من دمشق الى هيلسنكي .. و من هيلسنكي الى طهران! / ديانا فاخوري

نتيجة بحث الصور عن ديانا فاخوري الاردن العربي

ديانا فاخوري ( الأردن ) الثلاثاء 17/7/2018 م …




انها دمشق .. دمر هولاكو بغداد و أسلم في دمشق .. حرر صلاح الدين القدس و طاب موتا في دمشق .. قدم لها الحسين بن علي و يوحنا المعمدان و جعفر البرمكي رؤوسهم طلبا لرضاها .. و ما بين قبر زينب و قبر يزيد خمس فراسخ .. انها دمشق، لا تعبأ بكارهيها .. و تتفرغ للغرباء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها لبستفيقوا عالقين تحت أظافرها!

    أبيض، أحمر، خليج، قزوين، أسود – منظومة البحار الخمس !

تتذكرون مشروع التعاون الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد في مطلع العقد الأول من القرن الحالي .. مشروع يضم روسيا و ايران و تركيا و مصر و السعودية و العراق و سوريا و الجزائر و اليمن تكاملا مع اوروبا المتوسطية .. أرادها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تعمل بالتفاوض لحل النزاعات و بالتعاون للتنمية والتقدم الاقتصادي و لضمان أمن الطاقة و الملاحة .. مشروع يقوم على شراكة استراتيجية في الشرق الجديد!

رغم ما يحكى في الغرف المغلقة عن ورقة “عصبة الهواة بزعامة جاريد كوشنر” بخصوص خطة “جهنمية” ضد ايران و حزب الله في سوريا تؤدي إلى هزة عسكرية كبرى – رغم هذه “الجعجعة السرية المكتومة” نرى الضوء من البوكمال يرسم معالم الشرق الجديد متحررا من الهيمنة الأمريكية من بيروت، فدمشق، فبغداد، فطهران، فبكين!

.. من هيلسنكي الى طهران!

ظن البعض، و بعض الظن إثم، أنّ هُناك اتِّفاقًا على أمرَين رئيسيين فيما يَتعلَّق بالأزمةِ السوريّة وذلك من خِلالِ مُتابَعَةِ المُؤتمر الصِّحافيّ الذي انعقد  اثر القِمَّة التي جَمعت الرئيسان  في هلسنكي:

ـ العَمل بِشَكلٍ مُشتَركٍ للحِفاظ على أمن إسرائيل، وتفعيل اتِّفاقِ  ١٩٧٤ لفك الاشتباك المُتعَلِّق بهَضبة الجولان.

ـ عدم السَّماح لإيران بالاستفادةِ من هزيمة “داعش” و استمرار التَّنسيق بين القُوّات الروسيّة والأمريكيّة في الأراضي السوريّة.

لكن ماذا عن التحولات الجيوستراتيجية في العالم و اصطفاف المصالح السياسية الجيوستراتيجية لكل من روسيا و الصين و ايران وبالتالي لدول اسيا الوسطی – كما كررت مرارا؟ وها هو مؤتمر طهران القادم يعكس التقاء مبادرة “الحزام و الطريق” الصينية مع مبادرة ” الاتحاد الاقتصادي الاوراسي” الروسية و الموقع الايراني الاستراتيجي كمركز للتجارة و الطاقة، و كحصن منيع في مجابهة الجهادية التكفيرية التي يتلاعب بها الغرب  ! و عليه جاءت الاستدارة التركية لتتواءم مع مبادرتي “الحزام و الطريق” و “الكتلة الاوراسية” الامر الذي يملي “سوريا عربية علمانية موحدة” تضم الی حضنها لواء الاسكندرون، شاء من شاء و ابى من ابى، .. فسوريا هي خالقة الأزل، و هي محكومة بالمقاومة و الممانعة منذ الأزل، و هي تصنع مستقبلها و مستقبل المنطقة برمتها .. اما الأردن فسيبقى وقف الله، أرض العزم .. وطنا بهيا شريفاً لا نبغي و لا نرضاه ولا نرضى عنه بديلا!

فالصينيون قادمون وبعضنا غارق في أوهامه .. هاهي الصين تقوم بتنفيذ وتمويل وتغطية انبوب الغاز بين ايران وباكستان. رغم ولادة هذا المشروع اواسط تسعينات القرن الماضي لجدواه الاقتصادية ولحاجة البلدين, ورغم تنفيذ ايران للجزء الخاص بها حيث أوصلت الأنبوب الى الحدود الباكستانية!

ولعل هذا ما يفسر ثورة “جون برينان” الرئيس السابق للمخابرات المركزية الأميركية – في عهد أوباما – اذ وصف المؤتمر الصحافي لترامب في هيلسنكي بالجريمة و الخيانة محقرا تعليقاته الغبية و السخيفة مشيرا الى انه بدا كليا في جيب بوتين (he is wholly in the pocket of Putin) ! و هذا عنوان مقالة أساسية

(Trump Shows the World He’s Putin’s Lackey)

في جريدة النيويورك تايمز صباح اليوم تفوح غضباً واستهزاء ل Michelle Goldberg

و بلغة المصالح و الى جانب الهدف الاستراتيجي الاقتصادي المتعلق بالغاز مادة و انابيبا و ملتقى خطوط تصديرا و استيرادا، فان الاستهداف الأميركي يجمع روسيا بإيران تنسيقا لمواجهة هذا التحدي والتصدي لمختلف التنظيمات الإرهابية المدعومة من أمريكا و اسرائيل التي تحارب روسيا وإيران في عقر دارهما، كما في ساحات إقليمية تقوم فيها حكومات وتنظيمات مقاومة متعاونة معهما كسورية والعراق ولبنان وفلسطين. هذا بالإضافة الى العقوبات الأميركية على كلٍّ من روسيا وإيران اللتين تتعرّضان لعقوبات أميركية قاسية تحول دون حصولهما على الرساميل والقروض والمساعدات اللازمة في هذا المجال الامر الذي يوفر لروسيا فرصاً ومكاسب ثمينة لقاء المشاركة في مشروعات الإعمار والتنمية في إيران وسورية .. عداك عن وجود قواعد عسكرية لروسيا في سورية منذ أكثر من نصف قرن ولها دورها في حماية مصالحها ونفوذها في غرب آسيا.

 

قد يعجبك ايضا