لماذا تخاف إسرائيل من سورية إلى هذه الدرجة ؟ / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأربعاء 22/11/2023 م …




ان تقصف الصواريخ الإسرائيلية أهدافاً متعددة في العمق السوري، وفي مثل هذا التوقيت الحساس، فهذا يعني، ، انها تشكل خطراً حقيقياً ووجودياً على دولة الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحاضر وفي المستقبل، وبالمقابل تعلم إسرائيل علم اليقين أن سورية لم ولن تكرّس معادلة السكوت على دماء شهدائها، وسيكون رداً قاسياً ليؤدي إلى تبديل موازين القوى في المنطقة.

في الآونة الأخيرة، شددت إسرائيل من عملياتها العسكرية في سورية وتجاوزت جميع الخطوط الحمر هناك، فقد استهدفت المطارات المدنية وأخرجت مطار دمشق عن الخدمة واستهدفت مطار حلب كذلك، كما قامت إسرائيل باستهداف مباني سكنية في دمشق وريفها وأزهقت عشرات الأرواح من المدنيين، وأخراها استهداف اسرائيل منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

 

على خط مواز، ان الاعتداء الاسرائيلي على سورية دليل واضح علي فشل السياسة الاسرائيلية في الشرق الاوسط و خاصه فشلها في غزة والذي وضعها أمام سيناريو مرعب والذي سيؤدي إلى رد فعل عنيف داخل الدولة العبرية وخارجها، وفي الوقت نفسه أثارت انزعاج المسؤولين الأمريكيين الذين أعربوا عن قلقهم من افتقار إسرائيل إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في قطاع غزة.

مع مضي أكثر من شهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، تزداد المخاوف الواسعة من تمددها لساحات أخرى، أبرزها الجبهة السورية، هذا من شأنه تسعير الحرب وتحويلها لصراع إقليمي كبير، وهو ما سينعكس سلباٍ على مختلف الأطراف بما فيها اسرائيل التي لا زالت تعاني من تبعات الأزمة التي تعصف بها ، سواء من خلال الهزائم المتلاحقة التي يتم النظر لها من داخل الحزب الحاكم على أنها نتيجة طبيعية للفشل السياسي الداخلي، وكذلك تضلع نتنياهو بتهم الفساد والرشاوى والاحتيال.

 

بالتالي إن سورية هي الجبهة الأكثر قابلية للاشتعال بتداعيات حرب غزة بالنظر لجملة عوامل معقدة ومتداخلة، أبرزها أن سوريا رسمياً هي في حالة حرب مع إسرائيل بسبب منطقة الجولان، فضلاً عن العلاقات التي تربط دمشق بحزب الله اللبناني وطهران وبمختلف فصائل المقاومة، والتي تستهدف المصالح والقواعد الأميركية والغربية في كل من سورية والعراق، مما يضاعف من خطر انزلاق الأمور نحو مواجهة مفتوحة تتحول إلى حرب واسعة بين الإسرائيليين والأميركيين من جهة، والجيش السوري وحلفائه من جهة أخرى.

 

في هذا السياق إسرائيل تريد الحرب، ولكنها خائفة منها ولن تستطيع ضمان نتائجها، أما دمشق ومحور المقاومة باتوا يمتلكون القدرة العسكرية لأي مواجهة مع إسرائيل، لكن محور المقاومة لا يريد هذه الحرب في الوقت الحاضر، وفي الوقت نفسه فإن نتائج أي حرب مع إسرائيل، ستجعل من العدو الإسرائيلي “الخاسر الأكبر”، ليس على المستوى العسكري والسياسي فقط، إنما على مستوى وجود دولة إسرائيل برمتها.

 

ولدت الحرب المشتعلة بين فصائل المقاومة وإسرائيل العديد من التساؤلات التي تبادرت في أذهان السوريين في الفترة الأخيرة ، هل إسرائيل تخاف من سورية؟ وما هي الأسباب؟

إن سبب خوف إسرائيل من سورية وعدائها لها بسبب تعاظم القدرات العسكرية والصاروخية لدى الجيش العربي السوري، إضافة إلى الخبرة المتزايدة، التي اكتسبها الجيش جراء خوضه الحرب على التنظيمات الإرهابية في مختلف المحافظات السورية، وتسجيل الانتصارات المتتالية على تلك التنظيمات، التي تمتلك أفضل أنواع السلاح والتدريب العسكري، وقد أكدت بعض التقارير الإسرائيلية أن الجبهة الداخلية في إسرائيل غير قادرة على صد الصواريخ السورية ، التي من شأنها أن تحدث دمارا هائلا في مدينة تل ابيب.

 

وعلى الطرف الأخر تخاف إسرائيل، من “حماس” أو من كتائب عز الدين القسّام أو من غيرهما، بالتالي لا تريد إسرائيل من أن تكون فلسطين موحّدة، جغرافياً وتاريخياً. وهي لم تكن لتقبل بمقرّرات أوسلو 1 عام 1993 وأوسلو 2 عام 1995، إلّا لأنها تُبقي على فلسطين متقطّعة الأوصال.

وسبق أن أعرب المحللين السياسيين الإسرائيليين عن تخوّف الكيان الإسرائيلي من القدرات العسكرية الإيرانية، لا سيما بعد الكشف عن تزويد إيران لروسيا بالطائرات المسيرة في الحرب الأوكرانية، وعلّق حينها رئيس الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية “عميت ساعرط”، على هذا التعاون بقوله: “يجب النظر بجدية، لِما قد يترتّب على هذا التقارب من تداعيات تطال الأمن القومي الإسرائيلي”.

 

في ضوء هذه الوقائع، أتى العدوان الاسرائيلي على منطقة السيدة زينب بريف دمشق، كمعطى جديد ينطوي على دلالات سياسية تتصل بواقع ومستقبل الصراع في الساحة الفلسطينية، وأهمية هذا المستجد أنه يلبي من حيث المبدأ طموحاً إسرائيلياً بتدخل عسكري أميركي مباشر في الساحة السورية، وتحديدا بعد فشل الرهان على القوات الاسرائيلية في توفير ما كانت تراهن عليه تل ابيب في قطاع غزة.

مجملاً…إن الحرب القادمة بين إسرائيل والجيش العربي السوري ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حرب تشرين التحريرية، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، فالجيش السوري لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية، لذلك فإن إسرائيل يجب أن تخرج مهزومة من حربها على سورية ومن أجل ذلك لا بد من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة إلى أن يزول عن كامل الأرض العربية.

 

بإختصار شديد…. إن الحرب قادمة لا محالة، وأن المنطقة قادمة على مشهدين لا ثالث لهما إما تسوية مرضية بشروط محور المقاومة وحلفائه الدوليين أو حرب إقليمية ولن تكون إسرائيل في مأمن منها أبداً.

 

وأختم بالقول،غزة اليوم بمعادلة المقاومة قوية وعزيزة وتحمل جراحها لتصنع الانتصار التاريخي، وفي الوقت نفسه تخوض معركة الأمة العربية، ويتحتم على الجميع الوقوف الى جانبها لتلقين العدو الصهيوني الدروس في الصمود و الثبات .

قد يعجبك ايضا