صعوبات أمام التنسيق الإسرائيلي المصري العسكري في رفح / معتز خليل

معتز خليل ( الأردن ) – الإثنين 5/2/2024 م …




خلال الساعات الماضية أعلنت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي عن تنسيقها مع مصر قبل القيام بأي عملية تمشيط في مدينة رفح ، فضلا عن البحث عن سبل لإجلاء النازحين شمالا ، في مخاض التطورات العسكرية الحاصلة الآن في غزة.

حديث المصادر المصرية عن هذه القضية يدفعنا لطرح عدد من الاستنتاجات ومنها:

1- أن مصر ووفقا للمصدر السابق موافقة على مواصلة العملية العسكرية الإسرائيلية
2- أن هناك جهات في مصر تعتبر أنه لا يوجد مناص عن مواصلة هذه العملية وبالتالي لا بد من التنسيق مع إسرائيل ، غير أن هذا الحديث عن التنسيق يطرح في ذات الوقت بعض من التساؤلات ومنها:

1- كيف ستسير الآلية الخاصة بهذا التنسيق؟
2- هل سترافق مثلا معدات عسكرية ذات طبيعة رقابية إسرائيل في عملياتها في رفح؟
3- هل يمكن القول بأن الهدف من هذه العملية هو إحكام الرقابة على محور فيلادلفيا ومراقبة المصريين لهذه لعملية المراقبة ؟

هذه الأسئلة وغيرها ستكون بالطبع حاضرة في عملية التنسيق العسكري والاستراتيجي بين مصر وإسرائيل ، خاصة في ظل بعض من الاستنتاجات العسكرية الدقيقة والمهمة ومنها:

أ‌- أن إسرائيل تنتهج حاليا سياسات التدمير الواسع على كافة النطاق وهو ما سيؤثر بالتأكيد على تعاطي مصر مع هذه العملية
ب‌- أن إسرائيل تقوم باعتقال العديد من الفلسطينيين في حماس متهمة إياهم بالإرهاب، وهو ما سيزيد من حجم العبء على مصر لأن مصر في هذه الحالة ستكون مشاركة ولو معلوماتيا مع إسرائيل في هذه الحرب.

الحزام الأمني
وبجانب كل هذا كان لجوء إسرائيل إلى إنشاء “حزام أمني” أو “منطقة عازلة” معضلة أمنية واضحة ، حيث سيدفع القول بوجود منظومة للتنسيق الأمني الإسرائيلي المصري إلى موافقة مصر على وجود هذه المنطقة العازلة، خاصة وأن مصر على يقين بأن الوضع الأمني في غزة لن يعود لما كان قبل عملية طوفان الأقصى.

ويعود التاريخ الإسرائيلي لتدشين مناطق عازلة لسنوات ماضية ، حيث سبق وأن لجأت إسرائيل إلى إقامة مثل هذا “الحزام” في العام 1985 في الأراضي اللبنانية بعد حرب لبنان الأولى التي سعت من خلالها إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية وإخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982، فقد أعاد الجيش الإسرائيلي انتشاره في هذه المنطقة التي شكّلت حينها ما يُقارب الـ 10% من مساحة لبنان أُطلق عليها لاحقاً تسمية “الحزام الأمني” بعد الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية التي سيطر عليها خلال الحرب، وقد أوكلت ل جيش لبنان الجنوبي مهام الإدارة المدنية لسكان تلك المنطقة الذين قُدّر عددهم بقرابة 150 ألفاً موزعين على 67 قرية وبلدة.

بعيداً عن تاريخ السيطرة الإسرائيلية على هذه المنطقة، وعلى العكس من أهداف إسرائيل من إقامة هذا “الحزام”؛ فقد تحول وجود الجيش في هذه المنطقة على مدار قرابة 18 عاماً (حتى الانسحاب) إلى منطقة استهداف من قِبَل المقاومة اللبنانية (حزب الله) وأدّى ذلك إلى مقتل ما يُقارب 559 جندياً إسرائيلياً (أي ما يُعادل خمسة أضعاف قتلى الجيش خلال الحرب).

وعلى غرار هذه التجربة، تسعى إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة إلى إقامة “منطقة عازلة” داخل حدود القطاع على غرار “الحزام الأمني” في جنوب لبنان، أو للدقّة، “نموذج مطوّر” عنه.

وعلى عكس نموذج “الحزام الأمني” في لبنان، بات واضحاً أن إسرائيل تسعى إلى إفراغ هذه المنطقة- “الحزام الأمني” الذي تنوي إقامته داخل حدود القطاع- من الوجود الفلسطيني وهذا ما يُفسّر بحسب الكثير من الخبراء عمليات التدمير الممنهج للبنية التحتية المدنية وتفجير المنازل بشكلٍ شبه كامل في هذه المنطقة منذ بداية “المناورة البرية” لمنع عودة السكّان الفلسطينيين إلى منازلهم، هذا الأمر يتعزّز مع غياب وجود جماعات محلية قد تبدي تعاوناً مع إسرائيل على غرار جيش لبنان الجنوبي.

من ناحية ثانية، تتعزّز “حاجة” إسرائيل للسيطرة على هذه المنطقة وإقامة “منطقة عازلة” مع انهيار “التصور” في إسرائيل عن قطاع غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية فيها.

تقدير موقف
وأيا كانت تداعيات الموقف التنسيقي بين مصر وإسرائيل ، فإن هناك الكثير من المصاعب والعراقيل التي يمكن أن تتعرض لها منظومة هذا التنسيق ، الأمر الذي يزيد من دقة المنظومة التنسيقية العسكرية بصورة كاملة.

قد يعجبك ايضا