سورية …القرار 2254 ولد ميتا والحل هو بالميدان العسكري! / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الخميس 31/12/2015 م …

في ضوء تسارع الأحداث الخاصة بالحرب المفروضة على الدولة السورية، لقاءات ومؤتمرات ورسائل سرية وعلنية وإشاعات كثيرة وتفاؤل يشوبه الغموض بعد اقرار القرار الدولي “2254”، يبدو واضحاً إلى الآن أنه لا مسار واضح بخصوص الوصول إلى حل سياسي سريع للحرب على الدولة السورية،فالأتراك والسعوديين وبعض الأطراف السياسية الأخرى بدول الخليج،بدأت تسعى فعليآ لافشال مسار أي حل سياسي يصب بصالح الدولة السورية ونظامها السياسي

وفي زحمة الحديث عن توقعات ومفاعيل والنتائج المستقبلية للقرار الدولي ” 2254″ الخاص بالشأن السوري ، برز الموقف التركي – السعودي – القطري ،المعارض بقوة ومن خلف الكواليس لبعض بنود الاتفاق الدولي، فما يحضّر وراء الكواليس في الرياض اليوم يظهر أن هناك مشروعاً تركياً – سعوديآ قيد البحث يستهدف القيام بدعم بعض المجاميع المسلحة بسورية “النصرة -أحرار الشام- جيش الاسلام –الجيش الاول “درعا ” –الجبهة الشامية “حلب ” وغيرها ” لدعمها بسلاح نوعي  قد يشمل على الاغلب صواريخ ” مضادة للطيران” ستتوزع بمرحلتها الأولى على  ثلاث محاور رئيسية  بدرعا وحلب وحماه ،وسط حديث يجمع عليه بعض المراقبين عن احتمالات دخول محتمل للجيش التركي إلى الأراضي السورية، وإقامة مناطق عازلة ومناطق حظر جوي في أقصى الشمال السوري، رغم الفيتو الأمريكي على القرار التركي والتحذيرات الروسية – السورية – الإيرانية .

الميدان السوري هو الآخر يشهد تصعيداً كبيراً من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه، ولقد بدا واضحاً لجميع المتابعين أن سلسلة المعارك التي  إنجزها  أخيراً الجيش العربي السوري  في ريف درعا الشمالي “الشيخ مسكين ” وفي ريف حمص الجنوبي الشرقي “مهين وحوارين ” وريف دمشق الشرقي “مرج السلطان ومطارها ومقتل زهران علوش ” وفي ريفا حلب الجنوبي الغربي والشمالي الشرقي وريف اللاذقية الشمالي والشمالي الشرقي وو..الخ ، ما هي إلا هدف من سلسلة أهداف استراتيجية كجزء من خطة ورؤية أكبر، لمسار الحسم العسكري التي تراهن عليه جميع الأطراف سواء أكانت الدولة السورية أو اطراف العدوان وشركاء الحرب على سورية، والواضح اليوم أن تطورات الميدان الأخيرة تؤكد أن الدولة السورية تسعى بكل قواها لعدم السماح لأطراف العدوان بتحقيق أي خرق ميداني استراتيجي يعطيهم ورقة قوة ومساحة مناورة جديدة.

من هنا ومع بروز معظم هذه التطورات الإخيرة ،يمكن القول أنه لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية “سياسية” للحرب على سورية  بالجهد البسيط، فالطريق ليست معبّدة بالورود بل هي كرة نار ملتهبة متدحرجة قد تتحوّل في أي وقت إلى انفجار إقليمي، وحينها لا يمكن ضبط تدحرجها أو على الأقل التحكّم بطريق سيرها، ولذلك لا يمكن الوصول إلى جملة تسويات ونتائج سريعة بشكل سهل، فطرق الحلّ والتسويات تخضع لكثير من التجاذبات والأخذ والردّ قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بحلول وقت الحلول، وما لم تنضج ظروف التسويات الدولية – الإقليمية لا يمكن الحديث عن إمكان فرض حلول في المدى المنظور، فاليوم هناك الكثير من الملفات التي ما زالت بحاجة إلى وقت أطول للوصول إلى تفاهمات حولها من كل الأطراف، وبعد وصول هذه القوى الدولية والإقليمية والمحلية إلى تفاهمات وتسويات حقيقية، يتم الحديث عندها عن إمكان الوصول إلى حلول من قبل الأطراف المحلية الخاصة بالأزمة، وهذا ما لا تظهر أي بوادر اقتراب منه حتى الآن، وهذا بدوره سيؤدّي إلى مزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة ككل.

ختاماً، هنا وبهذه المرحلة يبدو واضحاً أنّ التصعيد الميداني الكبير على الأرض ومسار المعارك على الأرض لا يوحي أبداً بإمكان الوصول إلى حلّ سلمي أو حلّ سياسي للحرب على الدولة السورية بسهولة، فما زالت المعارك تدور على الأرض وبقوة وزخم أكبر، ومع دوي وارتفاع صوت هذه المعارك، يمكن القول إنه بهذه المرحلة لا صوت يعلو على صوت المعارك ودوي المدافع، وأي حديث عن مؤتمرات بمطلع العام هدفها الوصول إلى حل سياسي للحرب على الدولة السورية ما هو بالنهاية إلا أمنيات وكلام فارغ من أي مضمون يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فأميركا وحلفاؤها بالغرب وبالمنطقة كانوا وما زالوا يمارسون دورهم القذر الساعي إلى إسقاط الدولة السورية ونظامها في أتون الفوضى، والروس والإيرانيون يدركون ذلك، والنظام العربي السوري يعلم ذلك جيداً، ولذلك بدأ تحضيراته العسكرية لردع أيّ مخطط يستهدف أمن العاصمة دمشق من الجنوب وتعزيز وجوده وبقوة بمدينة اللاذقية وريفها ومدينة وحلب وريف حماة، وتعزيز قواته شرقاً، وإلى حين اقتناع أميركا وحلفائها بحلول وقت الحلول للحرب على الدولة السورية، ستبقى سورية تدور بفلك الصراع الدموي، إلى أن تقتنع أميركا وحلفاؤها بأنّ مشروعهم الساعي إلى تدمير سورية قد حقق جميع أهدافه أو أن تقتنع بانهزام مشروعها فوق الأراضي السورية، وإلى ذلك الحين سننتظر مسار المعارك على الأرض لتعطينا مؤشرات واضحة عن طبيعة ومسار الحلول للحرب على الدولة السورية.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

[email protected]

قد يعجبك ايضا