مزحة “الحوار الاستراتيجي” بين بغداد وواشنطن / كاظم نوري

حوار بغداد واشنطن المرتقب.. نقاش إستراتيجي أم تكتيك لإعادة الهيمنة ...

كاظم نوري ( العراق ) – الثلاثاء 28/7/2020 م …




حين نستعرض سياسة الانظمة والحكومات في منطقتنا ونعني بذلك المحسوب منها على الامة العربية اذ استثنينا الحكومات والدول التي تتعرض للحروب والمؤامرات بسبب مواقفها الوطنية  نجدها اما راكعة عند اقدام  الادارة الامريكية  او بقية الحكومات الاستعمارية التي لها تاريخ مليئ بالجرائم واما عميلة بمفهوم العمالة المعروف واما تقدم الخدمات لاسيادها بذلة  بعد ان  افتقد حكامها كل مفاهيم الرجولة  واما تمالئ المستعمرين من خلال تنفيذ ما يطلب منها  لانها  انظمة فاسدة لها تاريخ عريق بالخيانة وتتقدم تلك الانظمة ” السعودية” وتلتحق بها بقية انظمة الخليج التي وزعت ولاءاتها هنا  وهناك وان تلك الولاءات والخدمات تصب هي الاخرى في خانة خدمة الاجنبي.

 والعراق منذ  الغزو والاحتلال   وحتى الان   لا تخرج  سلطته  التي تحكم منذ عام 2003 عن مسيرة تلك الانظمة بصرف النظر عن المناكفات والمواقف والتصريحات التي نراها او نسمع بها خاصة تلك التي تدعي التصدي للوجود الامريكي في العراق وتدعوا الى طرد هذه القوات  واية قوات اجنبية اخرى من ارض العراق  بعد عودة تلك القوات عام 2014 بحجة التصدي للارهاب ” داعش” تحديدا  لكن مانراه على ارض الواقع هو ان الولايات  المتحدة  تتصرف وفق ما تريد تنفيذه بصرف النظر عن ما يشاع  من حوار بين بغداد وواشنطن حول الوجود الامريكي العسكري بالعراق ؟؟.

 رغم كل ذلك  يحلوا للبعض في السلطة الحاكمة بالعراق التي يطلقون عليها ” الرئاسات الثلاث” ان يتحدث عن ” ما يسمونها  المرحلة الثانية  للحوار  الستراتيجي  ” لاخراج القوات الاجنبية من العراق وفي المقدمة الامريكية  هذا المسمى ” الحوار الاستراتجي” يذكرنا بمصطلح قديم تردد في الستينات هو ” كل  شيئ من اجل  المعركة ” اي تسخير  كل شيئ من اجل المعركة ضد اسرائيل” وفي خضم التراخي والهزال والخدر والتواطؤ مع المعتدي  وعدم تحقيق شيئ يذكر سخر الكثيرون من هذا الشعار وتحول الى شعار ” كل شيئا وليس كل شيئ” من اجل المعركة اي تناول شيئا كطعام ” من اجل المعركة.

هناك كما يبدوا وفق مسؤولين في السلطة ” مراحل” للحوار  وان المرحلة الاولى انتهت في لقاء ببغداد دون ان نسمع شيئا  سوى تاجيلها  الى اشهر قادمة وربما حتى التسريبات  كانت ممنوعة على الجانب العراقي المفاوض مثلما  نرى الان  ان هناك حظرا على ايراد اية معلومة عن ” الاعتداءات الامريكية على معسكرات تابعة للحشد الشعبي  او القوات المسلحة العراقية والتي كان اخرها ولن يكون الاخير ” قصف معسكر صقر” في بغداد  .

وكان اعلام السلطة قد فسر الانفجارات التي هزت المنطقة  واندلاع النيران  في مخازن الذخيرة والعتاد على انها ناجمة عن خطا في  تخزين للذخائر والاعتدة  بالرغم من وجود شواهد على ظهور طيران مروحي ومسير مجهول في اجواء المنطقة سبق الانفجار .

كم كنا نتمنى  لو صمت هذا الاعلام البائس عديم المصداقية  واكرمنا  بسكوته وصمته   وعساه ان يصمت الى الابد على هذا الحادث الاجرامي  لكان افضل مثلما اختزل خطف “الجاسوسة الالمانية” في شارع ابو نؤاس ب”خطف وافراج” اما التفاصيل فكانت غائبة   لاندري ربما  لم يسمح بها الجانب الاخر الذي يتحاور معه  ” حوارا ستراتيجا” وعلى مراحل  حقا نشعر بالخجل والحزن ان نرى الامور في العراق تتردى وتتدحرج  الى هذا المستوى المعيب.

عن اي حوار غير متكافئ يجري الحديث لاندري لاسيما وان الجانب الامريكي حسم الامر بعدان اخلى بعض المعسكرات والقواعد  غير المهمة وسلمها للسلطة  وابقى على القواعد العسكرية ” الستراتيجية” في شمال وغرب العراق  التي تخدم مخططاته  ليس في العراق فحسب بل في المنطقة  لاسيما قاعدتي ” عين  الاسد او “عين  الحمار” وهو اسم يليق  بمن يستخدمها  ” والتي اتخذتها واشنطن ركيزة لها للعدوان على سورية  وحتى العراق ومنها تنطلق الطائرات المسيرة وغير المسيرة  لقصف مقار الحشد  الشعبي والقوات العراقية الاخرى واي  مكان او شخصية سياسية او دينية  او حتى ” مرقد ديني ” تستهدفه مستقبلا  لاشعال فتيل  حرب داخلية .

   ومن نفس القاعدة  كما هو معروف انطلقت طائرات العدوان الامريكي   لتغتال المهندس وسليماني في بغداد  وسط صمت السلطة الحاكمة التي يحلوا لبعض المسؤولين فيها   ان يتحدث عن حوار ستراتيجي وعلى مراحل  مع دولة مجرمة قاتلة تنتهك السيادة العراقية يوميا دون ان يطالبوها  حتى بدماء العراقيين الذين راحوا ضحية اعتداءاتها بينما ردت ايران على  مقتل مواطنها .

صمت معيب يلف المشهد الماساوي المتمثل باستشهاد عراقيين وضيوفهم على ارض العراق والقاتل يفتخر علنا بفعلته الدنيئة وهو موجود في العراق  دون ان يلتفت احد لذلك مثلما لم يلتفتوا الى الاستخفاف الامريكي بقرار اتخذه ” البرلمان” باخراج القوات الامريكية  وباتوا يتحدثون عن ” مراحل حوار” استراتيجي”  ما هو الا مضيعة للوقت    لان  الوفد العراقي المشارك فيه  سوف يكون كالعادة  مثل ” الاطرش بالزفة”؟؟ .

قد يعجبك ايضا