تل أبيب تنشر صورةً تجمع شارون والمقبور جعفر النميري بكينيا عام 1982 م

الردن العربي – الخميس 6/2/2020 م …

كتب زهير أندراوس:




* دول الخليج فشِلت بإقناع واشنطن بـ”العفو” عن الخرطوم فنفذّت إسرائيل المُهّمة

* البرهان قد يلقى مصير السادات

ممّا لا شكّ، فيه كما يقول المُحلِّل والكاتب الفلسطينيّ، د. عادل سمارة، إنّ كيان الاحتلال الإسرائيليّ يكشف التلطي من الصفقة، أيْ “صفقة القرن”، بكشف استمرار التطبيع هنا وتوسيعه عربيًا، وهذا ما جرى في اليومين الأخيرين مع الكشف عن العلاقات بين تل أبيب والخرطوم، وعن اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، مع رئيس مجلس السيادة السودانيّ عبد الفتاح البرهان في أوغندا، أمس الأوّل الأحد.

على صلةٍ بما سلف، كشف الصحافيّ الإسرائيليّ روعي كييس المُختَّص في الشؤون العربيّة في قناة “كان الإخباريّة” العبريّة، وهي شبه رسميّةٍ، كشف النقاب في تغريدةٍ نشرها على (تويتر)، مع الصورة المرفقة: “أرسل إليّ الصحافيّ السودانيّ من الخرطوم، صورةً تجمع وزير الأمن الإسرائيليّ، إريك شارون، والرئيس السودانيّ السابق جعفر النميري في لقاء جمعهما في كينيا في الـ13 من شهر أيّار (مايو) من العام 1982″، على حدّ تعبيره، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ الكيان يخشى أنْ يكون مصير البرهان مثل مصير الرئيس المصريّ الراحِل، أنور السادات، الذي قُتِل رميًا بالرصاص من قبل جنديٍّ مصريٍّ “مُتطرّفٍ”.

وقال في تحليلٍ نشره على موقع هيئة البثّ الإسرائيليّة (كان)، قال إنّ السودان كانت مُصنفةً إسرائيليًا وأمريكيًا كدولةٍ داعمةٍ للإرهاب، وبناءً على ذلك تمّ فرض العقوبات السياسيّة والاقتصاديّة عليها، ومن أجل إنقاذ الرئيس السودانيّ السابق، عمر البشير، أضاف المُستشرِق الإسرائيليّ، من المحاكمة الدوليّة بتهم ارتكاب جرائم حرب، قرّرّت ترك التحالف مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وحاولت التقرّب من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وبذلك تحولّت إسرائيل إلى أداة مُهّمةٍ في طريق السودان إلى قلب الإدارة الأمريكيّة في واشنطن، كما أكّد كييس، الذي اعتمد على مصادر رفيعةٍ في كيان الاحتلال.

وتابعت المصادر عينها قائلةً، كما أفاد المُستشرِق الإسرائيليّ، إنّ قصة السودان، أوْ بالأحرى شمال السودان، في السنوات الأخيرة هو الأنموذج الصارِخ والحقيقيّ الذي ميّز في الأعوام السابقة الانقلاب الذي وقع في الأبراج العاجيّة العربيّة، ولاسيما بشكلٍ سريٍّ مع الدولة العبريّة، مُضيفًا في الوقت عينه أنّه حتى قبل أقّل من عقدٍ من الزمن، فإنّ إسرائيل، وفق المصادر الأجنبيّة، قامت بمُهاجمة مخازن أسلحة وقوافل نقل أسلحة وعتاد في هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، والتي يُعتبر موقعها الجغرافيّ، بحسب المصادر الأمنيّة في تل أبيب، موقعًا إستراتيجيًا فريدًا من نوعه، لأنّها تقع على شواطئ البحر الأحمر، على حدّ قول المُستشرِق الإسرائيليّ.

وشدّدّ المُحلِّل الإسرائيليّ على أنّ التحوّل في السياسة السودانيّة وقع في العام 2014 عندما طرد الرئيس البشير المُلحق الإيرانيّ من الخرطوم زاعمًا أنّه يعمل على نشر الشيعة في السودان، وهي الدولة التي أكثريتها الساحقة هي من المُسلمين السُنّة، وبناءً على ذلك، قرّرّ الرئيس السوداني السابِق الانتقال إلى مُعسكر الدول الخليجيّة السُنيّة، وفي مُقدّمتها المملكة العربيّة السعوديّة، وهذه الدول التي انتهجت سياسةً عدائيّةً جدًا ضدّ إيران، وشدّدّ المُستشرِق كييس على أنّ السببين اللذين دفعا السودان إلى الانتقال من معسكرٍ إلى المعسكر المُعادي: الأوّل، طمعًا في الحصول على الدعم الماديّ الحيويّ والفوريّ من الدول الخليجيّة، والثاني، إيمانًا من صُنّاع القرار في الخرطوم بأنّ هذا الانتقال إلى أحضان دول الخليج يفتح الباب على مصراعيه أمام السودان للاقتراب أكثر فأكثر من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، كما قالت المصادر السياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب.

وأوضحت المصادر عينها أنّ السودان حتى في عهد البشير تمكّنت من التملّص من عددٍ من العقوبات المفروضة عليها، إلّا أنّ مساعيها ومساعي الدول الخليجيّة الصديقة لفتح الأبواب أمامها إلى قلب الإدارة في واشنطن باءت بالفشل، وبالتالي، شدّدّت المصادر في تل أبيب، فإنّ الملاذ الأخير كانت إسرائيل، التي تُعتبر بنظر العرب، وبشكلٍ خاصٍّ، السودانيين، مؤثرةً جدًا على اتخاذ القرارات في واشنطن، ومن هنا باتت الطريق مُعبّدةً للقاء بين نتنياهو والبرهان، ومن بعد ذلك توجيه وزير الخارجيّة الأمريكيّة، مايك بومبيو، دعوةً للبرهان لزيارة واشنطن، على حدّ قول المُستشرِق كييس.

في سياقٍ مُتصّلٍ، قال المحامي يوناتان يعقوفوفيتش، وهو مدير مركز سياسات الهجرة لإسرائيل، في مقال نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم)، قال إنّ عدد السودانيين الذين يمكثون في إسرائيل بصورةٍ غيرُ شرعيّةٍ يصل إلى سبعة آلاف، لافِتًا إلى أنّه على إسرائيل تطبيق القانون، القاضي بطردهم عودةً إلى بلادهم، ولافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ نتنياهو تمكّن من تحقيق إنجازٍ دبلوماسيٍّ كبيرٍ، والآن عليه أنْ يقوم بالأعمال، وليس بالأقوال، على حدّ تعبيره.

قد يعجبك ايضا