الياس فاخوري يكتب: الغاز غزة، وغازها، والغزو .. الشيطان في حضن يهوه .. والمقاومة هم المفلحون (المجادلة – 22) وهم الغالبون (المائدة – 56) وقد اسقطوا “اسرائيل” الوظيفة والدور وجعلوا منها عبئاً استراتيجياً!




الياس فاخوري ( الأردن ) – الثلاثاء 31/10/2023 م …

(==) حيثما وردت كلمة ” ديانا ” في مقالات الكاتب، فهي تعني تحديدا زوجته الراحلة الكبيرة والمفكرة القومية ، شهيدة الكلمة الحرة والموقف الوطني ” ديانا فاخوري “… والصورة أعلاه لهما معا …

مع أبينا آدم ابدأ، فأغبطه وقد تيقّن ان اي كلمة تخرج من فمه لم يسبقه اليها بشر! فماذا أُحدّث عن غزة – يا اخوتي – في غمرة التحليلات الاستراتيجية والجيوسياسية والعسكرية وبعضها أسير التمنيات، وبعضها تحكمه المخاوف، وبعضها حبيسهما معاً!
و”يطوف الاقصى” ضرباً للطغيان الصهيواوروبيكي لنقرأ الآية 46 من سورة القمر:
“بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ”!؟ فالساعة موعدهم الذي يُجازون فيه بما يستحقون، والساعة أعاظم  وأقسى مما لحقهم من العذاب يوم “بدر” .. فهل يُغرقهم طوفان الأقصى ويجرفهم ومعه “حسّان”  بصحبة “ذو الفقار”، و”سيف القدس” المسلول، و”ثأر الاحرار”، و”كتائب أحرار الجليل” و”كتيبة الرضوان”، و“قسماً قادرون وسنعبر”، و”جنينغراد” ف”جنيبلسغراد”، وفلسطين بحطّينها وعين جَالُوت، ووحدة الساحات، ووحدة الجبهات، و”يميناً، بعد هذا اليوم لن نبكي” .. ها هم المقاومون، وهذه أيامهم تهز العالمين رغم خريطة “الشرق الأوسط الجديد” التي رفعها نتنياهو أثناء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ بضعة اسابيع!
الا يفسر هذا حالة الرعب والارتياع والاستنفار والتحدي والتهديد القائمة في كيان الاحتلال، كما اشارت لذلك “ديانا فاخوري” مئات المرات؟ حقاً، كما أكّدت، انها إرهاصات وعلامات تفكك وتحلل الدور الوظيفي ل”اسرائيل” تؤشّر لبدء انقراض دولة “إسرائيل”!؟ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (الحج – 39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ .. (الحج – 40) .. وَهكذا “ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ” (البقرة – 61).
هل من حدود لعلامات الاستفهام التي تدق الابواب حين ترتقي غزة باطفالها، ونسائها، ورجالها، وترابها، وحجارها لتُبعث وتنهض أقوى!؟ لو عاد “بابلو بيكاسيو” ليعيد رسم لوحته الشهيرة “غرنيكا” لاعتذر عن المهمة لدى رؤية الدم الغزاوي المراق ومعه الخراب وسماع الأنين، ولصرخ ان هذا عصيٌ على التكثيف والاختزال في لوحة!
هل يهتز العالم لو تمت إبادة العرب، كل العرب، كما قد يهتز لكسر في يد او ساق ايِّ من اَل “كارداشيان”؟
ماذا يعني شطب نصف مليار كائن بشري، بموارد طبيعية، وبمواقع جغرافية هائلة من ذاكرة الأمم، وتصفيتهم في ومن لعبة الأمم!؟ الم يعد لنا مكان حتى في الجحيم!؟
الم يطارد الحاخامات الفيلسوف الهولندي (اليهودي) “باروخ سبينوزا” بالخناجر الى البرتغال لأنه رفض مفهومهم لله بقرائتهم العمياء للتوراة :”كل من يقتل يهودياً انما يقتل الله”!؟
هل نسي العالم او ربما تناسى قول دافيد بن غوريون (أحد آباء “اسرائيل”) منذ حوالي نصف قرن: “أحلم أن استيقظ ذات يوم لأرى غزة وقد زالت من الوجود”، كـ “قنبلة ديموغرافية في الخاصرة”!؟ وهل انفجرت القنبلة، وفجّرت معها وصية يهوه: دولة يهودية خالية من الغواييم (الأغيار)!؟
الم يهدم العدو الصهيوني نيّفاً و 78% من مجموع القرى الفلسطينية المغتصبة قبل 1967 (468 من 598 قرية)!؟ 
الم يهدموا 472 موقعاً من 755 موقع فلسطيني عام 1948!؟ .. هذا وقد بلغ عدد بيوت المواقع المهدمة تلك حوالي 53 الف بيت كان يسكنها،حسب إحصاء 1945، قرابة 340 الف نسمة!
الم يسرقوا حتى انواع المأكولات الفلسطينية (حُمُّص، فلافل و، و، و … الخ ) وادعوها لهم، واليوم يسرقون حتى المعاناة الفلسطينية ويدعونها معاناتهم في سردية الرواية الإسرائيلية .. وهل تم دفع خريجي المحرقة النازية (الهولوكوست) للقيام بمهام الاستعمار “الأوروأمريكي” في فلسطين والمنطقة!؟
وها هو المصطلح “Got) Israeled)” بمعنى “تأسرل”، او “اصبح إسرائيلياً”، يُرصد لغوياً ليتم استخدامه وينتشر عند الحديث عن شخص يسرق/يغتصب ما ليس من حقّه ويدّعي أحقيّته وملكيته له بكل جرأة!
الم تلجأ “إسرائيل” إلى أفكار هتلر ذاتها استخداماً للقوة المفرطة، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى!؟ هل سمعتم بسابقة تاريخية لما قامت به دولة احتلال من حصار للشعب المحتل، وقطع المياه، والكهرباء، والطاقة عنه، ومنع وصول الغذاء إليه الى جانب عمليات التهجير القسرى للسكان، وقتل الأطفال، والنساء، والشيوخ!؟ الم يقولوا ببناء “الهيكل الثالث” ليس فقط بأرز لبنان وبحجارة لبنان، وانما بجماجم اللبنانيين!؟ .. بسرقتها لهذه الأفكار وتنفيذها على ارض الواقع، تُعيد “إسرائيل” إلى الأذهان صفحات نازية سوداء تفيض وحشية وقذارة فى غزة!؟
الم تصلب “اسرائيل” حل الدولتين بذبح “مبادرة فريدمان العربية” وقد مزَّقت الضفة طولاً وعرضاً فتنفصل المدن بعضها عن بعض (132 مستوطنة على أرضها، و12 مستوطنة في محيط القدس)!؟ 
الم تستخدم الولايات المتحدة، خلال العقود الخمسة الاخيرة وحدها، حق النقض ضد حوالي 50 قرارًا لمجلس الأمن تنتقد “اسرائيل” كان آخرها القرار الصادر يوم 18 أكتوبر/تشرين الاول 2023، الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار بين “إسرائيل” وحماس!؟
الم تمتنع “اسرائيل” منذ إنشاء الأمم المتحدة عام 1945، عن تنفيذ أي قرار أممي جرى تبنيه بشأن الفلسطينيين وذلك بمساعدة وتحريض من الولايات المتحدة؟
الم تصوَّت بعثة الولايات المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 ضد القرار رقم 67/‏19 الامر الذي أدّى لعرقلة قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في ديسمبر/كانون الاول 2014 بخصوص إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 خلال ثلاث سنوات!؟
ماذا بعد!
هل يهدف تهجير أهل غزة (%70 من سكان غزة هم أصلاً من فلسطينيي عام 1948) الى تمرير مشروع قناة “بن غوريون” من ام الرشراش جنوباً إلى غزة شمالاً ليدر على “إسرائيل” 6 مليارات دولار سنوياً على حساب قناة السويس؟
هل تُمَكّن السيطرة على حقول غاز غزة (احتياطي يُقدّر بما لا يقل عن 1,4 تريليون قدم مكعب) الكيان المحتل من ربطها مع المنشآت البحرية المجاورة في حَقْلَيْ ليفيثان وتمار وَوَصْلِها بممر نقل الطاقة الذي يمتد من ميناء أم الرّشراش إلى ميناء عسقلان، وإلى حيفا شمال فلسطين، ثم إلى ميناء جيهان التركي لاحِقًا، حيث محطة خط الأنابيب العابر لبحر قزوين باكو- تبليسي- جيهان!؟
ثم ماذا عن ديناميكية الأزمة المأزق في السودان بذهبه ونفطه وغازه واليورانيوم الى جانب الثروات المائية والزراعية والحيوانية!؟
ولكن  ماذا عن الممر / الكوريدور الاقتصادي بدءاً من الهند مروراً بالخليج فالكيان المحتل من خلال غزة وحيفا (وعلى حساب مرفأ بيروت) الى أوروبا في مواجهة طريق الحرير؟
فانضمام 4 دول من غرب آسيا (مصر، والسعودية، والإمارات، وإيران)، واثيوبيا لمجموعة بريكس يعني خروج البحر الأحمر والخليج والمحيط الهندي عن سيطرة منظومة جي 7 الغربية الامر الذي يعيدنا لنظرية الرئيس الاسد حول منظومة البحار الخمسة التي طالما حدثتنا عنها “ديانا فاخوري”. فهل غدت الممرّات البحرية من المحيط الهندي والخليج إلى أوروبا عبر مضيق هرمز وباب المندب ضمن مجموعة سياسية اقتصادية متماسكة قادرة على التصدي للتعديات الغربية والأميركية!؟ 
وماذا عن الممر الشمالي الجنوبي الذي يربط روسيا بالمحيط الهندي عبر إيران وأفغانستان وباكستان، وماذا عن الممر الشرقي الغربي الذي أتت به مبادرة الطريق الواحد الصينية بعد أن يتمّ تنفيذ شبكة سكك الحديد التي توصل البحر الأصفر بالبحر المتوسط!؟ وهكذا تفقد امريكا والغرب السيطرة على الممرّات البرّية والبحرية كما كان الحال خلال القرنين الماضيين خاصة وان روسيا تسيطر على الممر القطبي الشمالي وما يحتويه من احتياطات نفط وغاز ومعادن. 
وماذا عن اغراق المحور الامريكي الاوروبي في حرب غزّة؟ هل يُنهي ذلك الحرب الاوكرانية بانتصار روسي؟
اما الولايات المتحدة الامريكية فانما قامت علی ما غرسه البيوريتانز (الطهرانيون) الانجليز، وقد تمثلوا التوراة، في اللاوعي الامريكي من ثقافة الغاء الاخر علی طريقة داعش وابن تيمية .. فأين ذهب أصحاب الارض الاصليون؟! الا يتماهی اغتصاب البيض لامريكا الشمالية مع اغتصاب الصهاينة لفلسطين؟!
الم يُشعل هؤلاء حرباً عالمية أدت لمقتل 10 ملايين عسكري، و7 ملايين مدني، لتعقبها حرب عالمية أخرى تراوح عدد ضحاياها بين 62 مليوناً و78 مليوناً، بينهم ما يزيد عن 27 مليون سوفييتي!؟ وماذا عن حرب المائة عام بين الانكليز والفرنسيين (1337 ـ 1453 ) التي قضت على نصف سكان انكلترا!؟
ثم ماذا عن ضحايا فيتنام (1.353.000 ضحية)، وأفغانستان (176000 )، والعراق (1.033.000 ) وكوريا (5000.000 )!؟ وماذا عن ضحايا الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1.5 مليون)!؟
وبعد، كيف جرّ الفرس المجوس بلدهم (إيران) الى حضن القواعدالعسكرية الأميركية!؟
نستعيد هنا سؤال فيلسوف التاريخ البريطاني آرنولد توينبي “أهو التاريخ الذي يجر الشيطان عندنا أم هو الشيطان الذي يجر التاريخ؟”. وهذه غزة هاشم تُرينا “يهوة” يمتطي ظهر الشيطان لتسقطه، والكهف بالانتظار!
واليوم، الا تُذكّرنا غزة هاشم باللاءات الهاشمية الثّلاث: “لا للتّنازل عن القدس المحتلة”، “لا للوطن البديل” و”لا للتوطين”!؟
نعم خسئوا فالأردن اكبر من الدور المرسوم، وهو قادر، قيادة وشعبا، على احباط “القدر المرسوم” .. وسيبقى الاردن وقف الله، أرض العزم، أفقا عربيا، وعمقا سوريا وامتدادا كنعانيا .. وطنا اردنياً بهيا بانتظام ولايته الدستورية ومأسسة الدولة وتحصين القانون، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! ولن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة و”الصندقة” بخشنها وناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان انسجاما مع مفرزات سايكس/ بيكو ووعد بلفور بمصادقة صك الانتداب وعصبة الأمم وما رسموه للأردن من دور وظيفي قاومه الملك الحسين متمسكا باستقلال القرار السيادي وانتظام الولاية الدستورية، وعمل على تخطي الدور ومقتضياته والتحرر من الالتزامات المترتبة عليه ليرسى بذلك إرثا سياسيا لأجيال “اسلفتها” قريش “بمدرجة الفخار” فيحملوا “من الأمانة ثقلها، لا مُصْعِرِينَ ولا أَصَاغِرَ مِيلا” فهم – كما يضيف محمد مهدي الجواهري – ابنَاء “الذينَ تَنَزَّلَتْ بِبُيُوتِـهِمْ ، سُوَرُ الكِتَابِ، ورُتّلَتْ تَرْتِيلا”!”
وها هو الأمير الأردني “علي بن الحسين” يُعيد نشر مقال للملك الراحل عبد الله الأول (كيف يرى العرب اليهود) كان قد ُنشر في مجلة أمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 .. خاطب الملك الراحل الجمهور الأمريكي معبّراً عن انزعاجه من دعم الدعاية الصهيونية في الإعلام الأمريكي “على حساب الموقف العربي فيما يتعلّق بقضيّة فلسطين”، مشيراً الى “أصحاب النفوذ الإعلامي الواسع والحنكة المشهورة في أساليب الدعاية” .. كما تطرّق المقال إلى “تفنيد الحق التاريخي والديني لليهود في فلسطين”، وتناول مطولا “كيف أن الغرب الذي كان يتعاطف مع “اليهود البؤساء” قد ألقى بهم إلى فلسطين بدل أن يستوعبهم خصوصا أنه هو المسؤول الأول عن محنتهم”!
ولان “ساكن، بل مغتصب” (لا أقول صاحب) البيت ادرى بالذي فيه، كانت “ديانا” قد استحضرت في عدة مقالات قلق نتنياهو وارتياب اعداد من زعماء الصهاينة من ان اسرائيل قد لا تعمر الى المئة ففي أثناء التحضيرات لاحتفالات الذكرى السبعين للنكبة، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي علناً عن مخاوفه و أقصى آماله. وكان قد أعلن، في وأكتوبر/تشرين الأول 2017 خلال انعقاد احدى جلسات دراسة التوراة، بأنه: “ينبغي على إسرائيل الآن أن تجهّز نفسها لتهديدات مستقبلية لوجودها إن كانت تصبو للاحتفال بعيد ميلادها المئة” .. وأضاف، بحسب صحيفة “هآرتس”، “لقد امتد عمر المملكة [اليهودية] الحشمونائية [القديمة] ثمانين عاماً فقط”، وبأنه “يعمل على ضمان تخطي إسرائيل هذه المدة وأن تعمِّرَ كي تحتفل بعيد ميلادها المئة”.
وها هي ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول تُؤكد، بتجربة العبور التاريخي الى فلسطين وجغرافيا العالم الجديدة، أن “اسرائيل” لم تعد تلك “القلعة المنيعة التي يقف يهوه على بابها”، كما يرى ايتامار بن غفير وصحبه من غلاة الصهاينة .. فهل تُفضي الهيستيريا التي طرقت بابهم الى انفجار يُطيح اليوم بالدور الوظبفي، وغداً بدولة الاغتصاب!؟
وهكذ، كما أوجزت “ديانا”، تواصل المقاومة التقدم في العمق وعلى الاطراف والصواريخ تصل القدس وجنوب تل أبيب، الاشتباك لا يهدأ والعدو ما فتئ يألم، والضفة تواكب غزة، ووحدة الساحات تتعزز .. فشل القبة الحديدية ومقلاع داوود وترميم القدرة على الردع فارتياع وهرب: المستوطنون الى ألملاجئ، الخبرات، والعقول، والشركات والودائع الى نيويورك ولندن وبرلين .. هجرة عكسية وارتباك في مطار اللد فإطاحة بالثالوث الاقدس للكيان الاسرائيلي المؤقت: الأمن، والاستقرار، والرخاء الاقتصادي!
نعم، سنوقظ هذه الأرض التي استندت إلى دَمنا،
فمن دمنا إلى دمنا حدودُ الأرض .. 
وسيولدون , ويكبرون , ويُقتلون’
ويولدون , ويولدون ’ ويولدون ..
نعم – يميناً، بعد هذا اليوم لن نبكي، ولن يسحقنا لا جرحٌ ولا يأسُ .. نزرع اقدامنا في الوطن، في ارضنا فلسطين من النهر الى البحر ومن الناقورة الى ام الرشراش، ونزرع عيوننا “في درب السّنى والشمسْ”، كما بشَّرتنا “فدوى طوقان” فالردّ لن يكون بالنار فقط، بل بالنار للعبور ودخول الجليل لتحريره بالبيان والتبيين لقدرات غير مسبوقة في اختراق العقل الصهيوني وقض مضاجعه بالقدرة العملية على الوصول الى مضاجعه وحصونه .. كما انها تشكل تراكماً لثقافة المواجهة مع المحتل بالدم الوطني .. ثقافة المقدرة لدى الشباب العربي عموما، والشياب الفلسطيني على نحو خاص .. وهنا لا بد ان نذكر استشهاد “ديانا” ببعض أقوال الزعيم انطون سعادة مثل: “إن فيكم قوة لو فُعِّلت لغيرت وجه التاريخ” و”مارسوا البطولة، ولا تخافوا الحرب”، ولعل هذا ما يحصل في فلسطين – في حروب غزة والضفة تأكيداً لوحدة الساحات حيث تُبتدع وتتكون أشكال “مقاومة” لم يستطع الاحتلال وقواه الاستخبارية وداعميه تفهم عزيمة صُنّاعها او زُرّاعها على تحرير فلسطين – كل فلسطين .. وبشهادة المؤرخة آفيفا تشومسكي، الابنة الكبرى لناعوم تشومسكي، ترى “ديانا” اننا في حقبة “تتشكل فيها أجيال من نوع آخر، وغير قابلة للتعليب” .. لعلهم أبناء العبور، أبناء الله في الميدان.
نعم، اعادت ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول الى الاذهان أنّ الكيان المؤقت هو “أوهن من بيت العنكبوت”، وذكّرتنا بعجزه عن مواجهة مصيره رغم كلّ الدعم والترسانات التي غمروه بها منذ نشأته طوال عقود ثمانية، فإذا ببضع مئات من المقاومين الأبطال (بالكاد بلغ عددهم 1200 مقاتل) يحطّمون فرقة غزة في جيش العدو بالكامل (حوالي 15 ألف ضابط وعسكري بكلّ عتادهم ودباباتهم وذخائرهم) ليتحوّلوا جميعاً إلى قتلى وجرحى وأسرى، وفارّين قد ولّوا الأدبار ممرغة أنوفهم في التراب!
ولا يزال الإنجاز الكبير الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة هو الحدث الاساسي الأكبر، والشغل الشاغل لكلّ الدوائر السياسية والإعلامية في المنطقة والعالم. ويبقى من التفاصيل الهامشية بيان يصدر هنا أو لا يصدر هناك عن هذه القمة أو عن ذاك الاجتماع، فقد كتب المقاومون الأبطال ويكتبون بياناتهم بالقبضات الممسكة بالجمر والجاهزة للضغط على الزناد عندما تدعو الحاجة سيما انهم قد تمكّنوا من حرفة “حياكة السجاد العجمي”، بعد أن التحموا في استراتيجية وحدة الساحات!
كلّ ما يجري في فلسطين وحولها منذ ساعة السابع من اكتوبر/تشرين الاول، ان هو الا في إطار استيعاب الصدمة الكبرى لطوفان الأقصى .. وها هو الرئيس الروسى يشبّه الحصار الذى تفرضه إسرائيل على غزة بحصار ألمانيا النازية لمدينة “لينينجراد” الروسية إبّان الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن حصار مدينة لينينجراد السوفييتية (سان بطرسبرج حالياً) كان عملية عسكرية فاشلة من قبل قوات المحور بقيادة ألمانيا النازية للسيطرة على تلك المدينة، واستمر الحصار نحو أكثر من عامين (سبتمبر/ايلول 1941 إلى 18 يناير 1943) حينما استطاع السوفييت فتح معبر برى إلى المدينة، ثم إنهاء الحصار تماما فى 27 يناير/كانون الثاني 1944، أى بعد 872 يوما من بدء الحصار، ليكون ذلك نقطة التحول الرئيسية فى مسار الحرب، وهزيمة دول المحور، والقضاء على الجيش السادس الألمانى، والزحف نحو برلين.
فمتى (ليس هل) تنفجر “اسرائيل” التي تعاني من الانقسام الأفقي والعمودي!؟ وهل تأتي نهاية “بنيامين نتنياهو” كما كانت نهاية “الملك شاوول” (1080 ـ 1010 قبل الميلاد) الذي انتحر اثر هزيمته في معركة “جبل جلبوع” على يد الفلسطينيين!؟
ما زلت أُصغى لصدى خطواتِكِ – ديانا – فى أرض فلسطين واردد مٓعٓكِ: 
نحن القضاء المبرم .. و” اسرائيل الى زوال” كما نقشتِ على ظهر الدهر، فهزمتِ الموت روحا نقيّاً كالسَّنا ..
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
الياس فاخوري – كاتب عربي أردني

قد يعجبك ايضا