محاضرة للكاتب الباحث حنا ميخائيل سلامة في رابطة الأدب الإسلامي العالمية

 

الثلاثاء 6/12/2016 م …

الأردن العربي …

عنوان المحاضرة : ” فن الكتابة في الظواهر الاجتماعية وقضايا الناس “

“يُشكل النقد الإجتماعي الذي يعكس الظواهر المجتمعية ويُصوِّر أحوال الناس ونضم معيشتهم، وما يعانون من مشاكل فناً من فنون الأدب بقواعده وعناصره،  وهذا الفن تحديداً يُصقل بالقراءة ويعزز بالخبرة والدُربة والمراس، ويحتاج لعين بصيرة راصِدة ولقلم يتمتع بالجرأة  المسؤولة والشفافية والحياد “.بهذا قدم الكاتب الباحث حنا ميخائيل سلامة لمحاضرته “فن الكتابة في الظواهر الاجتماعية وقضايا الناس” وذلك في مكتب الأردن الإقليمي لرابطة الأدب الاسلامي العالمية.

وأضاف” إن المقال في أبسَط تعريفٍ له هو تأليف أدبي، أو  قطعة إنشائية تعالج موضوعاً معيناً أو قضايا عامة أو خاصة، أو شأناً يغلب عليه الطابع الفكري أو النقدي. وعلى كاتبِ المقال أن يُبقي قبالَة نظرِه، الموضوعية بما يكتُبوالمصداقيَّة في نقل المعلومة، ليُحقِّق المقال هدفه وليصل من خلاله الكاتب إلى قلوب القرَّاء الذين مع مرور الزمن، يكونونَ عوناً له، فيلفتون نظره، وهم واثقون من مصداقيته،عن مواقع الخلل والفساد، ليقوم بالتالي بمتابعتها والتحري عن جميع ما يُحيط بها، والكتابةِ عنها حسبَ قناعته إن كانت تخدِم المصلحة العامة”.

 كما أضاف” وعلى أساس أن كل عمل أدبي يشكل خلية من خلايا الحركة الأدبية فإن مقالات النقد البناء، ليست بمعزل عن هذه الحركة،  لما لها من مكانة فنية حقيقية وغايات نبيلة في الإصلاح والتطوير”. وأشار: ” إلى أن الكتابة في الظواهر الإجتماعية وقضايا الناسوحاجاتهم لا تصِحّ بالتلقي السّماعي  وحده ، أو بعيداً عن بيئة القضايا المطروحة والأصول التي تغذيها كما نرى في حالاتٍ كثيرة.. وعليه ومِنأجل بحث دقيق وتشخيص سليم مدعَّم بالشواهد ينبغي التحرك إلى قلب الميدان والحياة العامة وصميم الشارع النابض بالحياة للإطلاع بأم العين، والإصغاء مباشرة لنبض الناس وما يعتمل في صدورهم فهذا هو المعيار السليم لنجاح أي مقالٍ يُكتَب في النقد البناء ولجني الثمار المرجوة منه للإصلاح والتطوير ومعالجة مواقع الخلل والترهل..”.

وعرَّج المُحاضرالمختص بالكتابة النقدية والظواهر الاجتماعية لما يزيد عن ثلاثة عقود ونصف،على التحديات التي تواجه كاتب النقد الاجتماعي والتي ينبغي أن لا تثنيه عن الإستمرار بمهمته مهما كان الأمر . كما أشاد “بكل مسؤول يهتم ويتابع ويعالج بجديةٍ ما يثار من قضايا مُستقاة من صميم الشارع وحيثما تواجدت، مُبدياً استغرابه في الوقت نفسه من بعض المعنيين الذين لا يُعِيرُون إهتماماً لمقالاتٍ نُشرَت، وقد تكون لم تمرر لهم من الأقسام المختصة لديهم، وشدد على ضرورة عدم تبسيط ما يُثار ووضع حلول مؤقتة ينتهي مفعولها بعد فترة قصيرة فتعود القضايا نفسها تبرز مع مضاعفات يتعذر حلّها ما يسبب حالة من الإبتئاس ويُعطِّل اندفاع الناس عن الخدمة والعطاء وربما يقودهم لتصرفات غير محمودة”.

وفي السياق أكَّد المُحاضِر في جانبٍ من محاضرته “إلى أن كثرة من الناس تتوقع أن الكتابة في الظواهر الاجتماعية وقضايا الناس وما يتأجج في صدورهم منهمومٍ وتظلُّماتٍمسألة سهلة المنالِ، وأن تسليط الضَّوءِ على مواقع الفساد والترهل لا يحتاج لأي مجهودٍ أو عناءٍ.. ولعل السبب في حساباتهم هذه، يعود لِما يقع تحت أبصارهم من مقالات تكونُ كُتِبَت كيفما اتفقومن أبراج عاجية ومكاتب مرفَّهة ، ودون بحثٍ أو دَعمٍ بالبراهين.. لذا وجب الأمر التحرك إلى  قلب الميدان ، والحياة العامة، وصميم الشارع حيث تزدحم الظواهر والهموم والمشاكل وشتى الممارسات، للإطلاع بأم العين، والإصغاء مباشرة لنبض الناس فهذا هو المعيار السليم لأيِّ مقالٍ في النقد البناء ولجَني الثمار المرجوة منه.

وفي محطة اخرى من محاضرته أشار الكاتب الباحث سلامة” لمسألتين تابعَهُما وقد خلَّفتا في نفسه ضرباً مِن  السَّخط، أولاهُما عدم قيام بعض أصحاب الأقلام الذين يَرَون القضايا والظواهر والممارسات والمشاكل التي تنوء تحت عبئها شرائحُ من الناس فلا يكلفون أنفسهم تسليط الضَوءِ عليها والكتابة فيها بوسائل الإعلام المتاحة يجيء هذا ليُحافظوا على قنوات الود التي تربطهم مع الجهات صاحبة الشأن، والمسألة الثانية أن بعض مُحرِّري وسائِل إعلامية لا ينشُرون بعض المقالات التي تصلهم إن كانت تتعلق بنقدٍ بناءٍ لوِزارات ومؤسسات رسمية مُحددة  لتبقى صِلاتهم مع المعنيين فيها على أحسن ما يُرام.. والكاتب الملتزم أمام هذه الحالة يأبى إلا أن تُنشر.. كيف لا؟ وقد أجرى قلمَه في مضامينها  مُتتبعاً أثرها، ومستقصياً عنها، ومتحققاً بنفسه عن كل شاردة وواردة فيها.. وقد سَنَدها بالبراهين القطعية والحلول المقترحة.. فتراه والحالُ هذا يسعى جاهداً  إلى وسائل إعلامٍ متفرقةٍ ليُصار إلى نشرها وتعميمها،  لِما فيهِ الخير العام”.

واختتم محاضرته التي تناولت جوانب عديدة قائلاً:” إن الصراحة ومواجهة مواقع الخلل بالكتابة عنها وتسليط الضّوء عليها، تجلب في حالاتٍ متاعبَ، ووجع الرأس غير أن الواجب الضميري على الكاتب المُلتزم بثوابت بلدِه ورسالتِه أن يبقى صلب العزيمة وأن لا ينثني عن اشتغاله بالنقد الهادف البناء، وأن يسعى بقلمه إلى الإصلاح.

وكان قدَّم المُحاضِرالأستاذ الشاعر عبد الرحمن مبيضين، حيث أشاد بتمسك المُحاضر العُضوالمؤازر في رابطة الأدب الاسلامي العالمية ،بالثوابت والقِيَم وما فيه كرامة الإنسان وثمَّن أسلوبه الأدبي في الكتابة النقدية واختياره من بيان لغتنا العربية. كما قرأ مقتطفات من كِتابه “الخيار الأسمى ومشاهد حياتية” الذي قدم له الأستاذ الدكتور خالد الجبر، ويجيء من ضمن مؤلفات المُحاضر الأخرى وهي”مرصد الظواهر وقبس الخواطر” تقديم الأستاذ الدكتور محمود السَّمرة والأديب الشاعر سُليمان المشيني،”ناقوس الظواهر وريحان الخواطر” وقدم له الأستاذ الدكتور عَوْدَة الله منيع القيسي،”عنبر الكلام في صيد السهام” وقدم له المرحوم الأستاذ الدكتورمحمد رشاد الريّان، والكتاب الخامس وعنوانه: “لظى المواجع وندى البدائع” وقدم له الأديب الشاعر المشيني. وأدار الشاعر مبيضين مجريات هذا النشاط الثقافي الذي حضره نخبة من أهل الفكر حيث شاركوا مع رئيس مكتب الأردن الإقليمي المكلف لرابطة الأدب الإسلامي العالمية الأستاذ الدكتور عدنان حسونة بمداخلات قيمة واقتراحات تصب في الخير العام. كما أثنى الأستاذ الدكتور عَودة الله منيع القيسي رئيس الرابطة الأسبق على جهود المُحاضر وعينه التي ترصد قضايا المجتمع فيعبر عنها بجدية وموضوعية.

كاتب وباحث:حنا ميخائيل سلامة نعمان

[email protected]

قد يعجبك ايضا