الإعلام المأجور .. الشريك الأبرز في الأزمة السورية بقلم : تامر سلامة ( ابو جيفارا )

 

تامر سلامة ( الخميس ) 29/12/2016 م …

سوريا .. جرح الوطن العربي النازف و قلعة العروبة الأخيرة , الشامخة في وجه الإرهاب الأمريكي الإمبريالي , الصامدة أمام قوى الرجعية و التخلف , المحاربة و المقاومة للمخططات الكولونيالية الإستعمارية العالمية ,تلك القوى التي استطاعت تقسيم المقسم من الوطن العربي دولة تلو أخرى مسقطةً القومية العربية فارضةَ نفسها وجهاً ديمقراطيا َومنارة حرية لشعوبٍ أرهقها الفقر و التبعية الاقتصادية و الفكرية للغرب , لشعوب تجرعت المرارة تلو المرارة منذ نكسة 1967 م. و نكبة 1948 م التي كانت عاراً لطخ قطعان العربان و رؤساء الدول العربية المتماهية مع بريطانيا و أمريكا و الدولة الإستعمارية .

سوريا , إن سقطت , لا يمكن أن تسمى سوى بالنكبة الثانية و انتكاسة عروبتنا , سوريا الدولة العربية الحرة التي احتضنت اللاجئين الفلسطينيين و غيرهم , و أعطتهم الحقوق , و عاملتهم معاملة المواطنين السوريين دون تفرقة أو تمييز , الوطن الآخر للفلسطيني الذي خسر كل ما يملك بسبب تقاعس الأنظمة العربية الخائنة , و التي يتم معاملتها بنفس السياسة الممنهجة للقضاء عليها كما حصل تماماً مع فلسطين , و بالاعتذار لمظفر النواب على التعديل و لكن يجب أن نردد دائما لحكام العرب :

” سوريا عروس عروبتكم ! لماذا أدخلتم كل زناة الليل إليها ؟ ووقفتم تتفرجون ! “

تكالبت الدول , تكالبت الأنظمة الخائنة , و أرمقت اللاجئين السوريين نظرات الشفقة و استعطافها الخجول المخزي ! في حين إستقبلتهم دول الغرب الأوروبي الكافر ( كما يسميها البعض ) , ثم تدخلت أمريكا مرفرفةً برايات الحرية و محاربة الإرهاب و نشر الديمقراطية كما سارت العادة بعد ظهور احد الجماعات الإسلامية المتطرفة في أحد الدول , أنسيتم ما حصل في العراق و لباكستان و أفغانستان التي ما زالت ترزح و لو جزئياً تحت الاحتلال و السيطرة الأمريكية ؟ ألا يكفيكم ما حصل في ليبيا من دمار و خراب ؟ ألم تتعلموا مما حصل في أرض الكنانة مصر المنهارة اقتصاديا ؟ تلك الدول التي تحاول جاهدةً الشفاء من سم الحرية الأمريكية و الثورات الموجهة !

لم يكتفوا بذلك , بل لجئوا للسلاح الأحقر , للسلاح الذي تجيده أمريكا و اللوبي الصهيوني بكل براعة و خفة يد , ألا و هو الإعلام الموجه ! ذاك السلاح الفتاك الذي لا يستهدف الأجساد بل يستهدف العقول و يستغل العواطف و روح الإنسانية المفطورة لدى الإنسان منذ الولادة , مخفية الحقائق و مسلطةً الضوء على ما يهم من يديرون تلك الماكينة الإعلامية النجسة , تلك القنوات و الصحف و الصفحات الإلكترونية التي لا يمكن أن نصفها بأقل من الأدوات المشبوهة , التي لا تهدف سوى لإبراز محاسن المستعمر الغربي , و شن حملات التشويه الممنهجة و المقصودة , مشوهةً النظام السوري و حلفائه , مشبهةً معارك تحرير حلب و غيرها من معارك القضاء على التطرف و الجماعات المتطرفة بالمجازر و جرائم الحرب , و التي أصبح لا يخفى على أي عاقل و ناضج أنها صناعة أمريكية بحتة , لنشر وباء الديمقراطية الأمريكية في الوطن العربي , فالمتابع لتلك القنوات المأجورة و الأبواق الناهقة باسم الإنسانية العمياء ,لا يرى سوى ما يريده مشغلوها أن يروه , معبئين و شاحنين عقولهم و العقل الباطن لديهم بأن نظام الأسد و حلفائه يرتكبون المجزرة تلو المجزرة بحق الشعب السوري و المدنيين الأبرياء , فبعض الصور و المشاهد المنتشرة بكثرة على الشبكة الإلكترونية و شاشات التلفزة للأسف ليست سوى مشاهد مأخوذة من أفلام سينمائية , و لعل آخر صورة كانت تلك التي تحدثوا فيها عن تلك الطفلة التي خسرت عائلتها إثر قصف طائرات الجيش الروسي لمنزلها , و لكن ما تبين لاحقاً وجودة تلك الطفلة ذاتها في الفيديو كليب الخاص بالفنانة هبة طوجي في أغنية عن الربيع العربي (الخريف العربي) , ثم كانت صورة الطبيب الذي يبكي و كان عنوان الخبر حسبما أذكر : ” حينما يبكي الأطباء في حلب ” , و لكن الصورة ليست سوى لممرض فلسطيني في مستشفى الشفاء خلال العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة , و بعض المشاهد الأخرى التي أظهرت تحركات لدبابات تدمر أحياءاً سكانية كاملة ليست بالمناسبة إلا لقطات فيديو مصممة ” جرافيكس ” للعبة القتال الحربي الحديثة للبلايستيشن ” Call of Duty : Black Ops , ” .

و نجد الكثير من المتباكين على المجازر في حلب والتي يتم تضخيمها إعلامياً بشكل مخيف و مبالغ فيه دون أن نجديهم يذرفون دمعة واحدة حتى على ضحايا التفجيرات الإرهابية في مختلف دول العالم و على المجازر السعودية في اليمن , فقط لأن الإعلام يسلط الضوء على سوريا لإعطاء غطاء إعلامي و توجيه النظر عن باقي الأماكن التي تتعاطى الديمقراطية الكولونيالية الأمريكية و المدعومة وهابياً و خليجياً بالسر.

اذا لا نجد نظاماً عربيا يدعم النظام السوري ؟ في حين نجد القوات الروسية الباسلة أول المدافعين عن عروس عروبتنا ؟ و نجد حزب الله اللبناني في مقدمة الصفوف ؟ و موقفاً مشرفاً من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين داعماً لسوريا ؟ أين البقية من سوريا ؟ أين من احتضنتهم سوريا و قدمت لهم المنازل و المكاتب سنوات طويلة ؟

نجد فقط أصحاب الفتن الطائفية و ذوي العقول الفارغة , أصحاب الشعارات المخزية الواصف لحزب الله بأنه بتدخله يهدف للمد الشيعي في سوريا ! أليست تلك حماقة و أكذوبة سمجة بعض الشيء ؟ و المدعين زوراً أن روسيا لاحتلال سوريا و استنفاذ مواردها و جعلها محمية روسية , للأسف هي مجرد نكتة أكثر منها رأياً عاقلاً لا محالة .

فالجيش الروسي , و قوات حزب الله لم تدخل سوريا سوى نصرةً للعروبة , مجابهةً للإرهاب و التطرف الطائفي المدمر الذي لا يسعى سوى لوصول المتطرفين و المدعومين أمريكياً و صهيونيا و قطرياً , مثلث الإرهاب العالمي , للقضاء على ما تبقى للعرب من عروبة و كرامة , أليس الأجدر لنا أن نعيد النظر لما نتابعه من أخبار ؟ و نتأكد من مصادر معلوماتنا ؟ اسألوا أنفسكم دائما , من الأصدق ؟

هل هم السكان في سوريا ( الذين أتواصل معهم شخصيا و يتواصل معهم غيري من المهتمين بالقضية السورية ) , أم كاميرات الإعلام و الأبواق المأجورة ؟ فكلنا يبحر في العالم الافتراضي بكل أريحية دون وجود حدود و لا قيمة فيه للمسافات , تواصلوا مع السوريين , أسألوهم عن حالهم , أطمئنوا عليهم , أشعِورهم بحقيقة إنسانيتكم الحقيقية , ليست تلك الإنسانية المصطنعة المبنية على المعلومات المغلوطة و التي لا نرى أو نسمع صداها سوى عبر منشورات إلكترونية أو تغيير الصورة الشخصية على صفحات التواصل الإجتماعي أو في جلسات و ندوات هنا و هناك ,

, نمّوا وعيكم قليلا و انظروا من جهة أخرى سترون النور و الصورة الكاملة حينها , و لا تكونوا عباداً و قطيعاً ينساق خلف ما يريدونكم أن تصدقوه أو يغرسوه في عقولكم .

قد يعجبك ايضا