هل يستقيل الرئيس الفرنسي أمام الاحتجاجات العنيفة؟ / فوزي بن يونس بن حديد

نتيجة بحث الصور عن مظاهرات ضد ماكرون

فوزي بن يونس بن حديد ( الثلاثاء ) 11/12/2018 م …




صورة ذات صلة فوزي بن يونس بن حديد

ما يحدث في فرنسا اليوم شابه حدوثه في تونس قبل ثماني سنوات مع الفارق طبعا، حيث هناك كان البوعزيزي فجّر الاحتجاجات في تونس من أجل لقمة العيش ومن أجل البحث عن وظيفة توفر له قوت يومه، وأمام قسوة الإجراءات وتعنّت السلطات أقدم على حرق نفسه، ومنها كانت الشرارة التي يعرفها الجميع، وتوالت الأحداث واتسعت لتشمل كل المناطق التونسية إلى أن وصلت العاصمة وأمام وزارة الداخلية صدحت الحناجر برحيل بن علي فكانت الصيحة المدوّية التي أسقطته من علٍ، وعندما لم يسمع الرئيس ما قاله الشعب، لم يرضخ الشعب لما قاله الرئيس بل ظل متحديا كل الإجراءات التي اتخذت في حقه، من اعتقالات تعسّفية إلى ضرب بقنابل مسيلة للدموع وخراطيم المياه، إلى ضرب بالرصاص وتعمد للدهس في بعض المناطق، كل ذلك لم يثن الشعب التونسي عن الصمود وترديد مقولة أبي القاسم الشابي، إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

تلك هي الملحمة الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الشعب الذي ذاق الويلات في عهده 23 سنة متتالية، هي نفسها الملحمة الشعبية التي شهدتها فرنسا طوال 3 أسابيع من الاحتجاجات المتواصلة التي تقودها السترات الصفراء ويمكن أن تجبر الرئيس الفرنسي على الاستقالة، هي حركة اجتماعية لا علاقة لها بالأحزاب، لكن يمكن أن تستغلها الأحزاب اليوم بعد أن ثبتت قدرتها على مواصلة التحرك وتجييش الشعب الفرنسي، هذه السترات كانت تطالب بتحسين ظروف المعيشة من خلال إلغاء الضرائب لكنها لم تجد ردا، بل وجدت تجاهلا ولا مبالاة من الرئاسة الفرنسية، ربما لأنها ظنت أن هذه الحركة لا تقودها شخصية بارزة ومن ثم ستموت في مهدها، غير أن الذي حصل خلاف ذلك بيّنت أنها صارت تحبو وهي الآن تمشي وتتحرك وربما تهرول ذات يوم، فاجأت الجميع في الداخل والخارج بأنها حركة ذات قوة وعزيمة وإصرار.

وبعد أن نجحت اليوم في إثارة الشعب الفرنسي خرج الآلاف ينددون بسياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بل يطالبون باستقالته، وإن لم يستقيل سيطالبونه بالرحيل وإن لم يرحل فسيجبرونه على ذلك، وهم يرددون “ماكرون ارحل” هذه النغمة التي من خلالها يريدون أن يقولوا “الشعب يريد إسقاط الرئيس” تتمدد يوما بعد يوم، وتتمطط يوما بعد يوم، إنه يوم عسير على الرئيس الفرنسي، بل نهاية سنة كبيسة وبداية سنة عسيرة خاصة إذا علمنا أن الاقتصاد الفرنسي تأثر كثيرا بهذه المظاهرات التي عمّت شوارع باريس ومرسيليا وبوردو وغيرها من المدن الفرنسية وربما ينهار إذا استمرت هذه الاحتجاجات ولم تسارع الحكومة إلى القيام بإجراءات سريعة وجريئة، فهل سيقدم إدوارد فيليب رئيس الوزراء والرئيس الفرنسي على تقديم استقالتهما أم أنهما سيبحثان عن طرق الخلاص مع الاتحاد الأوروبي ومع الأحزاب اليمينية المتطرفة وغيرها؟

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو  هل تنتقل عدوى الربيع الأوروبي إلى دول أخرى في أوروبا كبلجيكا وألمانيا والبرتغال واسبانيا والسويد وإيطاليا، وهل تنفجر أوروبا بالاحتجاجات كالتي حدثت بالضبط في دول عربية، وهل سنشهد قيام دولة متطرفة في قلب أوروبا، تحكم بالحديد والنار سواء كانت يمينية متطرفة أو مسيحية تتبع النهج الذي حدث في القرون الوسطى، نحن أمام مسرح من التكهنات بعد الذي حدث وما يمكن أن يحدث ولا شيء مستحيل أن يحدث، بعد أن أظهرت السترات الصفراء عزيمة وإصرارا وتحديا كبيرا وليس هناك ما يوقف هذا الزحف نحو أوروبا جميعها، في وقت كانت أوروبا تدين ما يحدث في بلدان عربية عدة عندما قامت بها ثورات تنادي بإسقاط النظام، فما الذي حدث؟ وأين هي الديمقراطية الأوروبية وهل يمكن أن تستمر الاحتجاجات حتى إسقاط النظام في فرنسا وبالتالي تكون أول احتجاجات في تاريخ فرنسا تسقط الرئيس.

هل يفعلها كما حسني مبارك ذات يوم؟ عندما أعلن استقالته أمام الشعب بكل جرأة؟ أم سيتعنت ويبقى كما فعل ذلك القذافي وصالح؟ أم سيهرب كما فعل بن علي؟ أم لا تعجبه السيناريوهات العربية ويبتغي سيناريو دول البلقان التي شهدت ثورات شعبية غيرت وجهها وأطاحت برؤسائها.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا