محرقة الأرمن في زمن الخلافة / د.أحمد الحصري

 

د.أحمد الحصري ( الثلاثاء ) 26/4/2016 م …

اليوم هو الذكرى الأولى بعد المائة، لأول مذبحة وإبادة جماعية فى التاريخ، يوم بداية كشف النقاب عن تاريخ هؤلاء المسلمين وليس تاريخ الإسلام الذى يدعون أنهم حملة صكوك غفرانه، بينما هم غارقون فى دماء كل البشر، ومن كل الملل، بمن فيهم من قال لا إله إلا الله.

٢٤ إبريل من كل عام هو يوم إذا تجاهله أتراك الدولة العثمانية وإخوان مصر المتأسلمين، لن ينساه تاريخ البشر فى كل بلاد الدنيا، أيا كانت ديانتهم، هو أول ابادة جماعية لبشر اختلفوا فى السياسة، ونظام الحكم، تحولت إلى حرب دينية، وطبعا كله باسم الله.

ودائما ما تكون أيام الجمع هى أيام حزن.

الأولى: كانت الجمعة الحزينة اللاحقة لخميس العهد، والسابقة لسبت النور وبعده قيامة السيد المسيح.

الثانية: هى الجمعة الأخيرة لشهر رمضان المعظم عشية أيام عيد الفطر المبارك.

أما الثالثة: فهى مستجدة وليست من الأديان ولا يعقبها أى فرح سواء كان عيد القيامة المجيد أو عيد الفطر المبارك، ولكنها مأساة مستمرة منذ أكثر من ١٠٠ عام.. إنها مجزرة قام بها أتراك دولة الخلافة العثمانية فى حق الشعب الأرمينى، دولة أردوغان الساعية للاتحاد الأوروبى على جثث كل المسلمين وأفخاذ الصبايا المرمر من كل دين وملة.. وهى ذاتها تلك الخلافة التى راح ضحيتها مليون ونصف مليون أرمينى.

فى تلك العملية نصبت المشانق فى الشوارع.. وتم إعدام وصلب الرجال والنساء وهم عرايا، طبعا بعد القيام بالواجب من اغتصاب والذى منه.. إلى جانب عمليات التهجير القسرى والاستيلاء على ممتلكات وأموال الأرمن.. خاصة الأعيان منهم.

ضحايا الخلافة الإسلامية العثمانية لم تقتصر على الأرمن فقط بل شملت كل الطوائف المسيحية.. تمت مهاجمتها وقتلها خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم، وهو ما يعد اتساقا مع مبدأ مؤسس دولة الخلافة الذى قال: على المسيحيين واليهود أن يعلنوا إسلامهم أو يتركوا دولة الخلافة الإسلامية.

كما يتسق مع مبادئ مشايخ الفتة الأزهرية الذين أفتوا بجواز قتل تارك الصلاة.. فما بالك بأصحاب الديانات الأخرى؟!

وهى نفس المبادئ التى تخلص لها الجماعة الإرهابية وتوابعها من داعش إلى أجناد الأرض إلى كل الأشكال التى صنعها «الإخوان المجرمون».. وشاهدنا إنتاجهم الإسلامى على أرض العراق وليبيا.. وفى قرى مصر وحتى شوارع الإسكندرية والقاهرة.

رواية إحدى السيدات الأرمنيات الناجيات من المذابح، وتدعى يوفينوغ ساليبيان، تم نشرها فى صحيفة «الوطن» المصرية العام قبل الماضى، «قعيدة» تبلغ من العمر أكثر من ١٠٠ عام، آخر شاهدة على مأساة إبادة السلطات التركية للأرمن عام ١٩١٥. وأشارت ساليبيان، التى شهدت المذابح وهى طفلة، فى التقرير الذى نشره الكاتب روبرت فيسك، إلى أن الدولة التركية قامت بكل أريحية بالإبادة التى راح ضحيتها مليون ونصف من الأرمن، بمختلف الطرق، رميًا بالرصاص، وطعنًا بالسكاكين، وضربًا بالفؤوس، فضلًا عن إرسال الأطفال نحو الغابات شمال سوريا، حيث يتم تجويعهم واغتصابهم وذبحهم، وتتذكر الطفلة سماع صراخ وبكاء الأطفال الذين اقتيدوا حفاة الأقدام، وكان الجنود يضربونهم بالسياط لدفعهم للمغادرة.

وفى ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، يقدّم موقع رصيف ٢٢ عسى أن نقرأ :

الإبادة الجماعية للأرمن هى أول إبادة جماعية فى القرن العشرين، لا بل إن الزعيم النازى أدولف هتلر، عندما قرّر غزو بولندا، عام ١٩٣٩، طلب من جنرالاته أن يقتلوا كل من ينتمى إلى العرق البولندى بلا رأفة لتأمين مجال ألمانيا الحيوى. وقال لهم لتشجيعهم وإزالة الخوف من نفوسهم: «لا أحد يتحدث فى هذه الأيام عما حلّ بالأرمن». اجتاح الجيش التركى مملكة أرمينيا لأول مرة فى القرن الحادى عشر. وفى القرن السادس عشر أصبحت معظم أرض أرمينيا التاريخية جزءًا من السلطنة العثمانية الممتدة آنذاك إلى جنوب شرق أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط وتوزّع الأرمن بينها وبين الإمبراطورية الروسية. وقد بقيت أرمينيا تحت الحكم العثمانى حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.

الإبادة الأرمنية ليست أولى المجازر التى تعرّض لها الأرمن الذين كانوا يعيشون فى السلطنة العثمانية. فمنذ بدايات العقد الأخير من القرن التاسع عشر، راح الشباب الأرمن الذين تلقوا تعليمهم فى الجامعات الأوروبية يطالبون بإصلاحات سياسية وبملكية دستورية وبانتخابات وبإلغاء التمييز ضد مسيحيى السلطنة، وهذا ما أغضب السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى المعروف بلقب السلطان الأحمر. من هذه الخلفية، ارتكب العثمانيون، بين عامى ١٨٩٤ و١٨٩٦، مجازر بحق الأرمن راح ضحيتها حوالى ٨٠ ألفا، وعرفت باسم المجازر الحميدية. ومن أبشع المجازر التى ارتكبت آنذاك حرق نحو ٢٥٠٠ امرأة أرمنية فى كاتدرائية أورفة.

وفى السنوات اللاحقة، ارتكبت مجازر أخرى بحق الأرمن. على سبيل المثال، هوجمت حوالى ٢٠٠ قرية أرمنية فى أضنة، عام ١٩٠٩، وقتل حوالى ٣٠ ألفًا من أبنائها.

عام ١٩١٥، كان يسكن حوالى مليونى أرمنى فى الإمبراطورية العثمانية. وفى فترة الحرب العالمية الأولى، اتهم الأرمن بتأييد جيوش الحلفاء وبالتحديد بالتواطؤ مع الجيش الروسى وذلك للتغطية على الخسائر الفادحة التى لحقت بالسلطنة فى المعارك التى جرت فى المحافظات الأرمنية.

فى منتصف العام ١٩١٥، أصدرت السلطنة العثمانية قرارًا قضى بترحيل أرمن الأناضول وكيليكيا من أراضيها لأنهم باتوا عناصر مشكوكًا فى ولائها كما صدر قرار بمصادرة ممتلكاتهم. ولكى لا ينضموا إلى الجيش الروسى الزاحف إلى السلطنة قُرر ترحيلهم جنوبًا ناحية بادية الشام. نظمت قوافل للمرحلين وأمرت جميع الأسر الأرمنية بالانضمام إليها وترك أراضى السلطنة.

هكذا، رحّل الأرمن فى «مسيرات موت» كانت السلطات تشجع الأتراك والأكراد على مهاجمة السائرين فيها وسرقة ممتلكاتهم. كما أحرق العديد من الأرمن أحياء أو أعدموا أو قتلوا أو ماتوا بسبب مرض التيفوئيد أو العطش أو الجوع. وحدثت آلاف حالات الاعتداء الجنسى على النساء لا بل تم خطف بعض النساء الجميلات وفرضت العبودية عليهنّ.

ويقدّر المؤرخون أن ٧٥٪ من الأرمن المجبرين على السير فى هذه المسيرات ماتوا قبل أن يصلوا إلى بادية الشام. اختار الأرمن ٢٤ إبريل تاريخًا لذكرى الإبادة الجماعية التى تعرضوا لها. فى الحقيقة بدأت عمليات قتل وتهجير الأرمن قبل هذا التاريخ. ولكن فى ذاك النهار من عام ١٩١٥، أعدم حوالى ٢٥٠ أرمنيًا فى إسطنبول وكانوا من نخبة المجتمع الأرمنى فمنهم القادة والمثقفون والكتّاب ورجال الدين.

فى فترة الإبادة الجماعية للأرمن ارتكبت مجازر بحق مجموعات إثنية مسيحية أخرى كانت تعيش فى السلطنة العثمانية وهى الآشوريون واليونانيون الأناضوليون والنبطيون وراح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء هاتين القوميتين.

ترفض السلطات التركية الاعتراف بالإبادة الأرمينية وتجرّم المادة ٣٠٥ من قانون العقوبات كل من يعترف بها. تاريخ يستحق التحقيق، تحية لكل شهداء الإنسانية خارج الأديان والدين والملة والأيديولوجية، ألف تحية لمن دفع حياته بدلا من هؤلاء القتلة.

 

 

قد يعجبك ايضا