الياس فاخوري يكتب … جزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني شآمٍ … وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ شآمُ ..

 الياس فاخوري ( الأردن ) – الإثنين 8/5/2023 م …
جزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني شآمٍ .. وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ شآمُ .. بالإذن من أمير الشعراء!



في ظل التقارب السعودي الإيراني وبركاتٍ من الصين، وعلى خلفية المبادرة الاردنية، واجتماع عمان، وتصريحات السيد وزير الخارجية الأردني، تتوج العودة العربية الى سورية باستعادة سوريا لمقعدها في الجامعة ربما تمهيداً لحضور رئيسها القمة العربية المقبلة في الرياض واستعادة “معادلة سين سين” ومعها مشروع الرئيس الأسد حول “البحار الخمسة” وصولاً للاستقلال والاستقرار الاستراتيجيين .. اما البحار الخمسة فهي قزوين، والاسود، والمتوسط، والخليج العربي، والاحمر … فهل ترسم دمشق القدر وتربط البحار الخمسة لتلتقي الرياح والامواج السياسية بالامال الاقتصادية الكبری و تمنع بذلك التيه العربي قبل وقوعه في الصحاری وعلی ظهور الابل بعد نضوب النفط او نضوب الحاجة اليه ومع استشراس الذكاء الاصطناعي (AI)؟
 
كم تحدثت ” ديانا فاخوري “، وكم ذكرتنا بمشروع التعاون والتشبيك الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد في مطلع العقد الأول من القرن الحالي (أبيض، أحمر، خليج، قزوين، أسود – منظومة البحار الخمس) استثمارا لموقع سوريا الجغرافي، ووضعها في مركز شبكة الطاقة والنقل الإقليمية.. مشروع يضم روسيا وايران وتركيا ومصر والسعودية والعراق وسوريا والجزائر واليمن تكاملا مع اوروبا المتوسطية .. أرادها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تعمل بالتفاوض لحل النزاعات وبالتعاون للتنمية والتقدم الاقتصادي ولضمان أمن الطاقة والملاحة .. مشروع يقوم على شراكة استراتيجية في الشرق الجديد!
 
نعم نردد معً “ديانا”: من نزار قباني الى فلاديمير بوتين وبالعكس —
الدهر يبدأ من دمشق وعندها .. وبأرضها تتشكل الأحقاب‏ ..
نعم كم كررت “ديانا” ان قواعد النظام العالمي الجديد تنبثق من سوريا بالتحديد .. سوريا / روسيا: تجمعهما الأبجدية العربية، ويلتقيان في الأمن الأستراتيجي!
ولكم استدعت بعضا من تصريحات القادة الروس في بدايات وإبّان الأزمة السورية ..
 
 فلاديمير بوتين: النظام الدولي الجديد يخرج من سوريا.
 لافروف: لا تفرشوا السجادة الحمراء أمام مولاكم الخليفة، فلن يكون في دمشق لا زهران علوش ولا أبو بكر البغدادي ولا أبو بكر الجولاني.
 بريماكوف: تفجير سوريا يستتبع تلقائيآ تفجير الشرق الأوسط.
 
تقرأ فيها رسائل لكلٍ من واشنطن وأنقرة، بأن النظام الحالي في دمشق هو الركن الأساسي للأمن الاستراتيجي وخارطة القوة في الشرق الأوسط رغم تقاطع المصالح، والرؤى، بين جون فوستر دالاس وعدنان مندريس .. فمنذ مؤتمر لوزان (1923) والعين العثمانية على سوريا. وهذا اردوغان – الرجل الذي يسكنه عمى الايديولوجيا، مثلما تسكنه اللوثة العثمانية حيناً واللوثة السلجوقية حيناً اخر – ليس بمقدوره تخيُّل حلب او الموصل خارج حدود السلطنة.
 
واليوم أيضاً لا بد ان نستعيد قولها انه كما على الأرض كذلك في السماء: سوريا تعيد كتابة التاريخ وتعيد توجيه البوصلة طبيعيا نحو فلسطين!
 
تحررت دمشق، ولم تسقط مجرد طائرات او صواريخ العدو في المحور “الصهيوامريكي”.. أسقطت سوريا ثقافة “النعجة” عربيا و ثقافة “الرامبو” اسرائيليا! سوريا: أنا أقاوم، اذن أنا هنا! إنها سوريا المقاومة .. سوريا العربية العلمانية الموحدة .. مثوى ألف نبي .. فكرة خمسة عشر الها خرافيا .. أم لستة من أباطرة روما .. لؤلؤة العرب و جوهرتهم .. “الله غناها فجن لها الورى” كما كتب ايليا أ بي ماضي!
 
سوريا .. صاحبة عبقرية الأزل محكومة بالمقاومة و الممانعة منذ الأزل .. قاومت الإغريق و الرومان و المماليك و العثمانيين و ما زالت تقاوم قوى الشر الصهيوأمريكية .. و لعل هذا ما يمثل جوهر وجودها التاريخي وعلة كونها الاستراتيجي! وبهذا يشهد احمد شوقي:
 
لولا دمشق لما كانت طليطلة .. ولا زهت ببني العباس بغدان ..
يا فتية الشام شكرا لا انقضاء له .. لو أن إحسانكم يجزيه شكران ..
 
سوريا هذه لم ولن تنحني للأشد كفرا ونفاقا .. وكان ديفيد شيلد – نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون – قد أحصى وجود أكثر من 1200 فصيل مسلح من مختلف الولاءات  والأهواء على الارض السورية!
 
فهل تطل شمس غرناطةَ علينا ..  بعد يأس وهل تزغرد ميسلون، كما بشّرنا نزار قباني مضيفاً:
 
نحنُ عكا ونحنُ كرمل حيفا ..  وجبال الجليل واللطرونُ
كل ليمونة ستنجب طفلاً ..  ومحالٌ أن ينتهي الليمونُ
 
فلا غرو اذن ان يكلم الله الشعب العربي في سوريا من على قمة قاسيون مبشرا بالنصر (جامعا البشارة والنصر): أنتم قلعة العرب، و انكم انتم الغالبون!
 
وبعد، هل جاءكم خبر: شتراوس يطلب اللجوء السياسي في سوريا .. و دمشق ترحب؟ وها هو اليوم يعكف على اعادة صياغة سمفونيته المعروفة “الدانوب الأزرق” لتصبح “بردى العائد” .. يصر شتراوس على المجيء الى دمشق ليرى “بردى” يصب في الجنة فيدعو آدم وحواء الى ليلة عرس على ضفاف النهر ليتطهرا من الخطيئة!

رُباعُ الخلدِ، يا شآمُ، أنتِ ..

 وَكُلُّ حَضارَةٍ في الأَرضِ طالَتْ .. لَها مِن سَرحِكِ العُلوِيِّ عِرقُ ..

سَماؤُكِ مِن حُلى الماضي كِتابٌ .. وَأَرضُكِ مِن حُلى التاريخِ رَقُّ ..

سمها ما شئت .. ظئرُ الاسلام، وَمُرضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقُّ .. انها سوريا العلمانية القومية الموحدة والجولان في وسطها – لا على حدودها – وحبل السرة يضمها جميعا بما في ذلك الرقة ودير الزور والحسكة والاسكندرون بعد عودته .. وها هي الشمس تشرق لتستمتع برؤية سوريا تحنو علی فلسطين محررة والهلال الخصيب موحدا!

 

سوريا هذه، كما علمتنا “ديانا”، تجسد قصة الحب الأزلي بين الله والانسان في كنيسة “حنانيا” وشقيقتها الكبرى “المريمية” .. كما في “المسجد الأموي” وماء “بردى” وضريح “محي الدين ابن عربي” في سفح قاسيون .. وكان “ابن عربي” قد أوصى بدفنه في دمشق حيث يستطيع أن يرى الله بالعين المجردة .. دمر هولاكو بغداد وأسلم في دمشق .. حرر صلاح الدين القدس وطاب موتا في دمشق .. قدم لها الحسين بن علي ويوحنا المعمدان وجعفر البرمكي رؤوسهم طلبا لرضاها .. وما بين قبر زينب و قبر يزيد خمس فراسخ .. انها دمشق، لا تعبأ بكارهيها .. وتتفرغ للغرباء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها ليستفيقوا عالقين تحت أظافرها!

 
الله لَا يخلع سوريا أبدآ، وقد أودعها الشمس والأبدية ..عاشر الله الشام وعرفها و خبرها، ولذا فالله لا يخلع الشام أبدآ!
 
فاخلع نعليك وكل لبوس القدم وانزع عقالك وكل غطاء الرأس – انها بلاد الشام! تحيا سوريا، لتحيا فلسطين والأمة .. سوريا اليوم أقوى، وفلسطين اليوم اقرب .. وها هي بضعة أيام فلسطينية تهز العالمين بسيف القدس!
  
اما انت يا “ديانا” فيتضاءل مجد الموت لدى عتبات عُلاكِ ..
وإنّي أُصغى لصدى خطواتِكِ فى أرض فلسطين واردد مٓعٓكِ:
 
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
 
الياس فاخوري – كاتب عربي اردني

قد يعجبك ايضا