وداعا “أبا الحكم” وكلّ شهدائنا / د. فايز رشيد

د. فايز رشيد  (  الثلاثاء ) 13/11/2018 م …




ما كدت أسلّ قلمي لأكتب رثاء صديق على قلبي وعلى كل رفاقه ومن عرفه, الرفيق يوسف الدقة,أبو الحكم , حتى وصلتني أنباء استشهاد رفيقين في غزة وهما الشهيدين محمد عودة ومحمد زكريا التتري. وبالأمس استشهد سبعة من أبناء شعبنا في القطاع, وهم يقاومون العدو الصهيوني, الذي يقترف حرب إبادة  جماعية لشعبنا الفلسطيني البطل, على مرأى ومسمع من العالم, الذي لا يحرّك ساكنا لقتل الفلسطينين وحرق أطفالهم وهدم بيوتهم واستيطان أرضهم وخلع أشجارعم ومحاولة محي ذاكرة العالم  بالأساطير والخرافات  التضليلية الصهيونية.

أيها الدم الفلسطيني المسيّج بالموجات المتوسطية المشرئبة نحو السماء, تغني وتهتف لفلسطينية أو فلسطيني أصرّ أن يروى عطش الأرض المشتاقة لأبنائها, بدمائه في انتظار يوم التحرير. أيها المكبّل بالأهازيج الفلسطينية العصيّة على الموت والنسيان, تماهي عصافيرا جليلية ورائحة برتقال حزين أضنته الأيام من طول انتظار, ورائحة نرجس فلسطيني جبلي  تخترق السحابات والأفق ,وهي تردد مقولة شاعرنا الفلسطيني الكبير : هذا هو العرس الفلسطيني الذي لا ينتهي.. في ساحة لا تنتهي… في ساعة لا تنتهي.. هذا هو العرس الفلسطيني …حيث لا يصل الحبيب…إلا شهيدا أو شريدا”. أيها الفلسطيني… أنت لا تعرف أين تموت .. ولا أين تستشهد! فدمائك  موزعة بين القبائل التي تريد التخلص منها, وإهدائها كغنيمة لعدوّك.

كان أبو الحكم إنسانا, بالقدر الذي كان فيه مناضلاً .هو رفيق لقادتنا وشهدائنا: جورج حبش, أبو علي مصطفى , غسان كنفاني ووديع حداد وغيرهم, وقد كان زميلا للأخير, وأنيطت به مهمات حزبية خطيرة وعديدة. يستقبلك دوما بابتسامته الجميلة , يهز يديك بحرارة, يحاكيك بألق فلسطيني جميل , وكأنه يمد عرائس أيك في طريقك , يدعوك إلى بيته, فتعتذر لانشغالك , تودعه على أمل اللقاء.يظلّ للعلاقة الروحية خيوطها التي لا تخترق كل الحدود لتصل إليك منه , فتعانق ابتسامة تعودت أن يلتقيك بها.

أبا الحكم, يعزّ علي تصديق حقيقة موتك , وأن لا ألقاك في زيارتي التي أستعد لها! لكن ما يعزيني, هذا الإرث النضالي الذي تركت.. والابتسامة المرسومة على وجهك, والتي ستظل مزروعة في ذاكرة كلّ من عرفك.

 

 

قد يعجبك ايضا