لن نساوم، لن نوقع، لن نصالح .. والى اخر نبض في عروقكم، يميناً، سنقاوم! / ديانا فاخوري

ديانا فاخوري ( الأردن ) الإثنين 10/10/2018 م …




وبالإذن من المعري، “غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي” نواحكم وبكاؤكم .. ترويعكم وتهويلكم .. ولا ترنمكم بالتطبيع او شدوكم بصفقة القرن!

نادوا بالويل والثُّبور .. هدّدوا بالشرِّ والهلاك .. بالمصائب الشَّديدة والنَّوائب الكبيرة ..  أنذروا بعظائم الأمور!

استمروا بخدعة منطق “ما بعد الأيديولوجيا – زمن العلم والإنسانية” .. استمروا بالمنطق الميكانيكي الليبرالي الذي يركز على الأفراد بوصفهم “أقل او اكثر شرا” وكأن المشكلة تكمن في قادة “أخيار او أشرار” .. انه ذات المنطق الرومانسي الداعي الی المحبة والتسامح والزهد والتفاهم والسلام بين بني البشر (الفلسطينيين و الصهاينة مثلا) بمجرد توسل الحوار والانفتاح علی الاخر وتغيير العقلية .. انه يلاقي المنطق القبائلي العشائري العائلي الأبوي ذاته – المنطق الذي يكرس ويعمق النزعة الفردية والنفعية بتلقين ثقافي مبرمج يربط الهوية الوطنية والانتماء السياسي بالشخص لا بالوطن، بالحاكم لا بالدستور او المؤسسة!

ليس منا من يغتر بهذا المنطق، و”اللبيب اللبيب” – بالاذن من المعري مرة اخرى – يدرك ان الامر “للدولة العميقة” او “الدولة الخفية” بمجمع مؤسساتها داخل الأجهزة الادارية والعسكرية والأمنية واﻻعلامية شاء من شاء، وأبى من ابى .. ونشر من نشر، وخنق من خنق، وأذاب من أذاب سواء بني الفعل للمجهول او للمعلوم! كما يدرك “اللبيب اللبيب” ان التبعيّة ليست قدرًا، وإنّ الثورةَ ضرورةٌ وحتميّة – ربما برايات صفراء لا مجرد سترات صفر او زرق او اي من ألوان قوس القزح – رغم جدران الفصل ومسرحيات الانفاق والنفاق ودروع الشمال وتهريج أدرعي والقواعد والقاعدة وداعش والنصرة وأخواتهم والمشتقات والملاحق الأخرى!

وهكذا سقطت كل محاولات الترغيب، ولن تجدي محاولات الإذلال والترويع والترهيب والتضليل والتهويل والقهر والتجويع فلا فلسطين, ولا الأردن، ولا سوريا, ولا العراق قابلة للقسمة او الذوبان .. والاسكندرون عائد!

اما اليمن، فكم قلنا و أعدنا القول: انها اليمن ان صلحت صلح العالم , وان اضطربت اضطرب العالم .. اقرأوا التاريخ وامعنوا النظر في خريطة البحار ومضائقها خاصة عند نقطة التقاء أمواج الحرب والسلام .. هي اليمن خاسر كل من يطأ ارضها, وخاسر أيضآ كل من يعصف سماءها! فانزلوا _ يا هداكم الله _ عن الأشجار ولا تقطعوا الغصن الذي تجلسون عليه او ذاك الذي قد يظللكم .. لا تسمحوا بتنفيذ مخطط “برنارد لويس” لتفكيك السعودية وتشظيتها وتفتيتها .. نعم لا نمل من تكرار هذه الدعوة لمغادرة الجانب المظلم من التاريخ .. تعالوا ليوم مرحمة ولكلمة سواء ولا تغرقوا في العدم!

اما سوريا، فسمها ما شئت: “سوريا المفيدة” او “سوريا الفيديرالية” .. انها سوريا العلمانية القومية الموحدة والجولان في وسطها – لا على حدودها – وحبل السرة يضمها جميعا بما في ذلك الرقة ودير الزور والحسكة والاسكندرون بعد عودته .. وها هي الشمس تشرق لتستمتع برؤية سوريا تحنو علی فلسطين محررة والهلال الخصيب موحدا!

سيروا ما اسطعتم “إختيالا على رفات العباد”، فلن تقنعونا ان “تعب كلها الحياة” .. بل كلنا “راغب في ازدياد” .. وسنبني جنة العلم و العمل على ارضنا خاصة وان البوصلة ثابتة باتجاه فلسطين .. فلسطين هي المسألة وهي القضية! فإلى فلسطين، خذوني معكم .. الی فلسطين، محررة من البحر الی النهر و من الناقورة الی ام الرشراش، خذوني معكم يارفاق الله في الميدان .. فلسطين هي جرح الالهة .. الا تراهم وتسمعهم كيف يقتلون الفلسطيني حتی اذا حمل وردة لوالدته في عيد الام او الی حبيبته في عيد العشاق؟! ..الی فلسطين، كل فلسطين محررة، خذوني لاخبركم عن يافا .. وايام الصيد بيافا .. في النبض فلسطين، في القلب فلسطين، في العقل فلسطين، وفي التين والزيتون!

و”اللبيب اللبيب” يدرك أن اسرائيل لم تقم بفعل جدلية التاريخ او التقاطع الجيوبولتيكي، بل بفعل صدفة النفط .. ليس باسم الله، بل باسم النفط، وربما الغاز، حطت اسرائيل سفاحا، كيانا مسخا .. لم يكن باسم الله انتزاع فلسطين من الخارطة العربية قربانآ ليهوة، وليس باسم الله يتوالى تقديم القرابين الى يهوة وآخرها – على سبيل المثال – مشروع ترامب المزمع اسناد او إنقاذ اسرائيل بسبعة آلاف دولار في الدقيقة الواحدة!

وهنا لا يفوتنا التذكير ان “اللبيب اللبيب” يرفض تحويل “مملكة العرب” (الحلم – حلم الشريف حسين ونخبة من القوميين العرب ضمن مسار ازالة الاحتلال العثماني في مطلع القرن الماضي) الي “محمية عائلية” تدفع “الجزية (للطرنيب) عن يد وهم صاغرون” .. الا  تذكرون قيام ايفانكا وابيها وزوجها بحج غير مبرور وسعي غير مشكور يوم انقلبت الأدوار وتبرع شهريار برواية الحكاية لشهرزاد .. من حكايات هز الفناجين الی مسرحيات هز الرؤوس، والأكتاف، والأرداف، والبطون الی ملحمة، بل مذبحة هز الجيوب لتجبير الجيوبوليتيك الأمريكي المحطم و المعطوب!؟ .. وكنت أشرت يومها الي بوليصة تأمين قابلة للتجديد بقسط أولي (أكرر أولي) مدفوع سلفا بقيمة نصف تريليون من دولارات العرب .. أما الأقساط الأخری فتشمل بعض دماء العرب وكل فلسطين (اعطاء كل فلسطين لهؤلاء اليهود المساكين – ولكن بخط جيد وطباعة انيقة هذه المرة)! .. وختم شهريار متوجها الى ايفانكا/ شهرزاد: “لك الثُلثآن من قلبي، وثُلثَآ ثُلثه البآقي، وثُلثآ ثُلثُ مآ تبقى، وبآقي الثُلث والبآقي”!

افلا يستدعي هذا ما كتبه الزعيم انطون سعادة في جريدة “النهضة” في 15 تشرين الأول عام 1937: “لقد وجدت النهضة في العصبية الدينية الوهابية المنتشرة في الجزيرة العربية عداء للسنة والشيعة وللتمدّن المسيحي والاسلامي العام وخطر يرمي الى فتح جديد للبلدان المجاورة للسعودية وخصوصاً للأمة السورية، هذا الفتح إنما يقوم على عصبية خطرة يتولى ابن سعود العمل على تحقيقها عبر حرب مداهمة بواسطة عملاء له في سورية ولبنان وفلسطين يتلقون المال مقابل الدعاية الدينية والسياسية والإعلامية التي يروّجونها لمصلحة الوهابية وأهدافها”؟!

 

 

كما لم يكن باسم الله تنازل فرنسا (من لا يملك) لتركيا (من لا يستحق) عن كيليكيا وسهول حلب والجزيرة عام 1921 وعن لواء الاسكندرون عام 1937!

لم يكن باسم الله تأسيس القاعدة وداعش والنصرة وأخواتهم والمشتقات والملاحق الأخرى لنصرة الرأسمالية وأنظمتها وأحلافها!

ليس باسم الله يحاولون تجزئة وتقسيم وشرذمة وتشظية وتفكيك وتفتيت منطقتنا التي بعث الله اليها بكل انبيائه دون استثناء!

ليس باسم الله تتم عمليات تفريغ المنطقة من آثارها .. ومن “الآخر”!

ليس باسم الله يتم تفريغ المنطقة من مسيحييها وبالتالي من عروبتها تبريرآ ليهودية الدولة!

أما باسم الله فوجهوا كل البنادق الى تل ابيب .. وباسم الله اقرأوا: “فتح من الله, ونصر قريب”!

فيا قوم اعقلوا وادفعوا بمحور الأرض فيميل بكليته نحو فلسطين بكليتها .. يا قوم اعقلوا: باطل جهادكم وملغى كأنه لم يكن اذا انحرف عن بيت المقدس وفلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش .. فوجود اسرائيل يعني ديمومة النكبة .. وازالة النكبة تعني ازالة اسرائيل! نعم، أكرر، يرتكز وجود اسرائيل الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة فلم تكن فلسطين يوما أرضا بلا شعب لتوهب لشتات بلا أرض – ممن لا يملك لمن لا يستحق!.. إذن وجود اسرائيل هوالمرادف الطبيعي للنكبة الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحو اثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش .. ولن تفلح محاولات المحور “الصهيواعروبيكي” اليائسة البائسة كما ينفذها وكلاء الداخل – بدفع الأردنيين لتلقي “صفعة القرن” صاغرين .. فكما على ثرى الأردن كذلك في السماء، و لن تحتمل السماء “صفقة القرن” التي يصفعها الأردنيون لينال الفلسطينيون، كل الفلسطينيين، حقهم بالعودة وإزالة النكبة بإزالة أسبابها وآثارها – ازالة اسرائيل، نقطة على السطر. وها هم لاجئو ونازحو الأردن ولبنان والدول العربية يتأهبون للعودة الى الجمهورية العربية الفلسطينية، وعاصمتها القدس!

اما الأردن فسيبقى وقف الله، أرض العزم .. وطنا بهيا بانتظام ولايته الدستورية، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! و لن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة” و”الصندقة” بخشنها و ناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان .. تعالى الله والأردن العربي .. ولتسقط “صفقة القرن” بقرونها!

يا قوم اعقلوا وتعالوا الى كلمة سواء .. يا قوم اعقلوا .. وصححوا البوصلة باتجاه فلسطين!!

يا قوم اعقلوا وليكن بأسكم على العدو شديدا .. ولتكن عقولكم وقلوبكم وسيوفكم جميعآ واذكروا قوله تعالى في الآية 14 من سورة الحشر: “بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعآ وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون”.

فماذا فعلنا من أجل فلسطين؟!

كيف للعرب أن يسعدوا – بل حتى كيف لهم أن يتوسدوا المخدات؟!

كيف للعرب أن يسعدوا وفلسطين تحت الاحتلال، وبعد مضي عام كامل على اعلان ترامب القدس عاصمة لاسرائيل .. كيف للعرب ان يسعدوا والكنيست الصهيوني يصادق على قانون يؤكد تهويد القدس كاملة؟! هنا لابد من مناشدة “يوسف الفلسطيني” أن يسامح اخوته، سائلين الله والقدس الا يؤاخذوننا بما فعل السفهاء منا!

وليسأل الواحد منا، قبل النوم، نفسه: ماذا فعلت اليوم من اجل تحرير فلسطين؟

لن نساوم، لن نوقع، لن نصالح .. والى اخر نبض في عروقكم، يميناً، سنقاوم!

تحيا القدس عاصمة الجمهورية العربية الفلسطينية لتحيا الامة!

ديانا فاخوري

كاتبة عربية اردنية

قد يعجبك ايضا