المحامي عبد الكريم زيد الكيلاني يكتب : شيلوك !!
المحامي عبد الكريم زيد الكيلاني ( الأردن ) – السبت 30 / أيار ( مايو ) / 2020 م …
علاقة المقرضين مع المقترضين ستسفر قريبا عن اروع الأمثلة او أسوإها.
لذلك عمدت الى اصطحاب شايلوك ( شخصية رئيسة ) في رواية تاجر البندقية ،شيلوك هو التاجر المرابي الجشع كما تعرضه الرواية يقابله تاجر آخر نبيل ، ابن بلد ، يقرض بلا ربا ، و يحظى باحترام الناس ، ولا يغريه الربح اذا ما تعارض مع أخلاقيات التاجر .
ولكن سوء الأقدار أوقع تاجر البندقية تحت أضراس شيلوك ، ليقترض وفق شروط قاسية ، و كما هي عادة المرابين في فرض شروطهم التي تضمن الكسب في جميع الظروف ومهما كانت الأحوال ،
فإما سداد القرض في الموعد ، واما ثلاثة أرطال يقتطعها شيلوك من لحم التاجر.
و حصل ما لم يكن بالحسبان ، فوقعت كارثة أغرقت سفن تاجر البندقية ودارت عليه الدوائر ،،،
المهم …..
ان وليم شكسبير ابدع في عرض شخصية شيلوك التاجر المرابي و استطاع ان يخلق عبر الخيال الروائي نموذجا قابلا للتواجد في كل الكوارث ، والأزمات .
لقد عمدت الى اصطحاب هذا المثال ليس لان شايلوك بيننا ، بل لانه لا ينبغي ان يكون .
وذلك لا يعتمد في المقام الاول ، على القوانين والعقود ، بقدرالقواعد الاخلاقية الحاكمة للعلاقات المالية ، التي يجب ان تسود وتطفيء نيران اي خلاف محتمل .
( أخلاق التاجر اليوم -دائنًا او مدينًا ، بنكا او عميلا ، مؤسسة اقراض او مقترضا ) هي الحاكمة ، ستسفر عن الوجه الحقيقي للتعامل .
المخاوف عند التاجر لها مبرراتها ، منها مثلا ، حالة عدم الترحاب لدى القطاع المصرفي بحكم قضائي صدر مؤخرا ، و حظر على البنوك زيادة الفائدة على المقترضين عن الحد الأصلي ، واعتبر الحكم القضائي ان الزيادة على الفوائد غير محقة ولو كانت تستند الى تعليمات البنك المركزي .
و مبعث المخاوف موقف الجهات المقرضة من قرار قضائي ، بما يدل على ان رأس المال لايزال غير متقبّل (لاوسط الحلول) او اعادة التوازن للعلاقة حتى ولو جاء عن طريق القضاء الذي لا يحابي اي طرف .
ماذا ننتظر في المرحلة القادمة ؟؟
هل يمكن تسوية النزاعات عبر تفاهمات على قاعدة لاضرر و لا ضرار ومن خلال حلول ( قانونية مبتكرة ) تتطلب من الطرفين الدائن و المدين ايضا بذل أقصى الوسع للعبور .
فإذا لم يكن التوصل الى التفاهمات العادلة ممكنا ، فهل يمكن تقطيع لحم التاجر على طريقة شيلوك المرابي ؟؟؟
،،، ان الرمزية المستوحاة من رائعة شكسبير ، تعبر عن طمع شيلوك الذي اصطدام بحكم القاضي الذي قضى على شيلوك نفسه في النهاية حسب الرواية :
اذا كنت تريد الجزاء المنصوص عليه بالعقد فافعل , دون ان تسيل قطرة دم من التاجر ،فندم شيلوك اشد الندم على فرصة ضيعها في التفاهم مع التاجر النبيل .
مرة اخرى ،،،
اذا ذهب الجشع بالبعض ( دائنا ام مدينا ) لتحقيق الربح أضعافا ، فالقضاء له مبادؤه ، والقانون ينص على الاحكام التي تعيد الامور الى نصابها من الاعتدال والموازنة وستكون قواعد العدالة حاضرة في اي نزاع .
ولا ابلغ – في هذا المقال -من قوله عليه الصلاة و السلام :
” لو باع احدكم من أخيه ثمرًا فاصابته جائحة فلا يأخذ من ثمنها شيئا …بم يأخذ مال أخيه بغير حق ؟! “
حديث صحيح في باب -وضع الجوائح