الى مناضل (فتحاوي قديم)، ورئيس دولة فلسطين حاليا!! / سماك العبوشي

سماك العبوشي ( العراق ) – الأحد 03/12/2023 م …

 السلام على من اتبع الهدى…




أما بعد…

سيادة الرئيس أبا مازن هداك الله:

قد أكون غريبا بنظرك ونظر كثير ممن سيقرأ الفقرة التي ستلي ما كتبته مباشرة برسالتي هذه الموجهة لجنابك الكريم، وقد ترى، ويرى هذا البعض بأنني غير منطقي الطرح، وقد يصل اتهامي لدى البعض منهم بأنني قد خنت قضية فلسطين، لكن لي عذري فيما أطرحه بالفقرة التالية ، وسيجدون تبريري بين ثنايا متن مقالي هذا، فانتظروا رعاكم الله وهدانا وإياكم… وأقول:    

كم تأسفت وحزنت – أسوة كغيري من الوطنيين الشرفاء – للانفصال الذي تم بين سلطتك (الوطنية !!) الفلسطينية وبين قيادة حركة حماس في مطلع 2006  إثر تنظيم ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية وفوز حماس بأغلبية المقاعد، وما أعقب ذلك من مواجهات مسلحة واشتباكات بين مسلحي الشقيقتين فتح وحماس، إلا أنني الآن فقط أدركت يقينا بأن ما جرى آنذاك إنما كان قد تم بمشيئة الله تعالى وتدبيره ورعايته وذلك كي لا تموت قضية فلسطين ويطويها النسيان، وأنها ستبقى حيّة فعالة توقظ الضمائر الحية بين الحين والحين حتى يومنا هذا ، ودليلي في ذلك ما نراه اليوم من عودة قضية فلسطين وبقوة للنقاش والاهتمام العالمي من جديد بعد أن طواها النسيان، تلك العودة الرائعة المتمثلة أيضا بالصحوة الكبيرة لدى جماهير الغرب بفضل عملية طوفان الأقصى بقيادة حركة حماس، وشقيقاتها من فصائل المقاومة الوطنية غير المنبطحة لإرادة المحتل فجر السابع من أكتوبر 2023!!

أجل … رُبّ ضارة نافعة، مثل طالما سمعناه ورددناه بألسنتنا ولم ندرك أو نتلمس حقيقة معناه إلا بعد فجر السابع من أكتوبر، حين انتفض أبناء القسام الغيارى ونفذوا غزوة مباركة أطلق عليها طوفان الأقصى، ليمرّغوا كرامة العدو، وليقهروا ويدحروا فكرة الجيش الذي لا يُقهر، وأنه يمتلك أعظم جهاز استخبارات ومخابرات في العالم، وأن قضية فلسطين حية لم تمت!!

أجل يا سيادة الرئيس أبا مازن، نحمد الله كثيرا أن سلطتك الفلسطينية فشلت فشلا ذريعا باحتواء حركة حماس وشقيقاتها في قطاع غزة من الفصائل الفلسطينية الوطنية غير المهادنة او الخانعة للإرادة والهيمنة الإسرائيلية، وإلا :

أولا … فإننا ما كنا قد رأينا عودة قضية فلسطين للساحة الدولية وبهذه القوة!!

ثانيا … لكنا رأينا انبطاحا آخر في من يقود غزة، تماما كما نراه اليوم في من يتسيد مشهد الضفة الغربية!!

ثالثا … لكان التنسيق الأمني (المقدس!!) ممتدً من الضفة الغربية بمدنها وقراها حتى قطاع غزة!!

 سؤال ألقيه على مسامعك سيدي الرئيس، ولا أنتظر منك جوابا شافيا مقنعا له، فالجواب عندي ولاشك:

ما الذي قدمته لشعب فلسطين منذ أن تبوأت رئاسة السلطة الفلسطينية حتى يومنا هذا، مقارنة بما حققته حركة حماس والجهاد وباقي الفصائل الفلسطينية التي مازالت تقارع وتقاوم المحتل الغاشم ولم ترم سلاحها المقدس، والتي بذلت جهدا خارقا رائعا فابتكرت وهيأت من الوسائل والتحصينات وحفرت من الانفاق تحت أرض غزة من أجل يوم المواجهة الحتمي هذا، ولديمومة صمودها بوجه الآلة الحربية الصهيونية طيلة أكثر من خمسين يوما!!

أجل ورب الكعبة، أقولها بكل فخر وتباه ويقين وبضرس قاطع، بإن حماس قد أعادت الوهج والبريق لقضية فلسطين وأعادتها الى الواجهة العالمية من جديد بعد أن طواها النسيان لسنوات طوال للأسف الشديد، فيما كنت أيها المناضل الفتحاوي القديم قد أبرمت الاتفاق الأمني (المقدس!!) مع العدو المحتل وتركته يتوسع استيطانيا في مدن وقرى الضفة الغربية برغم قرارات الأمم المتحدة التي ترفض ذاك الاستيطان والتوسع!!.

وأعود كرة أخرى لغيض من فيض تساؤلاتي:

ونحن نسمع عبر القنوات الفضائية عن اجتماعات دولية وعربية تجري في قطر وغيرها تبحث العدوان الصهيوني على غزة وكيفية إيقافه، وتناقش وتطرح الحلول والبدائل والخطط لما بعد انتهاء الحرب والعدوان على غزة العزة، فما دورك اليوم في هذا الحراك العالمي والعربي الهادف لمنع تدهور الأوضاع في غزة جراء الاعتداء الغاشم والوحشي على رعيتك في غزة، وما رؤيتك لمصير غزة بعد انتهاء الحرب وانتصار حماس بإذن الله تعالى!!

ما دورك في عملية الهدنة الإنسانية التي تم الاتفاق عليها بجهود قطرية – مصرية مشتركة، وهل تم استمزاج رأيك ورأي السلطة الفلسطينية حيالها، وحيال اتفاق تبادل الاسرى الإسرائيليين بالمعتقلين الفلسطينيين من مختلف الفصائل الفلسطينية من أبناء الضفة الغربية!!؟، كما لم نسمع في الاعلام خبرا عن حضور ممثل عنك في لقاء بلينكن ومسؤولين قطريين ومصريين وأميركيين في الدوحة بعد انتهاء الهدنة وعودة القتال!!؟

سأجيبك واثقا مطمئنا بأنه لا دور لك بالمطلق، وانت وباقي شلة قيادتك خير من ينطبق عليهم المثل العربي القائل: (إن حضر لا يُعَد، وإن غاب لا يُفتقد!!)، هكذا انت ببساطة شديدة، فلم نسمع عن دورك في تهدئة وهدنة وكل ما يجري في غزة، وها هو مستشارك السيد محمود الهباش يؤكد ذلك بلقائه عبر وسائل الاعلام ويعلن دونما تردد ولا خجل ولا وجل بأنكم لم تكونوا جزءً من مفاوضات الهدنة!!، كما ولم نسمع صوتك وموقفك الا ما كنا قد سمعناه عن كامل استعدادك لتسيير شؤون غزة بعد القضاء على حماس، كما ولا زالت عبارتك الشهيرة التي نطقت بها سابقا من منصة الأمم المتحدة والتي تقول فيها: (إحمونا، ليش ما بتحمونا)!!!

سيادة الرئيس محمود عباس هداك الله…

أنت لا تمثل نفسك حين اخترت برغبتك ومشيئتك أن تكون رئيسا للسلطة الفلسطينية، بل أصبحت تمثل شعبا كان قد ظلم وقُهر، وتدافع عن قضية حق كان ومازال مغتصبا، أنت اخترت بإرادتك وتصميمك أن تكون (رمز) هذا الشعب وحامل لواء إعادة كرامته وحفظ واسترداد حقوقه، وتذكر جيدا بأن ما يصدر منك من أفعال وما تتخذه من قرارات إنما سينعكس حتما على شعبك وقضيتك، وتذكر أيضا بأن ما أقدمت عليه منذ وفاة الزعيم الراحل الختيار الشهيد أبي عمار رحمه الله قد أضاع جُلّ المكاسب التي تحققت بفضل نضاله ونضال أقرانه ومن معه من الرعيل الأول من حركة فتح ومن مؤسسيها!!

 سيادة الرئيس محمود عباس هداك الله لجادة الصواب:

تدرك حقا ويقينا أنك سرعان ما فرّطت بكل منجزات ونضال مؤسسي حركة فتح التي انطلقت كحركة تحرير وطني فلسطيني عام 1965، وذلك من خلال إبرامك للتنسيق الأمني الذي لطالما تشدقت بوصفه بـ (المقدس!!)، وتناسيت حقيقة أنك بتشبثك بتنسيقك الأمني هذا إنما كنت تمارس دور حامي دولة الاحتلال وعصابات مستوطنيه الذين راحوا بدورهم يضطهدون أبناء شعبك في مدن الضفة وقراها!!  

تساؤلات إضافية اليك أيها القيادي الفتحاوي القديم :

إن كنت تعلم فتلك مصيبة، وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم…

–         ألم تسمع بسفر أشعياء الذي ورد ذكره بخطاب النتن ياهو المؤرخ في 25 أكتوبر والموجه الى قطعان دولته لرص صفهم واستنهاض هممهم وتوحيد كلمتهم من أجل تحقيق نبوءة أشعياء.!!؟، أما سألت نفسك ومن حولك من بطانة ومستشارين ما حقيقة سفر أشعياء!!؟

–         ألم تعلم أن خطة إسرائيل تتضمن إفراغ غزة من أبنائها وتهجيرهم الى صحراء سيناء كمرحلة أولى، ثم التوجه فيما بعد لإفراغ الضفة من أبنائها باتجاه الأردن!!

–         ألم تع بعد، أن صمود أبناء غزة وتشبثهم بأرضهم قد عطل على دولة الاحتلال تنفيذ المرحلة الأولى من خطتهم، وبالتالي أرجأ تنفيذه لخطة إخلاء مدن وقرى الضفة الغربية!؟   

–         ما الذي تحقق لشعب فلسطين في ظل قيادتك حين انخرطت حركة فتح بعملية التسوية السلمية وتبنيها الحل السلمي للصراع مع إسرائيل على أساس مبدأ حل الدولتين!!؟

–         ألم تدرك أنه وبرغم انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005 الذي تسيطر عليه حماس، إلا أن إسرائيل أبقت على قوات عسكرية في مدن وقرى الضفة الغربية، تمارس الاجتياح يوميا، هذا كما وزادت من عمليات الاستيطان، وأن كل ذلك يجري رغم أن السلطة الفلسطينية تتمتع بعلاقات دبلوماسية وأمنية توصف بالجيدة مع إسرائيل، وأن هذا كله لعمري هو الذي دفع بفصائل مقاومة وطنية كحماس والجهاد وغيرها لتبني مبدأ وخيار “السلاح في مواجهة إسرائيل”!!

 ثم …

أما تساءلت يوما عن الأسباب التي دفعت إسرائيل لفرض حصار مشدد على قطاع غزة في أعقاب الخلاف بين سلطتك الفلسطينية الموقرة وبين حركة حماس وحدوث الانقسام بينهما!!؟

ألا يعني ذاك أن ثمة مصلحة عظيمة وغاية كبرى لدولة الاحتلال بفرضها ذاك الحصار على قطاع غزة في أعقاب حدوث الخلاف والانقسام بينك وبين حركة حماس!!؟، أم أنها أقدمت على ذلك بناء على طلب منك لإضعاف حركة حماس وإحراجها أمام أبناء غزة!!؟

 أعلمك حقيقة ربما تكون قد غفلت عنها لكثرة أعبائك ومسؤولياتك، وربما أن بطانتك ومن حولك ومستشاريك الاشاوس لم يحيطوك علما بها، أنه بفضل سياستك وانبطاحك للعدو وتنسيقك الأمني ( المقدس !!) معه، إضافة لعدم مساندتك ووقوفك مع أبناء غزة في تصديهم ومحنتهم هذه، وما حققته حركة حماس في معركة طوفان الأقصى، فإن حركة فتح للأسف الشديد قد خسرت الشيء الكثير من قواعدها وشعبيتها وسمعتها الطاهرة النقية، وخسرت ريادتها، وتأكد بأنه لو تم إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية في الضفة والقطاع هذه الأيام لرأيت بأم عينيك الجميلتين الكحيلتين حجم خسارتك من خلال عظم التأييد الشعبي لحركة حماس والجهاد، ولن أكون مغاليا لو أنني قلت حتى بين صفوف قواعد فتح ذاتها!! 

 ختاما  …

أقول لك صادقا مخلصا مرشدا ومنبها وناصحا:

ليس عيبا أن يتراجع المرء عن خطأ سار فيه، ولكن الخطأ كل الخطأ، بل هو العار كل العار، أن يتشبث المرء بخطئه ويتمسك به دون تصحيحه، ويبني عليه آمالا وأحلاما سرعان ما ستتبخر وتتطاير في الهواء عند أول لطمة يلقاها المرء على جبهته… وحينذاك لن يُغفر له، بل وسيسمع حتما من رعيته عبارة (ولات ساعة مندم)!!، وتذكر جيدا بأن وقت التراجع والاعتراف بخطأ ما سرت به وسعيت من أجل تحقيقه لم يفت بعد، وأن العمر يتقدم بك سريعا، وباب التوبة مفتوح دوما، توبة نصوحا مقرونة بندم واعتذار حقيقي من أبناء شعبك الصابر المحتسب لما حل بهم منذ اتفاق أوسلو وجراء سيرك في وحل عمليته السياسية وعبثها التي جلبت الكوارث لشعبك ولقضيتك، كما وستجلب العار ولاشك لاسمك ولأولادك من بعدك!!.

 قال تعالى في محكم آياته من سورة الشورى، الآية 25: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).

وقال تعالى في سورة النحل، الآية 119: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذينَ عَمِلُوا السّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابوا مِن بَعدِ ذلِكَ وَأَصلَحوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِها لَغَفو

قد يعجبك ايضا