الجزائر و المغرب ، جيران السوء / أحمد الحباسى كاتب

 أحمد الحباسى* – الإثنين 22/1/2024 م …




* كاتب و ناشط سياسي …

أصبح الصمت جريمة و خطيئة كبرى و لم يعد هناك مجال لتجنب الحديث عن الأزمة السياسية الجزائرية المغربية التي تأخذ عناوين مختلفة : البوليزاريو ، الجمهورية العربية الصحراوية ، قضايا التحرر و ما إلى ذلك من العناوين الجذابة الكاذبة التي تخفى وراءها حالة مريرة من العداء المستفحل بشدة بين البلدين الجارين . اتهامات متبادلة و جيوش مستنفرة على حدود البلدين و مخابرات صهيونية تصبّ الزيت على النار و اقتصاد مشلول و إنفاق عسكري بلا سقف و خطب استفزازية مملة و قوى إقليمية و خارجية متداخلة و إعلام عربي منقسم يدعو لمزيد الانقسام و الفرقة و قيادات سياسية حاكمة فقدت الصواب و ابتعدت تماما عن لغة العقل و باتت تهدد بالويل و الثبور و عظائم الأمور .

يظهر أن الأزمة المستفحلة بين المغرب و الجزائر لن تهدأ إطلاقا و لن يكون لها حل لا على المستوى الثنائي و لا المستوى المغارب أو العربي أو الدولي و يظهر و للأسف أن الأمة العربية قد ابتليت بجارين كل واحد أسوأ من الآخر و لذلك لم يعد هناك من يصدق أن الخلاف يتمحور حول قضية من قضايا التحرر كما تقول الجزائر أو عن تدخل جزائري في الشأن المغربي كما تقول المغرب بل بات الحديث عن كل ما خفي في علاقات الدولتين و عن الأسباب الفعلية و الحقيقية لكل هذا النفور المتبادل . بين الجزائر و المغرب هناك حالة من الكراهية لا علاقة لها بقضايا التحرر و لا بالسيادة الوطنية و البلدان يصرّان رغم كل ذلك على تلبيس الباطل لغة الحق و يسعيان باستعمال قذائف صاروخية لفظية إلى إيهام المتابعين بأن كل واحد منهما على حق و أن الطرف الآخر هو المخطئ و الجاني على نفسه. بطبيعة الحال فى الخلافات العربية دائما ما يحتل الخطاب الإعلامي المنزلة و المرتبة الأولى و لذلك نرى إعلام البلدين قد سقط بالرسالة الإعلامية المقدسة إلى قاع القاع .

منذ فترة تم قطع العلاقات بين البلدان و اتخذت قيادات القطرين قرارات صادمة و غير مريحة بل جاءت تلك القرارات مخيبة للآمال و مكرسة لعداء طال سنوات بحيث لم يكن هناك فترة طويلة من الصداقة على الرغم من كل الروابط التي تجمع الشعبين و حتى نكون منصفين فمن واجبنا عدم ضرب الأمثلة و لا توجيه الاتهام و لا إعطاء الحق لهذه الجهة على حساب الجهة الأخرى و الاكتفاء بالتصريح بأن كل القيادات التي تولت الحكم في البلدين كانت تتوجس خيفة و تحتاط و ترتاب من كل تصرف يأتي من الجهة المقابلة . الواضح و الثابت أن الخلاف بين البلدين هو خلاف حدود و نزاع حول منطقتي يشار و تندوف اللتان كانتا تحت السيطرة الفرنسية منذ سنة 1950 كما أنه خلاف إيديولوجي بسبب ميول الجزائر إلى المعسكر الشرقي و ميول المغرب للحلف الغربي إضافة طبعا إلى تطبيع علاقات النظام المغربي مع الكيان الصهيوني مقابل اعتراف الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس المتخلى دونالد ترامب بالسيادة المغربية في الصـــحراء الغربية و حديث عــــــــن تعاون عسكري استخباري بيــــــــــن إسرائيل و المغرب .

رغم ما تملكه المغرب و الجزائر من موارد و ثروات طبيعية مهمة فقد ضحّى البلدان بمداخيل هذه الثروات نظير عداوة مدمّرة و زاد قرار الجزائر بإغلاق المجال الجوى أمام حركة الملاحة المغربية من عمق الهوّة الخلافية التي أكدها قرار الملك محمد السادس برفضه القطعي استعداد الجزائر لتقديم الدعم و المساعدات إبان الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب في أواخر السنة الماضية . طبعا هناك تخوف لدى عديد المتابعين من وقوع مواجهة مباشرة بين القوات الجزائرية و المغربية في أي لحظة خاصة أن عديد التقارير الدبلوماسية و الإعلامية قد رصدت زيادة الجزائر في ميزانيتها العسكرية للعام الماضي بأكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق في حين تحدثت التقارير نفسها عن تزايد مهم في حجم القوة العسكرية المغربية و استعانتها بتقنيات و خبرات صهيونية في مجال حرب الرمال . الثابت أن حرب الزعامات على المنطقة لا تزال مستمرة و هذه الحرب تدمر كل شيء في طريقها و تجعل من حلم إنشاء المغربي العرب الكبير حلما مستحيلا و مجرد أضغاث أحلام لا غير .

 

قد يعجبك ايضا