إسرائيل “قلقة جدًا” من انتصارات الجيش السوريّ

 

الأربعاء 10/2/2016 م …

*اسرائيل تعتبر “سقوط” حلب بأيدي النظام نهاية للتمرّد وتؤكّد أنّ موسكو باتت اللاعب الأهّم بالمنطقة بدلاً من واشنطن

كتب زهير أندراوس

عبّرت تل أبيب عن قلقها العارم من تحقيق الجيش العربيّ السوريّ الانتصارات المتتالية على قوى المُعارضة المُسلحّة، وفي هذا السياق، نقل مُحلل الشؤون العربيّة في القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيليّ، إيهود يعاري، نقل عن مصادر أمنيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى قولها إنّ معركة حلب ستكون المعركة الفاصلة، لافتًا إلى أنّ “سقوط” المدينة في أيدي النظام السوريّ، سيكون نهاية التمرّد الذي بدأ قبل خمس سنوات ضدّ الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد.

من ناحيته، قال مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، نقلاً عن مصادر أمنيّة في تل أبيب، قال إنّ إسرائيل كانت تُفضّل مواصلة “السحق” المتبادل في الساحة السورية، بلا غالب ولا مغلوب، وهو الأمر الذي أكّدته المصادر بعد الانجازات التي حققها الجيش السوري شمالاً، والخشية من تمدد إنجازاته جنوبًا. الصحيفة التي أشارت إلى أنّ النجاح الكبير للرئيس السوري بشّار الأسد وإنْ كان يحدث بعيدًا عن الحدود الإسرائيلية، إلا أنّه يجذب اهتمام أجهزة الاستخبارات في تل أبيب، ويدفعها إلى البحث في تداعياته وتأثيراته. الموقف الإسرائيلي، كما كشفته الصحيفة، يرى أنّ التطورات الميدانية في الساحة السورية باتت تميل بشكل واضح لمصلحة ما أسمته بالمحور الراديكاليّ، وهو التحالف الذي تقوده إيران وحزب الله، إلى جانب الدولة في سوريّة، وهذه التطورات تأتي في مقابل ما كان سائدًا في الماضي من “سحق متبادل” بين النظام وأعدائه، والذي كان يولّد شللاً بينهما، ويمنع في الغالب المعسكرات المتحاربة من المبادرة إلى خطوات ضد إسرائيل.

ولفت المُحلل الإسرائيليّ، نقلاً عن المصادر عينها إلى أنّ الإنجاز البري الرئيسي الذي حققه النظام وحلفاؤه، في الأيام الأخيرة، هو في محاصرة المتمردين في مدينة حلب، مع شبه فصل بينهم وبين الحدود التركية، وقطع أغلبية مسارات الإمداد اللوجستي من هناك إلى المدينة.

وتابعت قائلةً إنّه مع ذلك، الاستسلام المطلق والعاجل للمعارضة في حلب قد يكون استنتاجًا مبكرًا لأوانه، فالحرب في حلب، كما في سوريّة عمومًا، لم تُحسم بعد، إلا أن ما يحدث من تطورات يعزز ما توصل إليه الجانب الإسرائيلي من تقديرات: أنّ روسيا عادت وعززت مكانتها كلاعب رئيسي في المنطقة، الأمر الذي يحتّم على الجميع أخذ مواقفها بعين الاعتبار، الهجوم على حلب في خضم محادثات جنيف، أبرز من جديد ضعف مكانة الولايات المتحدة الأمريكيّة التي لا تنجح في مساعدة من تقول إنّهم إيجابيون في الحرب السورية، وهي تفشل في صدّ التأثير الروسيّ، أما التأثير الأكثر إثارة للاهتمام لدى إسرائيل، بحسب المصادر الأمنيّة في تل أبيب، فيكمن في أنّ نجاح الرئيس السوريّ في مدينة حلب قد يقنع النظام السوريّ بزيادة جهوده وتمدده باتجاه الجنوب، أي في مدينة درعا والى الغرب منها باتجاه الحدود في الجولان، وهو تطور من شأنه أن يقود إلى وجود مكثف لحزب الله والحرس الثوري الإيراني، على مقربة من الأراضي الإسرائيلية، على حدّ تعبيرها.

من ناحيته، رأى مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، في تقديره الإستراتيجيّ للعام 2016، أنّ الموضوع النووي الإيراني يُشكّل تهديدًا وجوديًا كامنًا على إسرائيل، وعلى إسرائيل أنْ تعمل على منع تسلح النظام المتطرف الذي يدعو إلى إبادتها بسلاح ذري.

كما جاء في التقدير أنّه على إسرائيل المبادرة إلى اتفاقات موازية مع الولايات المتحدة، تسمح لهما بالتنسيق في الموضوع الإيراني. فإسرائيل ليست شريكة في الاتفاق، ومن الصائب أنْ تتوصل إلى تفاهمات واتفاقات مع واشنطن حول العديد من القضايا المهمة. ومن المهم، تابع التقدير، التوصّل لاتفاقٍ على بلورة ردّ مشترك تجاه خرق إيراني للاتفاق، مع تعزيز المتابعة الاستخبارية في مقابل إيران، وتعزيز أسلوب مواجهة الأبعاد غير النووية للنشاطات الإيرانية في المنطقة، إضافة إلى رزمة تعزيز أمنيّ لإسرائيل والمحافظة على تفوقها النوعي. وبرأي المركز، فإنّ سوريّة هي القناة الإيرانية في العالم العربي، وعبرها تحافظ على التواصل وتعزيز حزب الله وأيضًا تعزيز مجموعات فلسطينية متطرفة. وشدّدّ التقدير على أنّ إضعاف نظام الرئيس بشار الأسد واقتلاعه من الحكم، مصلحة إسرائيليّة واضحة. كما أشار إلى أنّه عبر ذلك فقط، يمكن الإضرار بشكل قاسٍ بإيران وبحزب الله. وعلى إسرائيل أن تجد طريقًا لدعم مسارات تؤدي في نهاية المطاف إلى ألّا يُشكّل نظام الأسد طرفًا مهيمنًا في سوريّة، وذلك في موازاة الامتناع عن تعزيز تيارات سنية متطرفة، في مقدمتها “داعش”.

من ناحية إسرائيل، أوضح التقدير، أنّه بالإمكان معالجة هذه الجهات بالتدريج، مع تشخيص دائم للتقدم الصحيح، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، على إسرائيل تطوير أدوات جديدة وإبداعية وأكثر فعالية، وذلك عبر التعاون مع حليفتها الولايات المتحدة وأيضًا دول أوروبا، ومع تركيا والمملكة السعودية، المعنيتين أيضًا باقتلاع إيران من سوريّة واستبدال نظام الأسد، كما جاء في التقدير.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.