الفراغ الاستراتيجي الدولي / ناجي الزعبي

 

ناجي الزعبي ( الأردن ) الخميس 20/10/2016 م …

يمر العالم بواحدة من اكثر الحقبات الزمنية دقة وحساسية وخطورة ، فقد اشرف العالم على الغرق في حرب عالمية ثالثة لأكثر من مرة كانت اي منها ستقوض كل الإنجازات البشرية على مدار التاريخ لو قيض لها ان تشتعل .

ولم يكن العالم يخضع في كل حالة لشريعة او عرف او قانون او ميثاق او هيئة او مؤسسة دولية ناظمة للعقد الدولي والعلاقات فيما بين مكوناته ، بل رضخت القوة الاميركية الجامحة التي هددت السلم الدولي لمنطق الردع والقوة وتوازن الرعب وليس لاي شرائع او ضوابط اممية من اي نوع ، وذلك دليل مادي على ان كل القوانين والمؤسسات الدولية لم تكن سوى مطية وأدوات لرأس المال المالي (الاستعمار الاميركي الأطلسي) على مدار ستة عقود ماضية تلت الحرب الوطنية العظمى – العالمية الثانية – .

ولم تكن الدولة الاميركية المارقة ترتدع بفعل الشرائع والمؤسسات الدولية بل بفعل منطق الردع والقوة وميل موازيين القوى لغير صالحها .

ولقد عانى الوطن العربي من هذا الجموح حين ضرب العدو الصهيوني والامبريالية الاميركية الاطلسية عرض الحائط بعشرات القرارات لمجلس الأمن الدولي ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم واعتداءاته المتكررة على الشعب الفلسطيني والعربي .

وحين انحسرت الهيمنة والسطوة الاميركية الاطلسية بانت عورات الشرائع والمؤسسات الدولية وتنحت لغة العقل لتسود لغة الدم والقوة الغاشمة .

كما ظهر بما لا يقبل الشك هشاشة بنية الوطن العربي ومؤسساته وهيئات كالجامعة العربية  فظهر بصورة هزيلة ضعيفة بل وأضعف بقعة على وجه الارض ، مستباحاً من اي جهة تملك القوة العسكرية لتبحث عن حصة في كعكة اقتسامه والتسابق على نهب ثرواته والنيل من سيادته وارادته السياسية.

وثبت انه لا وجود لقانون ولا مؤسسات وهيئات ومواثيق دولية ذات قدرة على ارساء قواعد وعلاقات دولية وقوة رادعة كهيئة الامم ومجلس الأمن الدولي فاقدي الوزن .

وعدم وجود قوة وتحالفات دولية حاسمة وقادرة على فرض توازنات واحترام للسيادة الوطنية لكل دولة عضو , ووهن معظم الدول الأعضاء في هيئة الامم ، لذا سادت شريعة القوة وليس الشرعة الدولية ،

فهل كانت الدول الأوروبية واميركا يمكن ان تستبيح سماء العراق وسورية دون تفويض اممي لو كان لمجلس الأمن دور وثقل ومكانة دولية ؟ , او ان الدول العربية قوية ومتحدة كإيران او تركيا مثلاً ؟

لقد قوضت الراسمالية الاميركية القانون والمؤسسات الدولية وأرست شريعة الهيمنة والاستبداد والقوة ، وحين فقدت هيمنتها اصبح العالم بلا ضوابط ولا مؤسسات ولا علاقات متوازنة ، وأصبحت دولة كتركيا تتطاول على دول الجوار كالعراق وسوريا

 ويطالب اردوغان الاداة الامبريالية الاطلسية و المثقل بالاحلام العثمانية باعادة النظر باتفاقية لوزان وضم البصرة لتركيا !!

كما يفعل العدوالصهيوني  الذي لا يحترم اي قوانين وشرائع وقرارات دولية ، وكما اجتاحت اميركا العراق دون اي مسوغ  دولي او قانوني . وفعلت السعودية الشئ ذاته في حربها على اليمن .

كما  اعادت مصر النظر في اصطفافاتها ملتقطة اللحظة فغياب

 الضوابط والمواثيق والقوة الدولية المهيمنة مكن كل دولة ان تفترض اعتبارات على هواها وان تاخذ مواقفها وفقا لهذه الاعتبارات .

ان غياب القدرة الدولية على الاحتكام للهيئات والمواثيق الدولية اسس لسيادة لغة القوة الغاشمة وشريعة الغاب دون تفويض او رادع دولي , ونحن في الوطن العربي من اكثر الشعوب تحملا لكلفة الفراغ الدولي الاستراتيجي ، ونحن نثبت بشكل قاطع ان ( المال الداشر بيعلم السرقة )  .

 

 

قد يعجبك ايضا