مثال على الأخوّة الإسلامية المسيحية في الأردن … الأستاذ خازر هلسة وينابيع “عيّ” وبساتينها

 

الخميس 13/4/2017 م …

مثال على الأخوّة الإسلامية المسيحية في الأردن … الأستاذ خازر هلسة وينابيع “عيّ” وبساتينها

الأردن العربي – محمد الخوالدة – خازر هلسه (ابو معاوية) قامة تربوية كركية بارزة ، وهو من بين ألمع قدامى التربويين المشهود لهم بالكفاء والذين سيظلون محط وتقدير مجتمعهم ، فهناك اجيال عديدة تتلمذت على ايديهم فتبوأ الكثير من اولئك التلاميذ مناصب رفيعة في اجهزة الدولة.

الحديث عن المربي خازر هلسه يعود بنا الى منتصف القرن الماضي حيث كانت رسالة التعليم لا تقف في حدود الغرف الصفية بل تتعداها لتكون المدرسة مركزا مجتمعيا تنويريا بكل ما تعنيه الكلمة من مدلولات.

في العام 1956 كان المربي خازر هلسه معلما في مدرسة بلدة عي ( 40) كيلومترا جنوب غرب الكرك ، وعي كانت في ذلك الزمن من اشهر مناطق الكرك الزراعية لغناها بينابيع وعيون المياه ، وعندما لاحظ المعلم خازر ان الجانب الاكبر من مياه العيون والينابيع تذهب هدرا دون ان يبادر احد من المجتمع المحلي بالعمل على وقف هذا الهدر اخذ المعلم خازر على عاتقه مهمة القيام بهذا الواجب ، ففكر بان يصار الى عمل اقنية اسمنتية لإيصال المياه الى كروم وبساتين المواطنين لريها بشكل افضل ، ومن ثم تخزين فائض المياه في خزانات لاستخدامها وقت الحاجة.

تنفيذ الفكرة كان يحتاج الى نفقات مالية ففكر المعلم خازر ان يجمع ما يمكن من مال من ابناء البلدة، فكان لابد لعرض فكرته عليهم من لقاء جامع بهم ، فوجد ان صلاة الجمعة هي الانسب حيث يتجمع الناس في مسجد البلدة.

لم يجد المعلم خازر وهو ابن العشيرة المسيحية الكركية المشهود لها بالكرم والشهامة حرجا من ان يخاطب الناس داخل المسجد ، فيما لم يجد ابناء البلدة من عشائر البرارشه المسلمة حرجا من ان يسمحوا للمعلم خازر بارتقاء منبر المسجد لإيصال رسالته وشرح تفاصيل مشروعه ، فاقتنع الحضور بالفكرة وفتحوا بابا للتبرعات فكانت الحصيلة المبلغ (90) دينارا ، ومبلغ كهذا في خمسينيات القرن الماضي اكثر من كاف لتنفيذ المشروع الذي تم تنفيذه فكان فيه الخير والفائدة لعموم اهل بلدة عي.

في حكاية المعلم خازر هذه عبرتان؛ اولاهما عرض الجانب الريادي للمدارس والمعلمين ، فالمدرسة آنذاك كانت مركزا تنويريا ، ورسالة التعليم تتخطى جدران المدرسة وواجب تنشئة طلابها لتكون رسالة هداية للناس بعامة ، اما العبرة الثانية فهي حالة الاخاء الاسلامي المسيحي التي ظلت ماثلة في الكرك والاردن بعامة منذ فجر تاريخ هذا الوطن المليء بالحب والصدق والتسامح والوفاء.

قد يعجبك ايضا