سوريا وتونس، ” الرفاق “حائرون / أحمد الحباسى

 

أحمد الحباسى ( السبت ) 29/8/2015 م …

لا أدرى هل يعلم الشعب السوري كم المحبة التي يكنها الشعب التونسي للشام الحبيبة ، لا أدرى هل يتفهم الشعب السوري اليوم كيف تحاول القيادة الجديدة تحت ضغط الشارع و تلبية لمطالبه أن تعود شيئا فشيئا إلى سوريا ، حقيقة لا أدرى ، و أريد أن اعلم ، و على كل حال ، فهذا ليس مهما في الوقت الحاضر بعد إن اختلط الماء بالزيت و تشابكت الأحداث و صارت تونس أكبر مصدر للنفايات الإرهابية لاغتيال المستقبل السوري تحت كل العناوين ، لم يعد الأمر مهما بالنسبة للشعب السوري ، و هذا متوقع ، و لن نلومه على ذلك ، لكن من المهم أن نطالب هذا الشعب رغم كل الجراح و الآلام و اللوعة و الدماء أن يراجع مواقفه بعض الشيء لينتبه إلى أن تونس لم تكن يوما في جانب الأعداء و في جانب من يعادى سوريا ، و لكن ما حدث بعد الثورة من ظهور آفة التكفيريين الإرهابيين التابعين لفكر قذر لحركة النهضة هو أمر خارج عن ” نطاق” الشعب التونسي المعروف بعشقه السوري الأصيل و في علاقته بالقضية الفلسطينية و بمحور المقاومة .

يعلم الجميع أن السياسة التونسية تسير دائما في خط مستقيم سطره الرئيس الخالد الحبيب بورقيبة ، خط يقوم على احترام سيادة الدول العربية و رفض سياسة المحاور البغيضة و العمل على الوقوف مع سوريا كركن من أركان جبهة التصدي العربية للمطامع الصهيونية الاستعمارية ، هذا مهم في فهم طبيعة التحول الدراماتيكي المفاجئ الذي حدث بعد الثورة لما تولت حركة النهضة الإرهابية التابعة لمنظومة الإخوان المفسدين و المرتبطة أساسا بالمخابرات الصهيونية و الأمريكية لتقرر حكومتها المثلثة الأضلاع أو ما يسمى بالترويكا بإيعاز من المحمية الصهيونية القطرية قطع العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع سوريا و استقبال حثالة المتآمرين من قطر إلى السعودية و تركيا و إسرائيل ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية على تراب الخضراء في حركة و موقف قذر ليس مستغربا من عميلها المعروف ” الرئيس” محمد المنصف المرزوقي ، هذا الموقف المرتجل أو المخطط له حسب كل تفسير لم يكن منعزلا عن سياقات أكثر قذارة أخرى لأنه يأتي في إطار قطع سوريا عن محيطها العربي تنفيذا للرغبة الصهيونية لا غير .

لم يكن يسيرا على الشعب التونسي في تلك الفترة المحمومة التي حكمت فيها النهضة هذا الشعب بالحديد و النار و الاغتيالات و التعذيب و التشريد أن يخرج للشارع لمناهضة هذا الموقف الصهيوني القذر لحركة النهضة و “للرئيس”العميل المنصف المرزوقي ، لكن محبة الشام هي التي دفعت المتظاهرين إلى الخروج إلى الساحات العامة في تحد للجماعات الإرهابية التي حكمت البلاد مما دفع بالشمطاء هيلارى كلينتون إلى الاحتماء داخل النزل مقر الاجتماع و المغادرة فورا إلى بلدها تحت وابل من الشعارات المناهضة و الرافضة لهذا الاجتماع و لوجود منظومة “أصدقاء سوريا” بما فيهم ممثل مافيا السعودية و ممثل محمية قطر و ممثل الدولة العميقة التركية ، لم يكتف المتظاهرون بهذا الموقف العنيف المعبر بل تمادى ذلك إلى حرق العلم القطري النجس أسوة بالعلم الصهيوني في حركة معبرة بان العلم القطري لا يختلف في رمزيته القذرة عن رمزية الراية الصهيونية الكريهة .

لم يكن إرسال القاذورات الشيطانية التي ربتها النهضة طيلة عقود من الزمن و مولتها قطر و السعودية و إسرائيل لتباشر عملياتها الدموية في سوريا عملا عدوانيا مقيتا لا يدبره إلا هؤلاء الإخوان المفسدون فقط ، بل كان عملا “سياسيا” إن صح التعبير مقصود منه أن يضمر الشعب السوري الحقد و الكراهية للشعب التونسي و بذلك يضرب الصهاينة و عملائهم في المنطقة عصفورين بحجر واحد ، ضرب سوريا و إسقاط النظام من ناحية و ضرب النسيج الوجداني بين سوريا و تونس في تنفيذ حرفي لمخطط نشر الكراهية بين الشعوب العربية ، و لقد كان موجعا لمشاعر التونسيين الشرفاء أن تقابل سوريا و شعبها هذا الغدر الإخوانى بكم العفو و التسامح و أن يقرر الرئيس بشار الأسد العفو على كل السجناء الإرهابيين إكراما للوفد التونسي بل ستبقى كلمة مفتى الديار السورية الشيخ بدر الدين حسون عالقة في أذهان التونسيين حين نقل للوفد و للشعب التونسي عفو الشعب السوري عن هؤلاء الذين دفعت بهم النهضة إلى قتال أشقاءهم في لحظة تاريخية مريرة .

مقابل هذا الوجع الشعبي التونسي و هذا الإحساس الأليم المدمي للقلوب بعظمة الشعب السوري و شموخه و قدرته على التسامح الذي أخجل تونس بأكملها كان وجع الأعداء مخالفا و مضاعفا لأنهم فشلوا في ” مهمتهم ” القذرة بفصل وجدان الشعب السوري عن وجدان الشعب التونسي ، و لعل أكثر الأعداء إحساسا بهذا الوجع المضاعف هو رئيس القتلة التركي رجب اوردغان ، و هو الذي عملت آلته الجهنمية الصهيونية قناة الجزيرة و أباطرة التضليل فيها القرضاوى و بشارة و القاسم طيلة سنوات المؤامرة على تقسيم الوجدان العربي و دفعه إلى التشرذم و القطيعة خدمة للمشاريع الصهيونية العالمية و التي يمثل حزب العدالة التركي الحاكم أحد أذناب تنفيذها في المنطقة العربية منذ صعوده إلى حكم الدولة العثمانية الاستعمارية ، هذا ما لم يخف على الرئيس بشار الأسد حين صرح بأن تونس و مصر قد كسرتا حلم أوردغان في تأكيد بكون رئيس المقاومة العربية لم تختلط عليه الأمور و لم يأخذ الشعب التونسي بجريرة بعض العملاء القادمين من وراء البحار بعد الثورة ، هذا مهم في فهم قناعات الرئيس السوري و في تفسير أسباب انتصار سوريا و في فك شفرة عمق العلاقات التاريخية الراسخة بين الشعبين ، لذلك “فالرفاق” الخونة حائرون ، يفكرون ، يتهامسون …دعهم يفكرون …دعهم يفكرون .

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا