دستور سوريا المقترح من قبل الاتحاد الروسي … ” الحلقة 1″

 

الخميس 2/2/2017 م …

الأردن العربي – المبادرة الوطنية الأردنية

الدستور ، تعبير قانوني عن عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وهو الناظم للعلاقة بين مؤسسات الدولة، وقائم على سيادة القوانين والأنظمة ، والحقوق والواجبات، وضمان ديمومة تطور المجتمع بمسار تقدمي أرقى مما هو قائم.

ضمان تطبيق الدولة نص وروح الدستور بما يخدم السيادة والكرامة الوطنية والتنمية، التي تشكل منظومة المهمات المفوضة بالقيام بها الدولة، والتي تشكل الهيئة السياسية والاقتصادية للشعب كله.

تعريف الدستور:

* هو القانون الأساسي للدولة الذي يشتمل على مجموع القواعد الأساسية التي تبين نظام الحكم و تنظيم السلطات العامة و ارتباطها بعضها ببعض و اختصاص كل منها و تقرير ما للأفراد من حريات عامة و حقوق من قبل الدولة ،

* الدستور يعكس ويعبر عن التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية السائدة وبنية المجتمع الثقافية القائمة، أي يعكس طبيعة مرحلة محددة لتطور المجتمع،

هل مقبول للسوريين بشكل خاص ولحركة التحرر الوطني العربي، أن تطرح دولة، حتى لو كانت حليفة، دستور ناظم للعلاقة بين شعب ودولته؟

ما الهدف من طرح مشروع دستور لسوريا من قبل روسيا؟ وما هي وظيفة هذا الطرح؟

ليسمح لنا الأصدقاء الروس، وكافة الأصدقاء الداعمين، بالقول بأنه لا يحق لكم القيام بهذه الخطوة، حتى ولو كانت بحسن نية، ولو من منطلق المناورة.

ليسمح لنا الأصدقاء الروس بالعتب عليهم، وبالنقد الصريح لهم على تصريح من هذا القبيل ” لولا تدخلنا لسقطت دمشق في يد الإرهاب” وفي الوقت ذاته نقد موجه للأشقاء الإيرانيين للسبب ذاته، ونحن بدورنا نقول لكم، صمدت سوريا وجيشها العربي أربع سنوات قبل دعمكم، وصمود سوريا هو الذي أعادكم إلى خارطة المنطقة والعالم، ولولا صمود سوريا الأسطوري لما كان الاتفاق النووي مع إيران ممكناً أيضا.

لا نقول هذا من أجل المناكفة، بل نقوله نتيجة قناعة راسخة لدينا، نحن أبناء حركة التحرر الوطني العربي، هذا من جانب، ومن جانب آخر نقوله لفهمنا الحقيقي بقوانين الصراع العلمية

ومن ضمنها عنصر التحالف، لقد وقفت سوريا بجانب روسيا حين كانت تتعرض لعداء كافة دول المعسكر الرأسمالي العالمي، وكانت من دول قليلة ، تعد بعدد أصابع اليد، وقفت هذا الموقف المكلف، وسوريا وقفت بجانب الثورة الإيرانية منذ البدء، وتحملت الكثير نتيجة موقفها هذا ، وكذلك وقف أبناء حركة التحرر الوطني العربي مع كل من روسيا وإيران، لماذا؟

مرة أخري لفهمنا الموضوعي للتناقضات الرئيسية والتناقضات الثانوية والتحالفات الإستراتجية والتحالفات التكتيكية.

ليست منّة أن نقف معكم وتقفون معنا، وليست منّة أن دعمتمونا في معركة مشتركة ضد عدو مشترك، وأن افترقنا فكلنا خاسرون.

لا بد من الصراحة، من المشاريع القاتلة للجميع هو هذا المشروع المقترح، مشروع الدستور، وفي حال تطبيقه، لن يمر، ستكون روسيا أول الخاسرين، وستكون إيران أول الخاسرين، وستكون حركة التحرر العربي والعالمي من الخاسرين. لماذا؟

هذا المشروع في جوهره يشكل قاعدة لتحويل سوريا من دولة منتجة إلى دولة السوق، وسيشكل هذا الدستور قاعدة رئيس لدعم لقوى الكمبرادور السوري – مجموعة عبدالله الدردري – المتواجدة في السلطة وفي السوق وفي صفوف المعارضة، التي ستنحاز وجوباً في المحصلة النهائية للمركز الرأسمالي العالمي، وخصوصاً لقيادته بدون منازع الولايات المتحدة، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى، بدءاً بمصر السادات والجزائر والعراق وليبيا مروراً بفيتنام …الخ، فهل ستكون روسيا أو إيران رابحة أم خاسرة؟

علماً بأن هذه القوى ذاتها – الطغمة المالية – متواجدة في السلطة وفي السوق في كل من روسيا وإيران، ودعم هذا الطرف في سوريا سيقود بالضرورة إلى تقوية مثيلاته في روسيا وإيران.

علمنا التاريخ القديم والحديث، بأن أول خطوة تنازلية للعدو، تصبح الخطوة القاتلة النهائية.

يجب أن لا نسمح بأي فسحة للوهم في معركة التناقض التناحري، كما هي حال الحرب القائمة في سوريا، فلا لوهم الاستدارة التركية (استدر كما أمرت) فما زالت تركيا عضو في الناتو، ولن تستطيع ولا ترغب وليس لها مصلحة في الخروج من هذا الحلف العدواني، ولا لوهم الفرز بين المعتدلين والإرهابيين ( افرز كما أمرت) الذي هو طرح أمريكي في الأساس، كلهم في المحصلة قوى التبعية، ولا لوهم الحل السياسي المتوازن، لأنه يعني تقاسم الدولة الوطنية مع قوى التبعية الإرهابية الظلامية، عربة يجرها حصانان في اتجاهين متعاكسين، المحصلة تفكيك الدولة السورية.

قبل بدء الحرب في وحول سوريا ، طرح “أحمد دادو أوغلو” وزير خارجية تركيا آنذاك، في شهر آب عام 2011 على القيادة السورية تسوية تقاسم السلطة، على أساس ثلاثة أثلاث، ثلث للقيادة السياسية السورية وثلث للإخوان المسلمين وثلث للمستقلين، ولكن القيادة السورية رفضته فوراً ولم تناقشه، فهل بعد كل هذه التضحيات التي قدمها الجيش العربي السوري وكافة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة يعقل العودة للقبول بهذا الطرح بثوب جديد؟.

” كلكم للوطن والوطن لكم”

يتبع….

قد يعجبك ايضا