أمريكا تاريخ من التوحش الإنساني والانسحاب خطوة لتطهير مجلس حقوق الانسان / احمد الشاوش

 - اعلنت الولايات المتحدة الامريكية انسحابها من مجلس حقوق الانسان بعد مقاطعة اسرائيل وتعرض واشنطن وتل ابيب لانتقادات كبيرة

 




 

 

 

 

احمد الشاوش ( اليمن ) السبت 23/6/2018 م …

اعلنت الولايات المتحدة الامريكية انسحابها من مجلس حقوق الانسان بعد مقاطعة اسرائيل وتعرض واشنطن وتل ابيب لانتقادات كبيرة وصادمة في مجال حقوق الانسان ، واتهمت “كيلي”، المجلس بأنه منظمة “منافقة وأنانية وتستهزأ بحقوق الإنسان”!! ، كما أتهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ، المجلس ، بأنه ينتهج “الانحياز المعادي لإسرائيل وشن حملة ممنهجة ضدها ، لكن ” الحقيقة ” التي يدركها المجتمع الدولي وكل شخص موزون ان مواقف واشنطن المؤيدة للتطرف الاسرائيلي حسدة قمة النفاق والطغيان وان حديثها عن حقوق الانسان مجرد كلام استهلاكي ودغدغة لعواطف البسطاء والسذج ، وممارساتها العدوانية وان جرائم الابادة واشعال الحروب واستغلال الشعوب وانتهاك انسانية الانسان ” ثقافة ” مبرمجة ، وجينات متوارثة منذ ان وطأة أقدام البريطانيون القارة الامريكية البكر وتوارثها الامريكيون وعاثوا فيها فساداً بدءاً بمجازر الهنود الحمر، ومروراً بالمسلسل الدرامي الأكثر دموية نتيجة للنفس الامارة بالسوء .

كما ان صقور امريكا مارست انتهاكاتها حقوق الانسان على مستوى الداخل ، وخضع المواطن الامريكي للكثير من الانتهاكات اللاإنسانية ، بحسب ما كشفته منظمة “هيومن رايتس ووتش ” في تقريرها الاخير وغيرها من المنظمات الحقوقية والانسانية والقانونية والشخصيات السياسية والاجتماعية المدافعة ضد السلوك السلبي .

كما يكشف لنا التاريخ الانساني المؤلم الكثير من الحقائق والمآسي الدامية للممارسات الطائشة في  العالمين العربي والاسلامي ، والقارة الافريقية واليابان فيتنام والكوريتين على السلوك البشع الذي حول الحكام الى وحوش، كما ان استخدام ” الفيتو”  قاطع دليل على تعطيل قرارات الشرعية الدولية ” لمساندة وانقاذ وتبرأة جرائم اسرائيل وتحويل مجلس حقوق الانسان الى اداة، لانتهاك انسانية الانسان والعبث بسيادة واراضي وثروات وأنظمة وحريات الشعوب .

لا ننكر ان سجل الولايات المتحدة الامريكية ناصع في الابتكار والابداع والتطور وقدم الكثير من الانجازات للبشرية في مجالات الحياة والطب والعلوم والهندسية والاجتماع والتكنولوجيا والتنمية ،،وان سر قوة امريكا في تفوقها الاقتصادي والعسكري والنووي والمجتمع المدني الحر وتعدد الاعراق والالوان والمذاهب الذي انصهرت في بوتقة  ” التعايش ” والدستور العظيم التي يستظل تحت سقفه ” الامريكيون ، ورغم تلك المحاسن الايجابية،  إلا ان تاريخ امريكا الموحش يجسد الوجه الاخر لحياة الغاب  ، وتفتقد الى القيم الانسانية وحضارتها القريبة وتاريخها الوجيز ، والطبع والطباع القاسية جعلها جسم بلا رحمة وجسد بلا روح وقادة بلا مشاعر ، ورغم ذلك التقدم المذهل يُدرك العالم مدى السقوط الاخلاقي والافلاس السياسي والتوحش العسكري والتهديد النووي والابتزاز الثقافي و”السمعة” السيئة والشواهد المأساوية والصور المرعبة والوثائق التاريخية لاتُعد ولاتحصى ، بدءاً من الابادة الجماعية للهنود الحمر،،،،.

وفي تصوري أعتقد بإن خروج ” امريكا” ومقاطعة المولود السفاح  ” اسرائيل” والانسحاب لاحقاً  من مجلس حقوق الانسان ، هو محاولة للتغطية على سجلهما الاجرامي والفضائح التي لا تستطع ان تغطيها عين الشمس والتصرفات المشبوهة في دعم الطغاة ، كما سيجد الأعضاء فرصة حقيقية وقوة دافعة لمجلس حقوق الانسان ان صدقت النوايا مع مراجعة النفس ووخز الضمير ، بداية صحيحة لتطهير المجلس من تجار الحروب الذين حولوا الدول الى اطلال والشعوب الى شلالات من الدماء والحمم ، والبدرومات الى سجون ، دون عقاب، كما ان   ” انسحاب” واشنطن يُعد بداية لأحياء قيم العدالة والتحرر والانطلاق نحو اتخاذ قرارات حاسمة لتحقيق للعدالة الدولية ووضع حد للطغيان ، ومقدمة للانسحاب الدول الحرة والمظلومة من الامم المتحدة التي مارست أبشع أنواع القهر والظلم والتآمر بعد ان تحولت الى سمسار ووكر للدعارة السياسية والفضائح الجنسية في بؤر التوتر ما معرض الامن والسلام الدوليين للخطر .

ورغم ترحيب الكثير من الدول بانسحاب ” الشيطان الأكبر” ، وعدم ارتياح البعض مجاملة إلا ان بقاء عضوية واشنطن وأخواتها ” عار ” على دول المجلس وشبهة كبيرة وخطراً دائم لإجهاض القرارات العادلة والهروب هو محاولة للنأي بنفسها عن المحاسبة ، كما انه من غير المعقول ان تخضع 47 دولة منتخبة من كافة دول العالم في مجلس حقوق الانسان لإرادة  واشنطن وتوحش ” اسرائيل ” الذين يمارسان الانتهاكات الممنهجة على مدار الساعة .

ومن باب الانصاف يظل الشكر مقروناً لتلك المنظمات والجمعيات الانسانية والقانونية والحقوقية الامريكية والاوروبية ذات الطابع المدني الغير مسيس  التي كشفت العديد من تقاريرها بعض الانتهاكات ، مذكرة بإن إدارة ترامب تقود “جهودا مخططة وعدوانية لانتهاك حقوق الإنسان الأساسية” ، كما ان وصف منظمة هيومان رايتس ووتش ،  القرار الأمريكي بمغادرة المجلس “ذات بُعد أحادي” وتسليط الضوء على فصل اطفال المهاجرين ووضعهم في صناديق حديدية والسجون الامريكية السيئة الصيت وغيرها دليل على الممارسات اللا اخلاقية.

كما أن تاريخ وذاكرة الشعوب تذكرنا بين الحين والأخر ببعض انتهاكات الولايات المتحدة اللاإنسانية منها : ،  جرائم ابادة الهنود الحمر الذي يقدر عددهم بالمائة مليون ورحلة ” الدموع” ، وقصف مدينتي هيروشيما وناجا زاكي في اليابان بالقنابل الذرية التي ادت الى قتل أكثر من مائة الف في يوم واحد وشردت مليون ياباني وأحرقت وسممت الحياة في الحرب العالمية الثانية ما جعل حينها الرئيس الأمريكي هاري ترومان ، يقول” العالم الآن في متناول أيدينا ” .

كما أقدمت الولايات المتحدة على قتل عشرة ملايين صيني وكوري وفيتنامي وكمبودي، وتشير أحد التقديرات إلى مقتل مليوني كوري شمالي في الحرب الكورية، وكثير منهم قتلوا في الحرائق العاصفة في “بيونغ يانغ” ومدن رئيسة أخرى ، كما تسبب الامريكا في حرب فيتنام التي أدت الى مقتل 160 ألف شخص، وتعذيب وتشويه 700 ألف شخص، واغتصاب 31 ألف امرأة، ونُزع أحشاء 3.000 شخص وهم أحياء، وأحرق 4.000 حتى الموت، ومهاجمة 46 قرية بالمواد الكيماوية السامة ،  وأدى القصف الأمريكي “لهانوي” في فترة أعياد الميلاد إلى إصابة أكثر من 30 ألف طفل بالصمم الدائم. وقتل  في “غواتيمالا” أكثر من 150 ألف فلاح ، وقتل 45.000 ألف من الأفريقيين السود، ما بين قتيل وجريح ومفقود وأسير خلال ثلاثة ايام.

وواصل الامريكيون هواياتهم في دعم ومساندة قوات الاحتلال الإسرائيلي التي مارست أبشع الأساليب في اغتيال واعتقال وتعذيب وتدمير المزارع ونهب المنازل والمحلات ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وقتل وجرح مئات الالاف من الفلسطينيين اطفالاً ونساء وشباب.

كما واصل الجيش الأمريكي قُتل أكثر من مليون طفل عراقي أثنا غزوها وحصارها وتهجير الملايين خلال أكثر من عشر سنوات، وأصيب الآلاف من الأطفال الرضع  وأكثر من نصف مليون حالة وفاة بالقتل الإشعاعي خلال حكم جورج بوش الأب ، وواصلت الة الدمار الامريكية قتل الآلاف من الصوماليين أثناء غزو الصومال ، كما استهدفت صواريخ كروز السودان ، معمل الشفاء للدواء ، راح ضحيته 200 شخص ، واما أفغانستان فحدث ولاحرج  وتمتد تجاوزات وانتهاكات الولايات المتحدة الامريكية الى سوريا وليبيا واليمن ولبنان وفلسطين ، ناهيك عن السجون السرية والعلنية واشهرها “غونتناموا” والسجون العراقية  وعمليات الاضطهاد والتعذيب والممارسات الجنسية الفاضحة ضد الاسراء والسجناء والمعتقلين بغرض الاذلال ومسح أدمية الانسان واجبارة على الاعتراف بالقوة بما يخالف القوانين المحلية والدولية والانسانية.

ولذلك فإن حديث امريكا عن قيم الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة والتعايش ، كشفت زيفها أحداث 11 سبتمبر، بعد ان نصبت أمريكا نفسها ” حكماً وخصماً ” وفصلت تهم “الارهاب لابتزاز الحكام العرب والمسلمين وتجويع الشعوب وقلب الانظمة ونهب الثروات ، ولنا في ابتزاز ووقاحة ترامب ” للسعودية والامارات وقطر والبحرين العبرة  ، ورغم ذلك تظل اتفاقيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، واتفاقية جنيف 1949، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال 1989، وغيرها من الاتفاقيات حبر على ورق في ظل التوحش الامريكي ولغة الغاب ، مالم ينتهز بقية أعضاء المجلس القيام بمسؤلياتهم القانونية والاخلاقية والانسانية .

فهل يبادر قادة امريكا الى وخز الضمير وتقديم الاعتذار وتعويض الدول والشعوب المتضررة وتحسين السمعة وحفظ ماء الوجه وفتح صفحة جديدة ، ام ان الطبع غلب التطبع  ، ولنا في امبراطوريات الروم وفارس والخلافة الاسلامية والمانيا والاتحاد السوفياتي ألف عبرة .

أملنا في منظمات المجتمع المدني في امريكا واوروبا كبير وكل دعاة السلام في تعديل سلوك قادة واشنطن وتل ابيب الطائش وترويضهم في ظل تشكيل رأي عام ضاغط ينطلق تحت مظلة الدساتير والقوانين العادلة التي تعتبر صمام الامان لتلك الدول ونصرة الشعوب الاخرى .

[email protected]

 

 

قد يعجبك ايضا