الأخلاق ودروها في تكوين الأمم / د. ونسة الأسعد

د. ونسة الأسعد ( سورية ) الثلاثاء 12/6/2018 م …




لا شك أنّ الأخلاق هي السمة العظمى التي تميز المجتمعات صالحها من رديّها .  فأينما وجدتْ الأخلاق ، وجدت الحضارة والتقدم –ولنتحدث عن الاخلاق وصلاحها ولنترك الردية منها – ولما أرسل الله سبحانه وتعالى ، النبي الكريم جعل من مهمات دعوته ، وصميم رسالته : أن يتمم مكارم الاخلاق ويكملها ، وما اختاره إلا لانه على خلق عظيم .
فعندما انتشرت الدعوة المحمدية ، وذاع صيتها ، ونزل القرآن الكريم على نبيه الذي اورد قوله : ( إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني في الآخرة أحسنكم اخلاقا  ، وإنّ أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا …) .
ماهية الأخلاق : 
إنّ الاخلاق ،  مجموعة من القواعد ، والمبادىء التي تنظم سلوك المرء وتحثه على الحفاظ عليها ، وصيانتها من الرذيلة ….. والاخلاق هي الصورة الظاهرة للمرء التي يوصف بها والتي تنم عن قيم راسخة فيه فإما ان تكون ذا قيمة سامية ، حَسَنَ الخلق ،وإما ان تكون رذيلة سيئة الخلق والطباع ، وآثرت ان اذكر كلمة الاخلاق عن الاخلاق الحميدة لا السيئة المشينة !!!  ومن هنا تاتي أهمية الاخلاق في بناء المجتمعات .
الأخلاق في اللغة : 
فقد جاء في معاجم اللغة ومنها معجم العين للفراهيدي ، ومعجم تاج العروس للزبيدي ، ومعجم لسان العرب لابن منظور ، وغيرهم : أنّ الأخلاق جمع لكلمة خُلُق : وهي حال النفس الراسخة التي تصدر عنها الأفعال من خير كانت أم من شر ، من غير حاجة إلى فكر ورويّة …. فعلى المرء أن يختار في خلقه بين الخير والشر ، فإن اتبع الأولى فاز مغنماً ،فكما قال امير الشعراء :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …… فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإن الثانية هوى هوت نفسه ومجتمعه وهذا ما نشاهده جليا في مجتمعاتنا :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم …… فأقمْ عليهم مأتما وعويلا
فإذا عدنا إلى معنى هذه المفردة وما تحتويه من معان باطنية ، وإننا لنأخذ المعنى القويم منها وليس المعنى الهشيم . فإن الأخلاق تاخذ الصورة الباطنية للدين ، والشرائع السماوية ، والتي يجعلها أساس لصلاح المجتمع ، والدرع الواقي لانهياره …
فأساس تكوين الأفراد المثاليين ، ما يكون إلا بشرائع الخلق السليم الذي يلعب الدور الأساسي في تهذيب المجتمعات ، وإعدادها إعداداً فاضلاً تحميها وتصونها من الضياع ، وهذا ما يجعلها المسبّب الأساسي لنهضة الأمم وقوتها والذي يجعل منها شعوراً جماعياً في تنظيم العلاقات بين الأفراد ، والمجتمع . ويزيد من أواصر ألفته وتعاونه وتماسكه وبالتالي قوته وتماسكه  . .
الثقافة الأخلاقية :
إن سبب تأخرنا وللأسف عن الركب الحضاري يعود إلى جهلنا بأهمية الأخلاق والتي جعلت منا مجتمعا قريبا إلى التخلف ، ومن الممكن أن يرد البعض ويقول : ( ليس قريبا من التخلف إنما التخلف بعينه ) ، ولكن إن كان هذا فقد أصبحنا في حكم المجهول ، والعالم المتردي ولكن يا أعزائي ينبغي أن يكون لدينا أمل في تقدم ملموس ، ولا يكون ذلك إلا إذا ابتنينا اللبنات الأساسية من الأخلاق من التربية المنزلية التي هي الأساس في بناء جيل سليم ومن ثم ننتقل الى المدرسة ومن ثم المجتمع اللتان يقوِّمان هذه الاخلاق على اسس سليمة ونظيفة ،ومعافى ،  كما ينبغي وهذا راي شخصي لا اعرف إن توافقوني الراي أم لا !؟ : أن تكون هناك مادة أساسية سيما في المراحل الأساسية من التعليم عن الاخلاق ، فتنصهر الاخلاق مع دماء الطفل فتغدو من جزئياته البنية في البناء الجسدي  ، وهذا ما نجده في اليابان حيث تدرس مادة اساسية لذلك ، فنرى هذا الشعب العظيم الناجح يعمل لصالح بلاده بكل صدق وايمان ،فيا ليتنا نتخذ منهم قدوة في هذا المجال ، فكيف اذا كانت هذه الاخلاق والتي تعتبر القاعدة الاساسية في المجتمعات حيث تبنى عليها القوانين والاحكام وتقوم عليها مبادىء الاديان  السماوية التي نتحلى بها
ولكي تنتشر الأخلاق في المجتمع لابد من وجود أشخاص يعتبرهم الشخص مثلاً أعلى يحتذى به، فالمثل الأعلى يغير مفاهيم مجموعة كبيرة من الناس ممن يؤمنون بها ، وأول مثل أعلى لابد أن يكون حاضراً في الأذهان بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الحاكم  الذي يحكم البلاد، الذي ينبغي ان يتصف بالخلق الرفيع والسامي الذي يحمي به الوطن والبلاد ، والشعب العباد …..

قد يعجبك ايضا