القنديل العتيق  ( شعر ) / اسراء فرحان

اسراء فرحان ( سورية ) – الخميس 13/7/2023 م …




نمشي معًا في شارعٍ

كانتْ به الأضواءُ تضحكُ في المساءْ

أنا والدي قد كان قنديلاً عتيقًا

زاهيَ الألوان وهّاجَ الضياءْ

أنا والدي قد كان من أصلٍ كريمٍ

طيّبَ الأخلاقِ مثل الأنبياءْ

نمشي.. و راحتُهُ تلفلفُ راحتي

حباً، لتغفو في بساتينِ العطاءْ

لنقِفْ قليلاً ها هنا

و لتشرِ لي بعضَ الدُمى

فأطاعني و تبسّما.. و تبسّما..

*

قد حِرتُ بالألعاب حين رأيتها

أين التي سأقولُ أني اخترتها؟

تلك التي أرخَت سنابلَ شعرها

أم تلك صاحبة الجذيلة و السوارْ

لا قلبَ فيها يبعثُ الإحساسَ في أطرافها

قد زيّنوها كي تصيرَ بشكلها

أحلى قليلًا من حُجيرات الجدارْ

قد زيّنوها كي تطيرَ عقولُنا

ببساطةٍ و سذاجةٍ بجمالِها

نحنُ الصغارْ

و أدرْتُ طرفي

كي يساعدني أبي بالاختيارْ

*

و فزعْتُ !!!!

أينَ مضى أبي؟!!

أنا لم أجدْهُ بجانبي

و لمحتُهُ

شبحان لم أعرفْهما

مَضيا به

و إلى البعيييييييدِ

إلى البعيدِ تقدَّمَا

قلبي يذوبُ من اللّظى

و الحزنُ فيه تكلما

ما حيلتي فأبي مضى

و أنا بقيتُ مع الدُّمى

*

الحلمُ لم يكن ادّعاءً أو دُعابهْ

بل كان مفتاحًا لكهفٍ

فيه كنزٌ من كآبهْ

الآن أعرفُ أن قنديلي انطفا

و نأى كثيرًا و ابتعدْ

الآن أعرفُ أنهُ

قد صار في حبس الأبدْ

قد غاب قبطان السفينة

من يسيرُ بنا إلى بر الأمانْ

ما أخبروني  أنهم إذ ودّعوهُ

ودعوا معه الحنانْ

ثم انتبهنا كيف أن الشمسَ في تموزَ غابتْ

عندما كانت تصلي فرضَها عند الغيابْ

كل الذين عرفتهم بطفولتي

لم يرسموا لي وجه موت أو غيابْ

كل الذين عرفتهم ما فارقوني

منذ كانت إصبعي

في فيَّ تغرقُ في اللعابْ

لا… لم يقولوا كيف غابْ

لا.. لم يقولوا كيف دسُّوهُ برفقٍ في الترابْ

و رأيتُ  قنديلي اختفى

حقًّا و ليسَ تَوهُّما

أمسى بأرضٍ أهلها لا يرجعون

و لا (عسى) … أو (ربّما)…

و بقيتُ حزنًا صامتًا

و بقيتُ قلبًا طيبًا

قد ملَّ من دنيا الدُّمى

 

قد يعجبك ايضا