في سورية: الحرب التي لا بد منها… هل اقتربت؟

علي الدربولي ( الأحد ) 5/3/2017 م …

في سورية: الحرب التي لا بد منها… هل اقتربت؟ …

الفرضية:

إذا كنا في المنطقة العربية نعتقد ونلمس، منذ إنشاء دولة(إسرائل) في عام 1948م وحتى تاريخه، أن كل العلاقات الدولية والإقليمية المنتجة للمشهد الجيو-سياسي في المنطقة العربية، كان لأجل تثبيت هذه الدولة، وتحقيق أمنها، وتأمين اعتراف دولي بها إلى أوسع مدى، وجعلها كدولة قومية، حارسا ووصيا على مستلزمات صمودها، ومنه العدوان المستمر حربا وسياسة على العرب، وبالأخص الفلسطينيين، والدول المحيطة بفلسطين، بدعم ممن أنشأها ابتداء، لمصالح له متجددة ولم تنقطع، وممن وجد فيها من دول في المحيط والإقليم مثالا يلجأ إليه، على قاعدة وحدة المرجعية الدولية، عند الإستحقاقات االسياسية الكبرى كما يحصل الآن من تخريب لدول ما بعد الحرب العالمية الثانية العربية، خصوصا ذات الأنظمة السياسية القومية، والتي حاربت (إسرائيل) على وجه الخصوص، وكل ذلك بفضل (الربيع الأحمر العربي). وإذ نعتقد ذلك علينا أن نفترض:

–       أن نتائج (الربيع الأحمر العربي) سوف لن تكون إلا في صالح (إسرائيل) طالما يتم بلورتها وتدوير زواياها السياسية عبر السلاح والدماء العربية.تغطية لتحول(إسرائيل) إلى دولة دينية. هذا أولا.

–         وفي صالح الدول الحليفة للغرب من عربية وغير عربية في المنطقة.؟ هذا ثانيا.

–         وميدان صراع، يتسع ويضيق، بحسب ما يحققه من مكاسب، على طريق تقاسم النفوذ الدولي والمصالح، والتدرج في عملية انتهاء، أو إنهاء فترة تحكم القطب الأميركي الأوحد في العالم، لصالح التعددية القطبية.هذا ثالثا.

تجري الآن في “جنيف” مباحثات بين طرفي الصراع على النفوذ الدولي، بهدف وضع حل سياسي للأزمة السورية، من حيث كونها أم الأزمات، التي إن حُلت، ستليها حلول مشابهة لبقية أزمات العرب من (المحيط إلى الخليج) ما هو مشتعل منها الآن، وما هو في حالة تأين ينتظر عود الثقاب لينفجر؟!!

إن الوصول إلى درجة احتقان وتصلب (استعصاء) كافية بين طرفي الصراع في “جنيف” ستضعهما أمام خيارين:

الأول: هو تجاوز ذهنية التقسيم الجيو-مذهبي لسورية، والمنطقة، وثبيت سورية ، دولة موحدة الأرض والشعب، وربما هذا الذي يعمل عليه في جنيف الآن بحسب القرار الدولي/2254/. والذي قد يشكل نصف حل لأعدائها، من باب الممكن، وكنتيجة قد تكون مرضية لهم، مضافا إليها الخراب والفساد الذي تسببوا به لـ”سورية” سيحتاج إصلاحه إلى زمن طويل، ومن ثم اعتبار تلك النتيجة من قبل أعداء حلف المقاومة، تحولا مهما في القوى لصالح (إسرائيل) ؟!

الثاني: وهو استمرار التصعيد ضد سورية وحلفائها، بكافة أشكاله:السياسية، والعسكرية، والإقتصادية، وصولا إلى حافة الحرب المؤجلة؟

هل ستنشب هذه الحرب؟

إنه السؤال الذي يشغل بال الجميع على ما أعتقد، برغم كل ذلك الضجيج السياسي الذي ينتشر عبر الأثير من “جنيف” إلى العالم… ولكن من يجد مصلحة له في هذه الحرب؟:

-بالدرجة الأولى (إسرائيل) إن لم تتمكن من قطف ما نسبته أكثر من نصف ثمار (الربيع الأحمر العربي) بحيث تأْمن عدم قيام جبهة تعارض واقع وجودها الوظيفي وتحولَها إلى دولة دينية وإلى أمد طويل…تتحقق المصلحة الإسرائيلية هنا، من خلال القضاء على   التهديد الذي يأتيها من الشمال، المقاومة اللبنانية وحلفاؤها، ومن الجنوب، المقاومة الفلسطينية وحلفاؤها…بعد الإفتراض بأنها ستنتصر على المقاومة بخسائر أقل مما يروج في الإعلام. تريد (إسرائيل) أبعد من ذلك، وربما أكثر من حرب؟! لأن السلام الحقيقي، وهو الشامل والعادل، سيكشف عورة وجودها فينفضّ عنها المخدوعون من اليهود، والمستثمرون في الحرب من ذوي الجنسيات المزدوجة، على حد سواء.

-بعض الدول العربيىة، خاصة دول الخليج، التي ترى أن أي نظام سياسي آخر في المنطقة،-عدا(إسرائيل) الآن كما تبين- إذا لم يكن على منوال نظامها، يجب أن يعمل على إسقاطه وتمزيق نسيج مجتمعه، فيضعف، ويصبح تابعا بامتياز لمصالحه الضيقة من شخصية وغيرها، وليس أكثر جرأة من بعض دول الخليج على تلبية مثل تلك المصالح، وهذا الأمر، لعله السّنة الأولى من سنن الحكم لدى تلك الدول، لنجاعتها في المحن بعد الإختبار، منذ أيام البرنامج القومي لسياسة مصر “عبد الناصر”؟! هذا إذا استبعدنا حقيقة انخراط تلك الدول بالستراتيجية الأميركية، بأموالها، ونظم الحكم السياسة القائمة على المتطرف من الشريعة الإسلامية فيها ، والذي تبين أنها شكلت في بعض زواياها، بيئة للتطرف والإرهاب الذي كان منه معظم جسم الذين قاموا بأحداث 11أيلول 2001م. وها نحن نرى في اليمن انعكاسات لذلك البرنامج توهما، برغم توجيه”اتفاق كامب ديفيد ” ضربة شبه قاضية له حتى الآن، فكان (الحزم العربي؟!) ضد شعب اليمن، تأكيدا على أهداف “كامب ديفيد” الرامي في بعض معانيه إلى تأمين مرور(إسرائيل) في المياه العربية… (الحزم) الذي لم تكن له يوما سابقة، بحجمه وبإمكاناته، على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي ؟!

هذا عل مستوى الأطراف المعادية لسورية وحلفائها، فكيف سيكون الأمر على مستوى محور المقاومة؟

-مبدئيا وحتى تاريخه، ارتقى مستوى التنسيق بين أطراف المحور إلى درجة مهمة، سياسيا، وعسكريا، وبدرجة أقل اقتصاديا، خصوصا بعد تدخل القطب الروسي ، وتتالت التفاهمات المعلن عنها والمستتر بين أميركا وروسيا، بهدف ضبط مسار الصراع عند حدود معينة تبقي عليه ضمن حدوده الإقليمية: العربية والإيرانية والتركية، وفقط أيضا يتراوح التدخل الجوي والبحري بين الشديد والمتوسط، والبري بين المستشارين والخبراء والمدربين…مع ترشيح هذه الحالات للتطور غوصا في معمعان الحرب، وأيضا ضمن إيصالها إلى الحافة، وجعل من يخشى السقوط أن يتنازل في السياسة بالقدر الذي ينجيه، ولو على حساب أرضه وقيمه الوطنية، وكرامته، كهؤلاء الذين أسلموا قيادهم وجراحهم، وقبل ذلك شرفهم العسكري، للعدو الإسرائيلي من المعارضة السورية.(المعتدلة)؟!

-الحرب إذن تبقى الخيار الأخير لحلف المقاومة، وأقصد هنا الإنخراط الكلي بها، ولكن على أي جبهة؟

إن الموروث الوطني والقيمي في الأخلاق وفي السياسة يرشح (إسرائيل) كجبهةٍ قادمٌ اشتعالها، طالما أنها تريد أن تشعل حروبا أخرى للتخفيف عنها، عبر الحلف(السني-الإسرائيلي) ضد “إيران” ومن أسف نقول إن التجارب المريرة مع هؤلاء المسفرين عن وجه التآلف مع العدو الإسرائيلي، يؤيد بقوة احتمال أن يقاتل هؤلاء مع (إسرائيل) في خندق واحد…..على قاعدة جديدة كل الجدة، أقله من حيث الظاهر، يتمثل فيها المثل الشعبي:”من يتزوج أمنا نقول له يا عمنا” وها هو (العم سام) عم طويل العمر، وعندما ينسحب من هذه المنطقة، سينيب عنه لهؤلاء العم الإسرائيلي ، وقد رأينا ، وسنرى تباشير أكثر حدة وتفعيلا في المستقبل القريب، يتأكد ما ذهبنا إليه، إذا ما استمر محور المقاومة على توسيع مسام الإمتصاص لديه…ولكن إلى متى، فقد ينفجر الجلد؟

إن الخوف من الحرب ليس جديرا بمن استوطن هذه البلاد من آلاف السنين، وورثها كابرا عن كابر. الخوف سمة هؤلاء التجار شذاذ الأفاق، الذين جاؤوا من شتى أصقاع الأرض ليغتصبوا فلسطين، أرضا باسم الدين، وليس نجهل أن كل أرض الله صالحة كمطرح تلق ونشر دعوة للدين، أي دين..إنما من جاء بالصهاينة إلى هذه المنطقة جاء لنهب ثرواتها ومنع وحدة أهلها وهم يمتلكون من مقومات الوحدة ما لا يملكه أي شعب آخر؟!

بدائل الحرب على مستوى طرفي الصراع قد ينحصر بما يلي:

-الحصار الإقتصادي، والعسكري، والإرهاب المالي، والإعلامي والإبتزاز: سمة أعداء محور المقاومة…إلى حين يستسلم بقدر هذا المحور لخطط مبيتة ومرنة ضمن الحدود التي ترضي (إسرائيل). أليس ما وجدته مؤخرا، قوى الأمن المصرية، من وثائق وأسلحة، في أحد مخابئ سيناء الوعرة، يدل على أن(إسرائيل) تقود حربا شرسة في مواجهة احتمالات تحسب حساب تحققها، عبر مدعي تحرير بيت المقدس، ضد مصر،وهم يديرون ظهورهم له ويطلقون رصاصهم باتجاه الجندي العربي المصري، من غير أن تثير حميتهم الإسلامية انتهاكات الجندي الصهيوني الفاضحة لبيت المقدس؟! (إسرائيل) تحسب يوما أن مصر ستستيقظ كقوة عظمى إقليمية، مصر التي يتوازع دور إضعافها، غير الدولة الإسرائيلية، تركيا وبعض الدول العربية، طمعا في تقسيمها لو قدِّر لهم، وقبل ذلك تفريغها من تنوعها عبر الضغط الإرهابي على المسيحيين في سيناء وقبلها في المعمورة المصرية إبان فترة حكم الأخوان المسلمين القصيرة .؟!.

لماذا مصر أيضا: لأنها الآن تمهد الطريق إلى الإصطفاف ضمن محور غير المحور الأميركي، وهذا أمر مفزع لمنظومة حلفاء الغرب بدءا بـ(إسرائيل).وهذا يشبه إلى حد بعيد إعلان الإدارة الأميركية العداء السافر لإيران؟! الهدف واحد، هو شل أي فاعلية إقليمية يمكن، أو يحتمل، أن تقف في طريق المشروع الإسرائيلي- الأميركي للمنطقة، أو تفشله تماما.

الصبر المستيقظ، ربما هو ما يمارسه حلف المقاومة، ولكن هذا سوف لن يخدمه إلى أبد الآبدين، فقد يتغلب عليه ما يبيت له في العلن وفي الخفاء من قبل أعدائه.

*لا توجد معادلة متوازنة بين طرفي الصراع في المنطقة وفي سورية خصوصا، برغم مظاهر ذلك التوازن المتذبذب، وذلك خارج نطاق دخول الحرب على خط تلك المعادلة:

الحرب وحدها تحقق التوازن، بين الطرفين، والخوف منها إذا ما أصاب طرفا يكون هو الطرف الخاسر، فمن سسيبدؤها؟ توجد خاصرة رخوة أمام محور المقاومة، هي جبهة الحرب على (إسرائيل) خاصرة ناجعة ووحيدة فقط . توجد أكثر من خاصرة رخوة أمام أعداء حلف محور المقاومة، أهمها سورية، ومن ثم إيران، وبعدها، وربما قبل ذلك لبنان، الملاذ الرسمي لحزب الله ..والعراق بدرجة أقل. لا نريد ذكر اليمن هنا لأن جبهة الحرب مع (إسرائيل) تختصر جميع الخواصر الرخوة.

على ضوء ما تقدم أرى الحرب تدق أبوابنا، فمن يمتلك الشجاعة لفتح أبوابها على مصراعيها قبل “خراب البصرة” أو ” خراب الأندرين” في البادية السورية من أعمال محافظة “حماه”؟ الحرب الإستباقية تخوضها (إسرائيل) مذ وجدت. الحرب الدفاعية يخوضها العرب مذ وجدت (إسرائيل) ..فمتى يحسن من تبقى منهم لعبة الحرب في وقتها؟

قد يعجبك ايضا