ضعف المقاومة أغرى الصهاينة بالتطاول على مقدساتنا / علي فريحات

 

علي فريحات ( الأربعاء ) 28/10/2015 م …

سجَّل التاريخ، في عصور مختلفة، ثوراتٍ قامت للمحافظة على القانون بمعناه الصحيح، وذلك لعجز الوسائل المقرَّرة لحمايته. وقد كان لثورات الشعوب (أو بعضها) على حكومات الظلم والعدوان مبررُّها الأدبي؛ فلا يلام الثائرون، بل يتجه إليهم عطفُ محبي العدالة والحرية وتقديرهم. وهم، إذا فازوا ببغيتهم وأسقطوا حكومة الطغيان، لا يجدون من يناقشهم الحساب، بل قد يعتبرهم الشعب أبطالاً وطنيين. ولكنهم، إذا فشلوا في محاولتهم، فلن يمكن لهم الاحتماء دفاعًا عن أنفسهم وراء الحقِّ المقرَّر، فكريًّا أو دستوريًّا، بحقِّ الشعب في مقاومة الطغيان؛ إذ لا شكَّ في أن محاكم السلطة التي تغلَّبتْ وأخمدتْ ثورتهم، ستقضي عليهم بالحكم؛ وأحكامها، بموجب ظاهر القانون الوضعي، تُعتبَر صحيحة، وذلك لأنه ما من سلطة تعتبر نفسها “طاغية”، ولأنه لا يُنتظَر من المحاكم عادة أن تقضي بمشروعية الثورة بعد إخمادها، وأمامها نصوص وضعية تقول بمجازاة مَن تسوِّل له نفسُه شقَّ عصا الطاعة على السلطة، مهما عمَّر فسادُها وطغيانها.

لنتحدَّث بصراحة وواقعيَّة، فحينما كانت الانتفاضة الفلسطينية في أوج قوَّتها لم يكن هنالك استهداف من قطعان المغتصبين لمساجدنا، بل لم يجرؤ أن يخرج أحد من الصهاينة من قعر بيته إلى دور السينما وأماكن الكازينو ودور القمار والدعارة ليمارس نشاطه القذر، فما بالك بأن يخرج خارج دائرة المستوطنة التي يعيش فيها جباناً، فضلاً عن هجرة كثير منهم لأماكن ميلادهم في روسيا وبولندا وأمريكا وغيرها خوفاً من قوَّة الانتفاضة في تلك الأيام، فما كانوا يجرؤون أن يفعلوا ذلك في مساجدنا وقرانا في تلك الحقبة الزمنيَّة. فما الذي يجعلهم يتمردون ويتنمَّرون على مساجدنا ومقدساتنا إلاَّ حينما شعروا بضعف قوى المقاومة، وضعف تحركات المسؤولين في الدفاع عن مقدساتنا ومساجدنا. لئن كان الشعب الفلسطيني يصبر على مقتل أخيه وابنه، وعلى قلع شجره وهدم بيته، وعلى اغتصاب أراضيه وسرقة مياهه، فإنَّه لن يصبر أكثر من ذلك على ما يجري ضد مقدساته التي لا تفرق كذلك بين مسجد وكنيسة ومقبرة، وكأنَّ اليهود بذلك يستهدفون الفلسطينيين أحياء وأمواتاً، مسلمهم ونصرانيهم، قائلين لهم: ليس لكم كرامة وأنتم أحياء ولا احترام لكم وأنتم أموات!! ولنفترض أنَّ وضعنا في فلسطين يحتاج لتهدئة وهدوء واستراحة محارب، بسبب بعض الظروف المحيطة بشعبنا ومجتمعنا، وضعف المقاومة، أو قناعة كثير من قوى المقاومة أنَّ هذا الوقت يحتاج لتهدئة وهدنة، فإنَّه على أقل تقدير تكوين قوى فلسطينية لحماية هذه المقدسات، والدفاع عنها وتشكيل جبهة لمقاومة هذه الاعتداءات العنصريَّة المغرضة البغيضة، لأننا اكتشفنا أنَّه بعد محضر التسجيل لحوادث الإجرام ضد هذه المساجد لا يُكشف عن الفاعل، فخبراء الشرطة الصهاينة يأتون هم والمباحث وخبراء البصمات المسجد للبدء بالتحقيق والبحث عن الجناة حسب زعمهم، ولكنَّهم لا يتخذون أي إجراءات جدية رادعة ضدَّ الجناة، والسبب معروف وذلك بسبب النفوذ القوي للمستوطنين في الأجهزة الإسرائيلية، خصوصاً الأجهزة الأمنية والسياسية، وحينها لا نعرف من هو المجرم والجاني، وتضيع القضيَّة ولا نستذكرها إلا بعد صباح يوم جديد حينما يقوم أولئك القطعان بعد أسبوع أو شهر أو أقل بالاعتداء على مسجد قريب وترجع شعارات الشجب والردح والاستنكار والإدانة الشديدة – لاحظ كلمة الشديدة – لما يجري ضد بيوت الله ومساجدنا!

 

 

قد يعجبك ايضا