سوريا والنظام العالمي الجديد “مفهوم العولمة” (١-٣)

 

عشتار الفاعور ( الأردن ) الأحد 23/4/2017 م …

سوريا والنظام العالمي الجديد “مفهوم العولمة” (١-٣)

إن الحديث في هذا الموضوع الشائك حديث متشعب و ذو شجون سيأخذنا إلى طريق آخر في التفكير و زاوية مختلفة بالتحليل .

و من وجهة نظري الشخصية انني على قناعة و دراية تامة بأن المربع السوري هو الذي سيقود التغيير في قواعد الإشتباك على الساحة الدولية اذا أجاز التعبير عنها بهذه اللغة ومنها ستتراجع قوى و تتقدم قوى أخرى مع الوقت

أي أن من المربع السوري أدى إلى إنتهاء مفهوم “أحادية القطبية” و التأكيد على فشل نظرية “نهاية التاريخ” وإفراز تحالفات معينة “الصيني الروسي الهندي” كمحاولة لخلق نوع من التوازن على الساحة الدولية .

أجل … فالمربع السوري هو قائد التغير في العالم و صاحب التغير أيضاً في طبيعة و نوعية الصراعات على الساحة الدولية .

و سيتم التركيز على العولمة من ناحية المفهوم وهل هي ظاهرة جديدة أم حدث قديم و تم ظهور المصطلح مع ظهور مصطلح “النظام العالمي الجديد” و سيتم تفريغ الجزء الثاني في هذه المقالة عن العولمة في فترة التسعينيات و الحديث عن مصطلح جديد سيطلق أول مرة وهو مصطلح “عولمة الإمبريالية” و في الجزء الأخير سنتطرق للمربع السوري و دوره في إعادة رسم ملامح النظام العالمي الجديد و الإجابة على السؤال التالي :-

هل من خلال المربع السوري و عند تغير التوازن في النظام العالمي سيتم تغير أوجه العولمة من السلبي الى الإيجابي ؟؟؟

كل هذا وأكثر سنتناوله في سلسلة مقالات “سوريا و النظام العالمي الجديد .

و نبدأ بتعريف العولمة :-

حيث تعرف أنها مجموعة من القواعد و السلوكيات التي تمارسها دولة عظمى كبيرة لتحويل هذه المفاهيم “السلوكيات” الى سلوك أو لغة عالمية يمارسها العالم قاطبةً سواء إتفق معها أم لم يتفق متجاوزةً المفهوم التقليدي للدولة و الحدود و السيادة و من وجهة نظري الشخصية ،قد لا أجانب الحقيقة إذا قلت أن العولمة ما هي إلا أمركة العالم .

ولو عدنا الى الخلف قليلاً و طرحنا السؤال من أين جاءت العولمة ؟ و هل هي ظاهرة جديدة أم حدث قديم ولكن ظهر المصطلح مع ظهور مصطلح النظام العالمي الجديد ؟

في حقيقة الأمر إن العولمة ليست وليدة اليوم بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع الى بداية القرن الخامس عشر حيث نشأت المجتمعات القومية فبدأت هنا العولمة بالظهور مع بروز ظاهرة الدولة القومية التي حلت بدورها مكان الدولة الإقطاعية الذي جعل هذا الشئ بتوسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأكملها بعد أن كان محدود هذه وجهة نظر أما من وجهة النظر الأخرى

حيث تقول أن العولمة بدأت بالظهور في منتصف القرن التاسع عشر و النصف الأول من القرن العشرين إلا أنها في السنوات الأخيرة برزت بطريقة سريعة جداً وكانت الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية و نظام إقتصادي عالمي موحد و التخلص من السيادة الوطنية و بدأ هذا في الخطاب السياسي الغربي

و من هنا نحن ندخل على ما هي إيجابيات العولمة و ما سلبياتها ؟ لأننا نحن نعرف بأن كل شئ له وجهان و للعولمة مئة وجه ، و سوف نقوم بإسقاط هذه الايجابيات و السلبيات على الواقع العربي بشكل عام و الاردن بشكل خاص لنرى بعد ذالك نحن بأي جانب تمسكنا .

حيث من إيجابيات العولمة :

١- تطور العالم بشكل مذهل

٢-التواصل بين البشرية

٣-جعل العالم عبارة عن قرية صغيرة

٤- صعوبة تغيب المعلومة و صناعة رأي عام لتعدد مصادر المعلومة

٥-تطور مفهوم التجارة “التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت طبعاً”

أما من سلبيات العولمة :

١-العودة الى شريعة الغاب

٢- تراجع قدرة الدولة الضعيفة على التماسك والسير بإتجاه التحلل و التفتت إلى مجموعة دويلات … وهذا الواقع العربي

٣- وهنا أهم شئ وان أخطر ما أنتجت العولمة هو إعتداء الحضارة على الثقافة وهذا أكبر أذية سببتها العولمة حتى الدولة القوية و الكبرى لا تستطيع حماية نفسها من هذا الخطر لذالك عندما قلت أن العولمة هي ( أمركة العالم ) إستناداً على هذه النقطة

وبالتالي فإن المجتمعات الصغيرة و الضعيفة والتي لا تستطيع أن تحمي نفسها مع أنها تحمل ثقافة متجذرة و لكنها صغيرة أمام و حشية العولمة ( أقصد هنا دول العالم الثالث و خصوصاً الوطن العربي ) هي ضعيفة أمام الدول الكبرى التي لا تملك سوى الحضارة ( الولايات المتحدة الأمريكية )

تصبح هذه المجتمعات الضعيفة تفقد هويتها تدريجياً و يصبح هناك إزاحة للهوية الجامعة لمنظومة القيم و المثل و العادات و التقاليد لصالح الحضارة القادمة من الخارج ( التغريب ) هذا الحدث بمجرد حدث…… يُحدث فراغ داخل المجتمع سواء فراغ قيمي ، أخلاقي ، إجتماعي ، ثقافي ، ديني ، سياسي ، إقتصادي وهذا الفراغ يحدث حالة من عدم الإستقرار و الإحساس بالضياع وعدم التوازن وبالتالي هذا يؤدي إلى التوجه للسلوكيات السلبية و فقدان الضوابط و الروادع الأخلاقية التي تقود بدورها الى حالة من السقوط والضياع مع عدم وجود بديل وهذا ما يحدث في بلادنا العربية .

قد يعجبك ايضا