أطفال فلسطين يهدون وطنهم 40 شهيدا / نيفين عبد الهادي

نيفين عبد الهادي –   الخميس 10/8/2023 م …



أطفال فلسطين، إن كان يَصلح في وصفهم بالأطفال، لأنهم ليسوا كذلك بالمطلق، من بين أطفال العالم كافة، هذه الفئة من العمر التي يرى بها شعوب العالم بأنهم نواة بناء الغد، أطفال بعيدون كلّ البُعد أعمارهم وظروف مرحلتهم العمرية، فهم مناضلون مقاومون مرابطون ساعون لطلب العِلم في ظروف أقل ما توصف به أنها قاسية.

قبل أيام، صدرت أرقام فلسطينية كشفت أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 40 طفلا منذ بداية العام الجاري، وبأي ذنب قتلوا!!! لأنهم أطفال فلسطين، عندما يمرّ أقل من ثمانية أشهر من العام وقد استشهد (40) طفلا، هي حقيقة تعكس حجم الإرهاب والظلم الذي يعيشه أطفال فلسطين، ممن دفعوا أرواحهم فداء للوطن، وهذه الأرواح ما تزال في مهد الطفولة، وأكررها إن كان يصلح أن يُطلق عليهم صفة الأطفال فهم أطفال بروح وجسد وحياة عمالقة وإن حملت شهادات ميلادهم أرقاما لسنين أعمارهم قليلة.

أربعون طفلا استشهدوا في فلسطين، منهم 33 في الضفة، و7 في قطاع غزة، فيما تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 160 طفلا، بينهم 21 في الاعتقال الإداري، وكأن للباحثين عن حقوق الإنسان والطفولة غيّروا مناهجهم وإجراءاتهم وباتت لا ترى في كل هذا العنف والظلم انتهاكا لحقوق الإنسان وجرائم بحق الطفولة، مانحين إسرائيل ضوءا أخضر لمزيد من هذا العنف وهذا الانتهاك لفئة يجب أن تحظى بكل الرعاية وحماية الحقوق وصونها.

أطفال الفلسطينيين على ما يبدو خارجون من إطار حماية حقوقهم، بل حماية حياتهم، من قبل سلطات الاحتلال والمستوطنين، دون محاسبة أو ردع أو منع، ربما هم أطفال خارجون من حدود الزمن واعتباراته، أو أنهم جميعا مشاريع شهداء، دون أن يجدوا من يُحاسب ويمنع الإرهاب الذي يمارس ضدهم، ليصل عدد الشهداء منهم (40) في سبعة أشهر، مقدّمين 40 شهيدا هدية لوطنهم..

دماء شهداء لم تتجاوز أعمارهم سنّ الطفولة، ستسقى تراب المعمورة برائحة الياسمين، وتمنح الحياة لوطن محتلّ عجز عنها الكثيرون، دماء لن تذهب أدراج رياح النسيان، فقد خطّت وجع أمّ وأب وأشقاء عاد لهم طفلهم شهيدا، فلن تذهب سدى، دماء تسقي أرض فلسطين لينبت فيها أطفال وشباب لا يعرفون دربا للحياة سوى أرواحهم وأجسادهم، فالموت لا يخيفهم، بل يمنحهم مزيدا من الإصرار على حريتهم وتحرير وطنهم.

ليت الباحثين والساعين لإعداد دراسات وقراءات حول حقوق الإنسان والطفولة تحديدا، أن يقرأوا رقم (40) جيدا، فهو ليس رقما فحسب، إنما هو حكاية نضال ومقاومة وإرهاب خطير تستهدف به إسرائيل من يستحقون الحياة، والحياة الآمنة.

قد يعجبك ايضا