الأردن و”داعش”.. ولعبة “عض الأصابع”
الأردن العربي – عمون ( الجمعة ) 30/1/2015 م …
أعاد المفاوض الأردني أمس الخميس مسك الأوراق التفاوضية من جديد بقوة بعد البلبلة التي نجح تنظيم (داعش) في زرعها في الأوساط الشعبية الأردنية يومي الثلاثاء والأربعاء بتهديداته المتتالية بقتل الطيار الأردني المحتجز معاذ كساسبة والرهينة الياباني الصحفي كينجي غوتو. وذلك من خلال تصريح أطلقه “مسؤول أمني رفيع”، ربط فيه حياة ساجدة وغيرها من قيادات التنظيم (الموجودين في السجون الأردنية) بحياة الكساسبة.
وشدد المسؤول الأمني في تصريحه لـ عمون الخميس على “جدّية الدولة الأردنية في اتخاذ الخطوات المقابلة لأي خطوة تستهدف حياة معاذ” بمعنى أنه سينفذ الاعدام بالريشاوي والمحكومة به منذ عام 2006 على خلفية إدانتها بتفجيرات عمان الارهابية عام 2005.
بما سبق، نجح المفاوض الأردني في ارباك “داعش” ووضعه أمام خيارات صعبة بتطبيق لعبة “عض الاصابع” وذلك من خلال الردود الحاسمة على المهلتين اللتين طرحتهما داعش، برفضه الانصياع للتنظيم ومطالبته بضمانات تؤكد أن الكساسبة ما يزال حيا، وكذلك شموله بالصفقة بوصفه الأولوية الأولى للأردن.
حتى اليوم الجمعة، وبعد ساعات على انتهاء المهلة الثانية، ما زالت الدولة الأردنية لم تتلقَ أي اثبات حول سلامة طيارها الكساسبة، وفق الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، الذي أكد مراراً أن أجهزة الدولة كافة تعمل على مدار الساعة لمتابعة قضية الطيار.
ولعبت الأجهزة الأمنية بشكل جيد في إزجاء الوقت وإفراغ المهلتين الأخيرتين من محتواهما الزمني (وإنْ على حساب أعصاب الجميع) بإعلان أنها تتحقق من صحة نسبة التسجيلات والرسائل إلى التنظيم، فيما هي تبحث جميع الاحتمالات والخيارات المتاحة.
كما استطاعت الدولة وضع حد للفلتان الإعلامي الذي وتّر الشارع الأردني، وبرز هناك تنسيق عال في إطلاق التصريحات الإعلامية من قبل المسؤولين الحكوميين والامنيين، وبدا أن هذه التصريحات “المقتضبة” مدروسة ووفقا لتوزيع الادوار.
واشتغلت الأجهزة الحكومية على حملة إعلامية منظمة، تحض فيها على التهدئة والتعقل وافساح المجال للأجهزة المختصة بقيادة العملية التفاوضية بعيدا عن الضغوطات والبلبلة التي تعمل داعش على خلقها.
وكان آخر هذه الجهود تأكيد رئيس الحكومة عبدالله النسور في اجتماع مغلق مع أعضاء مجلس الامة أن نوايا “داعش” خلال العملية التفاوضية “سيئة” لاستخدام قضية معاذ في “مفاوضات جانبية”.
واصطف مجلس الامة إلى جانب هذه الجهود، في بيان أصدره عقب الاجتماع المخصص لبحث آخر المستجدات حول القضية، عبر فيه عن “ثقة المجلس المطلقة بمهنية المفاوض الاردني وحرفيته”، ودعا المواطنين إلى “تقدير الظروف المحيطة بعملية التفاوض، وصعوبة الثقة بتنظيم داعش أو جدية عرضه التفاوضي المستفز”.
وأكد المجلس وقوفه خلف القوات المسلحة الاردنية “في استعادة البطل الكساسبة” وثمن “الوقفة الشعبية الصادقة” خلف الملك والقوات المسلحة” وأكد أهمية “الحفاظ على قوة الموقف الأردني الرسمي والشعبي (…) وتفويت الفرصة كل من يحاول إثارة القلاقل والفتن وهو ما يسعى إليه التنظيم”.
وساهم تجديد وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق باسم الحكومة محمد المومني تأكيد استعداد المملكة “لاطلاق سراح السجينة ساجدة الريشاوي مقابل استعادة ابننا الطيار الحربي البطل معاذ الكساسبة” في تحييد الشارع. وهو أكد كذلك ان الدولة على أعلى المستويات وبأجهزتها كافة مستمرة “منذ اليوم الاول لأزمة أسر الطيار الاردني ومتابعته على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة”.
وهو ما لمسه أهل الطيار والمواطنون وهم يتابعون لحظة بلحظة اي مستجد حول الأزمة التي ربما هي الأشد على الأردن منذ تفجيرات عمان في تشرين الثاني 2005 التي راح ضحيتها نحو 57 شخصا وحوكمت الريشاوي على خلفيتها بالإعدام.
التعليقات مغلقة.