على الأرض في سورية بما يخدم مخططات هؤلاء الأعداء.

نحن على قناعة بأن المشروع الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الاستعمارية الأخرى وجهات عربية تابعة سوف يفشل في تحقيق أهدافه المتمثلة في النيل من الإنسان والهوية والحقوق العربية ومرتكزاتها الثقافية والتاريخية امام الإرادة والعزيمة والتضحية والنضال وتقديم دماء الشهداء رغم القوة الغاشمة المسلحة التي يمتلكها الصهاينة ورغم الدعم الذي يتلقاه هؤلاء من القوى الامبريالية المعادية لامتنا، لان هؤلاء وفق ما أكدته الوقائع على الأرض عاجزون عن سحق إرادة الشعب العربي ومقاومته ونضاله من اجل استعادة وطنه وحقوقه من الغزاة الغاصبين العتاة.

إننا نؤكد بهذه المناسبة على ضرورة تعزيز وحدة الشعب العربي الفلسطيني والحرص على الوحدة الوطنية في كل قطر عربي مستهدف من الأعداء عبر الطروحات العرقية والطائفية والمذهبية والفئوية، مثلما نؤكد على رفض نهج ما يسمى بالتسوية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح الحركة الصهيونية وعلى ضرورة حشد الطاقات العربية وهي كبيرة ومؤثرة وزجها في المعركة مع أعداء الأمة الامبرياليين والصهاينة والاستعماريين وعصابات الإرهاب الظلامية التكفيرية التي هي مجرد أداة امبريالية- صهيونية تستهدف الأمة في وحدتها واستقلالها وسيادتها ومقاومتها للأعداء ومشاريعهم المعادية لها.

قد يعجبك ايضا