دور النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية (الحلقة 1)

 

جورج حدادين ( الأردن ) الثلاثاء 16/5/2017 م …

دور النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية (الحلقة 1)

كافة شعوب ومجتمعات الأرض تناضل وتكافح وتسعى من أجل تحقيق التنمية الوطنية المتمحورة حول الذات الوطنية – التنمية وليس النمو – والتي تشكل الركيزة الأساس لضمان الاستقلال والكرامة الوطنية والمجتمعية والفردية، وتعتبر التنمية، هدفاً أساساً وأسمى، كونها تشكل طريق الخلاص والسعادة والرقي والتقدم الوحيد، لكافة المجتمعات وعبر التاريخ، وشرطها المسبق.

الذي يعرقل ويمنع ويحجز شعوب الأرض عن تحقيق هذا الهدف الإنساني النبيل، هي المنظومة الرأسمالية ممثلة في مصالح شركات – عملاقة متعدية القوميات – ديدنها وقانونها الوضعي والروحي هو الربح ، الذي هو وحدة المقدس لديهم، وتحت شعار “أولوية الربح وثانوية قيمة البشر”.

قانون الهيمنة – التبعية هو الذي يحكم ويتحكم في مصير كافة دول المحيط التابعة للمركز الرأسمالي العالمي، وهو قانون معروف وملموس لدى كافة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة ، وكافة القوى الاجتماعية في المركز المهيمن والمحيط التابع.

أين تكمن المعضلة؟

يبدو أن الإشكالية الحقيقية تكمن في فهم جدلية العلاقة داخل قانون التبعية، حيث يسود فهم أحادي الجانب لدى القوى السياسية والاجتماعية في دول المحيط، ، يتمثل في التركيز الطاغي على الجانب السياسي على حساب الجوانب الأخرى: الاقتصادي – الاجتماعي، وكذلك الجانب الثقافي – الروحي، أي أن التبعية قانون يتحكم في كافة مناحي الحياة في المجتمعات والدول التابعة.

ويبدو أن هذا الفهم الأحادي الجانب، السياسي، لقانون الهيمنة – التبعية هو الذي يفرض ويعمق مفهوم النضال ضد القوانين والأنظمة والتشريعات السائدة في دول المحيط، وليس النضال ضد من يفرض هذه القوانين والتشريعات والأنظمة، أي النضال ضد الفاعل الحقيقي _ المركز الرأسمالي العالمي _ ومصالحه المتعددة الأوجه.

وهذا الفهم الأحادي الجانب لقانون الهيمنة – التبعية هو جوهر ولب مشكلة القوى التي تتبنى الإصلاح وتدعو إليه، كطريق ممكن لفك التبعية، بالرغم من تجارب كثيرة مرت بها شعوب مختلفة، انتهت إما إلى انقلاب المؤسسة العسكرية على حكومات وطنية منتخبة، تحت مظلة الديمقراطية البرلمانية البرجوازية، أو أنظمة الحكم الوطنية ذات القرار الوطني المستقل، وإما تجيش قوى محلية تابعة و/أو مرتزقة خارجية للإطاحة بتلك الحكومات، وهي الحالة التي نعيشها اليوم في محيطنا العربي.

المعضلة الأخرى والمكملة في فهم علمي تاريخي لقانون الهيمنة – التبعية تكمن في تزييف الوعي لدى النخب ولدى العامة من قبل آلية طاغية لإعلام تابع يمثل مصالح الشركات العملاقة وقوى التبعية المحلية، يعتمد منظومة ” صناعة القبول وثقافة القطيع” للسيطرة على المجتمع ومن كافة جوانبه.

الفهم متعدد الجوانب لقانون الهيمنة – التبعية يتطلب صياغة مشروع نضالي متعدد الجوانب بالضرورة، يشمل كافة القطاعات والمنظومات المجتمعية الاقتصادية – الاجتماعية، والسياسية، والثقافية والقانونية والتعليمية والإعلامية والروحية.

صياغة المشروع النضالي المطلوب، لا بد من أن ينطلق من تشخيص الواقع القائم بالفعل وفي الحقيقة الموضوعية، وبسبب تحكم قانون التبعية في كافة مفاصل ومناحي الحياة المجتمعية لدول المحيط، فإن النضال من أجل كسر التبعية وإنفاذ التنمية المتمحورة حول الذات الوطنية تشكلان ركيزتان أساسيتان في مشروع النضال للتحرر من الهيمنة.

فما هو دور النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية الطلابية والشبابية والنسائية والمنتديات الثقافية والرياضية والاجتماعية…الخ؟

في المهمات المطروحة على جدول أعمال المجتمع، ممثلة في كسر التبعية وإنفاذ التنمية الوطنية المتمحورة حول الذات الوطنية.

قد يعجبك ايضا